مقابر الأرقام
ويقول حسام الحاج حسن، عضو الهيئة الوطنية للبحث عن المفقودين «إن الهيئة تجري اتصالات مع الجهات الفلسطينية والأردنية والدولية للضغط على الحكومة الاسرائيلية لفتح مقابر الارقام التي تعتبر مناطق عسكرية مغلقة أمام عائلات الضحايا، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل».
ويضيف الحاج حسن: «إن فتح هذه المقابر سيكشف عن مصير مئات المفقودين الذين يمكن أن يكونوا قد دفنوا في هذه المقابر دون علم ذويهم، ومنهم شقيقي رياض الحاج حسن الذي أسر عام 1967 خلال معركة وقعت قرب قرية شعفاط، وتم احتجازه في السجون الاسرائيلية حتى بداية السبعينيات ومن ثم اختفت آثاره».
وذكرت مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى أن هناك نحو (80) جثة محتجزة من قبل سلطات الاحتلال تم دفنها في مقابر الارقام، وأن السلطات الإسرائيلية تحتجز جثامين لشهداء منذ أكثر من عامين ونصف، حيث لم تلق مطالبات ذويهم باستعادتها ودفنها آذاناً صاغية لدى السلطات الاسرائيلية.
جثامين الاستشهاديين
وأوضحت مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى أن عائلة الشهيد محمد أحمد مرمش من طولكرم، والذي نفذ عملية استشهادية في نتانيا بتاريخ 18/5/2001، ما زالت تنتظر استعادة جثته التي دفنت في مقبرة الارقام.
ويقول عمار مرمش شقيق الشهيد: «إن العائلة سلكت كافة الطرق القانونية واستعانت بمنظمة الصليب الأحمر وبمؤسسات حقوق إنسان إسرائيلية ومحامين من أجل الافراج عن جثمان ابنهم، لكن هذه المطالبات لم تفلح وجوبهت بتعنت اسرائيلي غير مفهوم أو مبرر».
ولم تقتصر سياسة احتجاز جثامين الشهداء على منفذي العمليات الاستشهادية، حيث تحتجز قوات الاحتلال الاسرائيلي جثماني الشهيدين هاني أحمد خربوش وعادل محمد حدايدة من مخيم طولكرم اللذين اغتالتهما الوحدات الخاصة في بلدة عتيل شمال طولكرم بتاريخ 6/6/2003، كما تحتجز جثمان الشهيد سرحان برهان سرحان من مخيم طولكرم الذي اغتيل في ذات المخيم بتاريخ 4/10/.2003
وتقول والدة الشهيد سرحان أن عائلتها حاولت من خلال مكتب الصليب الاحمر في مدينة طولكرم الحصول على جثمان ابنها لدفنه في مقبرة الشهداء في المخيم، لكن طلبها قوبل بالرفض من قبل السلطات الاسرائيلية، وأن الصليب الاحمر أبلغ العائلة أن سلطات الاحتلال دفنت جثمان الشهيد في مقابر الارقام.
وتذكر والدة الشهيد أن العائلة لم تكتفِ بالمطالبة، بل قامت بتوكيل محام اسرائيلي لهذه القضية، وأن المحامي طالب بأتعاب مقدارها 18000 شيكل تم حتى الآن دفع تسعة آلاف منها، وذلك بهدف رفع دعوى لدى المحكمة العليا الاسرائيلية للمطالبة باستعادة جثمان الشهيد.
معاناة يومية
وعلى الصعيد ذاته تتابع المؤسسة الاسرائيلية للدفاع عن الفرد (هموكيد) حالياً عدداً من القضايا ذات العلاقة بإعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين أمام محكمة العدل العليا الاسرائيلية.
وكانت مؤسسة هموكيد قد أصدرت تقريراً عام 1999 باللغتين العبرية والإنجليزية بعنوان «جثامين أسيرة» تحدثت فيه عن سياسة قوات الاحتلال المتمثلة باحتجاز الجثامين، حيث ورد في التقرير «أن سياسة حجز الجثامين تشكل مخالفة لأبسط المعايير الإنسانية ومعايير التعالم مع جثامين من يقتل من الأعداء أثناء المعارك، وبشكل يحرم ذوي الشهيد من إقامة جنازات وقبر أعزائهم، ومن وضع حد لمعاناتهم النفسية اليومية بانتظار استعادة الجثة لدفنها بالطريقة الدينية التي يؤمنون بها».
عقاب جماعي
وأورد التقرير أسماء 24 فلسطينياً قتلوا في عمليات مسلحة أو تفجيرية بين العامين 1994 و9919 ما زالت قوات الاحتلال تمتنع عن تسليم جثامينهم لذويهم حتى الآن، ومن بين الجثامين المحتجزة: جثتي الشهيدين الشقيقين عماد وعادل عوض الله من مدينة البيرة اللذين اغتالتهما القوات الإسرائيلية بتاريخ 10/9/1998.
وتضيف هموكيد في تقريرها: «إن هذه السياسة يمكن إدراجها في إطار سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها قوات الجيش بحق ذوي الشهداء منفذي العمليات كغيرها من السياسات كهدم المنازل واعتقال ذوي الشهيد».
وأوردت هموكيد رد سلطات جيش الاحتلال على هذه القضايا وعلى خطاباته، حيث جاء في الرد الصادر بتاريخ 10/3/1999 عن الناطق باسم سلطات الاحتلال قسم العلاقات مع الجمهور: «أن هذه القوات تقوم بدفن الجثامين المجهولة الأسماء أو المجهولة المعالم التي لا يعرف لها ارتباط عائلي، وأنها تقوم بتسليم الجثامين المعروفة لذويها»، وأضاف التقرير: «لكن السياسة الممارسة فعلياً من قبل هذه القوات تنقض هذا الادعاء، فعشرات الجثامين المحتجزة حالياً من قبل هذه القوات معروفة الأسماء والأنساب».
وينتقد ذوي الجثامين المحتجزة السياسات الفلسطينية والعربية في التعامل مع هذه القضية، فكما يقول حسام الحاج حسن شقيق أحد المفقودين: «إن المفاوضين الفلسطينيين لم يقوموا بإثارة هذه القضية مع الاسرائيليين، ولم يطالبوا بإعادة جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين».
ويضيف الحاج حسن: «هناك تقاعس من قبل المفاوضين أيضاً في إثارة هذه القضية لدى المحافل الدولية ولدى المنظمات الإنسانية، ويجب أن يعمل المفاوض الفلسطيني على وضع نهاية لقضية استعادة جثامين الشهداء، وأن تكون هذه القضية على رأس سلم أولويات المفاوض الفلسطيني ومنظمات حقوق الإنسان».