تقرير: الدعم العربي للسلطة الفلسطينية لا يرقى الى مستوى الوعود
ترجمة معا- كتب أحد المحللين في صحيفة الواشنطن بوست تحليلا مفصلا عن توقف العديد من الدول العربية المصدرة للنفط عن دعم السلطة الوطنية الفلسطينية منذ عام 2002 رغم الإرتفاع الحاد في أسعار النفط ورغم الظروف الصعبة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
يقول الكاتب: في العام 2002 كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 21 دولاراً، ومع هذا كانت حوالي عشرة دول عربية تساهم بما يقارب 660 مليون دولار لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية. أما الآن وبعد أن تضاعفت أسعار النفط أكثر من ست مرات، وبعد أن أصبحت السلطة الفلسطينية على شفى الإنهيار مالياً، لم يتبق سوى عدد قليل من الدول العربية تقدم جزءاً بسيطاً من الدعم, أقل مما وعدوا به وذلك بناءً على معطيات جمعتها الواشنطن بوست.
ومن بين 22 دولة عربية كانت قد وعدت بتقديم الدعم، ثلاث دول فقط أرسلت دعما ماليا هذا العام وهي الجزائر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، بينما لم ترسل الدول الغنية بالنفط مثل ليبيا والكويت وقطر أي شيء ولم توف هذه الدول بعد بما كانت وعدت به وهو تقديم 700 مليون دولار.
تستخدم السلطة الفلسطينية المساهمات التي تصلها لدفع رواتب العاملين في الوظائف العمومية من موظفي وزارة الصحة وغيرهم. وقد ساهمت دول أوروبا والبنك الدولي والولايات المتحدة بأكثر من ثلاثة أضعاف ما قدمته الدول العربية للسلطة الفلسطينية هذا العام للإبقاء على وجودها، لكن مسؤولين في اوروبا والبنك الدولي يقولون إن الأوروبيين والبنك الدولي استنفذوا مصادرهم وبهذا تبقى ميزانية السلطة الفلسطينية تحت وطأة عجز يبلغ 800 مليون دولار لما تبقى من العام 2008.
أصبح الوضع محبطا بالنسبة للولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية لأن حنفية المساعدات على ما يبدو قد أغلقت بعد انهيار حكومة الوحدة الوطنية التي كانت حماس جزءاً منها لأن الولايات المتحدة تصنفها على لائحة المنظمات الإرهابية. أما الحكومة الفلسطينية الجديدة فيسيرها قادة فلسطينيون معتدلون ممن يفضلون اللجوء إلى محادثات السلام مع إسرائيل.
وبعد تشكيل هذه الحكومة في العام 2007، تلقت ما لا يزيد على 73 مليون دولار من الدول العربية خلال النصف الثاني من العام 2007، مقارنة ب 371 مليون دولار قدمتها الدول العربية لحكومة الوحدة الوطنية في النصف الأول من نفس العام.
وكانت الولايات المتحدة قد مارست ضغطاً على الحكومات العربية للوفاء بما وعدت به تلك الحكومات، لدرجة أن وزيرة الخارجية كوندوليسا رايس وبخت الدول العربية علانية عندما قالت للصحفيين: "أقول بوضوح إن من يقطع وعداً يجب أن يفي به".
يقول مسؤول أمريكي آثر عدم الكشف عن هويته بسبب حساسيات دبلوماسية إن الدول العربية كان بإمكانها أن تقدم دعما أكبر للعملية السلمية التي انطلقت في مؤتمر أنابوليس الأخير في السنة الماضية وأن جهود تلك الدول كانت "ضئيلة بكل المقاييس."
وقال إنه أدهش بسبب عدم وفاء الدول العربية بالتزاماتها رغم أنها تمر بفترة رخاء بسبب الإرتفاع الخرافي في أسعار النفط.
وأضاف يقول: "ما أجد صعوبة في تفسيره هو لماذا لا يقدمون مزيداً من الدعم المالي،" مع علمهم أن الحكومة الفلسطينية تعيش عيش الكفاف. وقال إن أكثر من نصف الأموال تذهب إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وهذا يعني أنه حتى الفلسطينيين الذين يقعون تحت سيطرة حماس يعانون من عدم إيفاء الدول العربية بالتزاماتها المالية.
إحدى الدول العربية وهي قطر على ما يبدو أقفت الدعم عن السلطة الفلسطينية بمجرد أن سيطرت حماس على قطاع غزة وانهيار حكومة الوحدة الوطنية. وحاولت قطر تلك الدولة التي يملك بعض قادة حماس بيوتا فيها حاولت الوساطة بين حركتي فتح وحماس. وكانت قطر قد رفعت سقف مساهماتها المالية للسلطة الفلسطينية عندما كانت حماس شريكا في الحكومة بعد أعوام من الدعم المحدود أو حتى المنقطع.
هذا وتقدم الدول العربية أنواعا أخرى من الدعم المالي من خلال دعم مخيمات اللاجئين ومشاريع الإسكان، غير أن السلطة الفلسطينية باتت تعاني عجزا حادا في ميزانيتها. فقد طمحت الحكومة إلى جمع مليار و600 ألف مليون دولار من مصادر خارجية هذا العام غير أن الكمية المطلوبة أصبحت مليار و800 مليون دولار لأن المدفوعات يجب أن تكون بالشيكل الإسرائيلي الذي ارتفع بنسبة كبيرة مقابل الدولار ولأن الحكومة الفلسطينية أيضا تدفع الديون السابقة بنسبة أعلى تجنبا لحدوث إضرابات في القطاع العام.
يقول مسؤول عربي فضل عدم الكشف عن هويته إن هناك تخوفاً من أن تسيء السلطة الفلسطينية استخدام أموال الدعم رغم أن رئيس الوزراء سلام فياض محنك في الشؤون المالية من خلال عمله في صندوق النقد الدولي.
وينقل تقرير الواشنطن بوست عن السفير السعودي إلى واشنطن عادل الجبير قوله إن الإدعاء القائل بأن السعودية لم تف بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين عار عن الصحة.
ويذكر قائمة طويلة من المشاريع التي تنفذها المملكة في الأراضي الفلسطينية منذ عام 2002 ومنها سيارات الإسعاف والعيادات الطبية واللقاحات الطبية والزي المدرسي ومخيمات اللاجئين ومشاريع الإسكان وغيرها بقيمة مئات الدولارات.
يقول: "لقد أوفت السعودية تاريخياً بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين وستستمر في ذلك".