<$BlogDateHeaderDate$>
رؤية المواطنين الأمريكيين للعدوان الإسرائيلي على غزة

تقرير واشنطن - رضوى عمار
يلعب الرأي العام الأمريكي دورًا مهمًّا في رسم السياسات الأمريكية تجاه القضايا المختلفة، وقد شكل الاهتمام بتوجهات الشعب الأمريكي ورؤيته للعدوان الإسرائيلي على غزة مساحة واضحة من استطلاعات الرأي التي تقوم بها مؤسسات متخصصة تُعنى بتوجهات الرأي الأمريكي، مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسبوعه الرابع.

الأمريكيون والتغطية الإعلامية للعدوان على غزة :
أشار استطلاع للرأي قام به مركز أبحاث بيو The Pew Research Center إلى تقدم تغطية الصراع المتفاقم بين إسرائيل وحماس على عدد من القضايا الأمريكية الداخلية لاسيما الأزمة الاقتصادية وتولي أوباما السلطة في العشرين من الشهر الجاري. فقد أظهر الاستطلاع أن 28% من المستطلعين مهتمون بمتابعة أخبار الصراع القائم في غزة، كما أكد 18% منهم أنها كانت الأخبار الوحيدة التي يتابعونها.
ولاحظ الاستطلاع أن التغطية الإعلامية التي يقوم بها الإعلام الأمريكي عادلة تجاه إسرائيل بنسبة 43%، وفيما يخص حماس بنسبة 42%، غير أن نسبة كبيرة رأت أن الإعلام لم يركز بصورة كبيرة على حماس وذلك بنسبة 30 % مقابل 25% لإسرائيل.
هذا، في حين وجد عدد أقل أن الصحافة كانت تركز بصورة أكبر على إسرائيل بنسبة 16%، و على حماس بنسبة 8%. وأظهر الاستطلاع أن تأكيد عدد كبير من الديمقراطيين بنسبة 28% مقابل 15% من الجمهوريين أن الإعلام لم يكن يركز بصورة كافية على الأعمال الإسرائيلية، وعلى العكس من ذلك رأى 21% من الجمهوريين مقابل 12% من الديمقراطيين أن التغطية تركز بالأساس على إسرائيل. وجدير بالذكر أن الأحزاب الأمريكية تتشابه إلى حد بعيد في الآراء بشأن تغطية أعمال حماس في الصراع الحالي.




لا نرحب بدور أمريكي أكبر في صراع غزة :
كان هذا محور استطلاع للرأي قامت به مؤسسة جالوب نُشر في 9 يناير 2009 بعنوان "الأمريكيون لا يضغطون لدور أكبر في صراع غزة Americans Not Pressing for bigger role in Gaza Conflict" ، وقد أشارت استطلاعات الرأي في الفترة من 6- 7 يناير إلى أن 33% من الأمريكيين، يرون أن إدارة بوش عليها أن تقوم بأكثر مما تقوم به الآن لإنهاء الصراع. وفي الاستطلاع الذي تم إجراؤه في أول يومين بعد أن قتلت قذائف الهاون أكثر من 40 فلسطيني في مدرسة تخضع لرعاية الأمم المتحدة، رأى الأمريكيون أن إدارة بوش عليها أن توسع من دورها من أجل إنهاء صراع غزة وذلك بنسبة 33% مقابل 22% رغم أن حوالي 30% يقولون : إن الإدارة الأمريكية تقوم بالصواب لحل الصراع، إلى جانب ذلك أيد 52% من الأمريكيين الذين تم استطلاع آرائهم عدم القيام بدور أكبر.
وفي هذا الصدد تحدثت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس Condoleezza Rice عن رد فعل الإدارة على أزمة غزة ومحاولاتها الرامية لتعزيز فكرة أن يكون وقف إطلاق النار مزدوجًا، دائمًا، غير محدد، وهو ما يختلف عن وقف إطلاق نار فوري الذي يطالب به قادة العالم، وذلك ما يعكس دعم الإدارة لهدف إسرائيل في تقويض قدرة حماس على القيام بهجمات أخرى على إسرائيل. وقد أوضحت استطلاعات أخرى أن 50% من الليبراليين يريدون أن تقوم إدارة بوش بمزيد من الجهد لحل الصراع، وذلك مقارنة بـ32% من المعتدلين و24% من المحافظين.
وقد أوضحت استطلاعات رأي سابقة لجالوب أن الليبراليين أقل تعاطفًا للمحافظين الإسرائيليين في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. ومن ثم، يُفضل الليبراليون وقف إطلاق النار الفوري حتى لو لم يكن ذلك يخدم المصالح الإسرائيلية. وأشارت أيضًا إلى أن الديمقراطيين أكثر ميلاً من الجمهوريين في تفضيل قيام إدارة بوش بدور أكبر في حل الصراع، فـ45% من الديمقراطيين مقابل 18% من الجمهوريين يرحبون بدور أكبر لإدارة بوش في حل الصراع.
لاحظ استطلاع الرأي أن 29% من الأمريكيين يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية عليها أن تقوم بجهد أقل، مقابل 33% رأوا أنها تقوم بالصواب. وهو ما اختلف عندما كان السؤال متعلقًا ببوش، حيث كان هناك 11% نقطة فرق في الآراء حول إدارة بوش، فبينما رأى 33% أنه لابد أن تقوم إدارة بوش بمزيدٍ، وجد 22% أنها لابد أن تقوم بجهد أقل. وهو ما يرجع إلى أن الديمقراطيين والمستقلين يفضلون القيام بجهد أكبر عندما يركز السؤال على صورة إدارة بوش وليس الولايات المتحدة. فقد وجد 34% من الديمقراطيين و24% من المستقلين أهمية دفع الولايات المتحدة لبذل مزيد من الجهد تجاه حل الصراع في غزة، فـ45% من الديمقراطيين و33% من المستقلين يرون أهمية قيام بوش ببذل مزيد من الجهد. وذلك مقابل 28% من الجمهوريين يرون أهمية دفع الولايات المتحدة لبذل مزيد من الجهود تجاه حل الصراع في غزة.



تنازع الرؤى تجاه الدور الأمريكي:
أوضح استطلاع آخر للرأي قام به مركز أبحاث بيو بعنوان "ليس هناك رغبة في أن تقوم الولايات المتحدة بدور أكبر في الصراع No Desire for Greater U.S. Role in Resolving Conflict" نشر بتاريخ 13 يناير 2009، أن الأمريكيين لديهم رؤية مختلطة للحرب في قطاع غزة، وهي تكاد تتوافق مع رؤيتهم للصراع الإسرائيلي مع حزب الله في 2006. فعلى الرغم من استمرار التعبير عن الدعم العام القوي لإسرائيل، لا يحبذ الأمريكيون قرار إسرائيل بشن عمل عسكري في غزة، وذلك رغم النظر إلى حماس كمسئول أساسي عن اندلاع العنف.
وقد أجرى مركز أبحاث بيو للشعب والصحافة استطلاعه في الفترة من 7-11 يناير بين عينة تضم 1503 من البالغين تم الاتصال عليهم تليفونيًّا - الخطوط الأرضية وخطوط الهاتف الخلوي-. وقد أوضحت نتائج الاستطلاع أن الدعم العام لإسرائيل لم يقل بالحرب، وأن 49% يتعاطفون مع إسرائيل الآن في نزاعها مع الفلسطينيين. ويرى 41% من الأمريكيين أن حماس هي السبب في اندلاع العنف في مقابل 12% يرون أن إسرائيل هي السبب في اندلاع الحرب. ومع ذلك يتفق 40% فقط من الأمريكيين على قيام إسرائيل بالعمل العسكري في غزة، في مقابل 33% لا يحبذون العمل العسكري.
ويرى نصف الأمريكيين أن رد فعل إسرائيل على الصراع الحالي مع حماس صحيح، بينما يرى 24% أن إسرائيل قد تمادت في ردود أفعالها. وهناك دعم قليل بشأن دور أمريكي أكبر في حل أزمة غزة، فقط 17% يعتقدون أن الولايات المتحدة لابد أن تتدخل بصورة أكبر مما هو قائم الآن، بينما يرى 27% أنها لابد أن تقلل من تدخلها وحوالي 48% يرون أنها تفعل المناسب.




أوباما لابد أن يبقى بعيدًا :
تعرض باراك أوباما للانتقادات من كلا الجانبين في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني بسبب اجتنابه الحديث عن الصراع. فالمؤيدون للعرب أرادوا منه إدانة قتل المدنيين الفلسطينيين، والمؤيدون لإسرائيل أرادوا منه الدفاع عن حق إسرائيل في الرد على حماس. غير أن أوباما وجد أنه من غير المناسب له كرئيس منتخب إقحام آرائه في مثل هذه المسائل الدولية.
وقد أشار استطلاع الرأي إلى أن نسبة كبيرة من الأمريكيين تتفق مع أوباما فقد رأى 19% فقط أن عليه أن يعلن موقفًا حازمًا تجاه الصراع الدائر الآن، بينما يرى 75% من المستطلع آرائهم أن عليه الانتظار حتى يوم توليه الإدارة الأمريكية في العشرين من يناير الحالي. وقد كانت آراء الديمقراطيين والجمهوريين مطابقة تقريبًا بشأن هذا السؤال، فقط 19% من الديمقراطيين و18% من الجمهوريين يرون أن أوباما عليه إعلان موقفه الآن. غير أن الأغلبية الكبرى من كلا الجانبين كذلك المستقلين السياسيين يرون أن عليه الانتظار.




آراء الأمريكيين تبعًا لانتماءاتهم الحزبية :
أشار استطلاع الرأي إلى أن حوالي 3 إلى 1 (55% إلى 20%) من الجمهوريين انحازوا إلى قيام إسرائيل بالعمل العسكري في قطاع غزة. والمستقلين بحد أدنى (44% إلى 29% ) أيضًا حبَّذوا ما قامت به إسرائيل. وذلك على الرغم من أن غالبية الديمقراطيين بنسبة 45% لم ينحازوا إلى الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل في حين عبر 29% عن رأيهم الإيجابي. وقد رأى ثلثا الجمهوريين تقريبًا بنسبة 65% أن رد فعل إسرائيل في غزة كان صحيحًا بينما عدد قليل بنسبة 8% يرون إسرائيل قد تمادت في رد فعلها. وأقل من نصف الديمقراطيين بنسبة 45% يرون رد الفعل الإسرائيلي سليمًا وأكثر من الثلث بنسبة 36% يرون أنها أفرطت في رد فعلها.
وقد خلصت استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين يؤمنون بأهمية وجود مقعد للولايات المتحدة على المائدة الدبلوماسية، فهي ربما لا تريد أن ترى الولايات المتحدة تقود جهود السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، أو تخص الوقت والموارد الأخرى التي تحتاج إليها في الداخل. وقد امتدت تلك الانقسامات حول رد فعل الولايات المتحدة المناسب تجاه الأزمة. فغالبية الجمهوريين حوالي 56% يرون الولايات المتحدة الأمريكية عليها التزام بدعم إسرائيل بشكل عام، مقارنةً بـ37% من المستقلين و34% من الديمقراطيين. بينما يرى 42% من المستقلين و40% من الديمقراطيين أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس عليها أن تقوم بشيء في هذا الصراع.
على الجانب الآخر هناك اختلافات حزبية صغيرة في الآراء بشأن الدور الأمريكي في حل الصراع- فحوالي 18% من الديمقراطيين، و17% من المستقلين، و15% من الجمهوريين يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية عليها أن تتدخل أكثر مما تفعل الآن في حل الصراع بينما يرى 31% من الديمقراطيين و26% من المستقلين و20% من الجمهوريين أن الولايات المتحدة عليها التدخل بصورة أقل من الآن.
وبشأن التعاطف مع الشرق الأوسط، أظهرت الاستطلاعات أن الشعب الأمريكي أكثر تعاطفًا مع إسرائيل عن الفلسطينيين في صراع الشرق الأوسط، حيث يتعاطف 49% من الأمريكيين مع إسرائيل مقابل 11% يتعاطف مع الفلسطينيين، في حين نجد أن 15% لا يتعاطفون مع أي من الجانبين، ونسبة من ليس لديهم رأي تمثل 20%.
ويلاحظ أن هناك فجوة حزبية واسعة في التعاطف بشأن الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. فـ69% من الجمهوريين متعاطفون بشكل أكبر مع إسرائيل في صراع الشرق الأوسط مقارنة بـ47% من المستقلين و42% من الديمقراطيين.
علاوة على ذلك، فهناك اختلافات أيديولوجية جوهرية، ودينية، وعمرية بشأن الصراع في الشرق الأوسط. ثلاث أرباع الجمهوريين المحافظين بنسبة 75% يتعاطفون أكثر مع إسرائيل بينما 3% فقط يتعاطفون مع الفلسطينيين. ويلاحظ أن هناك تقارب في الآراء أكثر بين الجماعات الأيديولوجية. فقد أظهر الديمقراطيون الليبراليون عن مساحة أكبر من التعاطف مع إسرائيل: فقد وجد أن 34% من الديمقراطيين الليبراليين يظهرون تعاطفهم مع إسرائيل بينما يعبر 26% عن تعاطفهم مع الفلسطينيين. إلى جانب70% من الطائفة الإنجيليكية البيض يظهرون تعاطفهم لإسرائيل في مقابل 5% يتعاطفون مع الفلسطينيين. وحوالي نصف البروتستانت البيض بنسبة 48% والكاثوليك من البيض غير اللاتينيين بنسبة 50% يظهرون تعاطفهم مع إسرائيل، في حين يظهر 13% من البيض البروتستانت و10% من البيض الكاثوليك غير اللاتينيين تعاطفهم مع الفلسطينيين. وفيما يتعلق بغير المنتسبين لدين، فـ32% يعبرون عن تعاطفهم الكبير مع إسرائيل في صراع الشرق الأوسط، بينما 15% يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين و23% لا يتعاطف مع أي من الجانبين. وفيما يخص الفئة العمرية، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن من هم أقل من 30 سنة أقل تعاطفًا مع إسرائيل عن الأمريكيين الكبار الذين يظهرون تعاطفهم لإسرائيل عن فلسطين.