الصفحة الرئيسية
مرحبا بكم





رأفت الهجّان الجاسوس الاسطورة الذي اصبح أكبر مخادع...

مستشفيات القطاع فى خطر.....

«أبو جهاد» ليس اسماً... إنه كلمة السر.

بدائل لأوباما تجاه الاستيطان الإسرائيلي

فتاة جريحة تطالب المحكمة الدولية بالتحقيق في حرب إ...

تحقيقات الجيش الاسرائيلي لم تصل لادانة الجنود بحاد...

حاكايا من الحصار

الجامعة العربية وقممها في إحصائيات وأرقام

احصائيات وارقام من عالمنا العربى...

بعد 8 سنوات على الإنتفاضة: ( 65 ) ألف مواطن و( 750...




وكالة معا
وكالة فلسطين برس
وكالة فلسطين الان
المجموعة الفلسطينية للاعلام
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
شبكة فلسطين اليوم
Blogger
Google


حفار القبور
موسوعة كتب التخدير
مدونة علا من غزة
مدونات عربية
شمعة من أجل غزة
نسرين قلب الاسد
مؤسسة دكاكين
Google



جريدة القدس

جريدة الحياة الجديدة

جريدة الاهرام

صحيفة فلسطين

جريدة الايام


 


 




<$BlogDateHeaderDate$>
رأفت الهجان: كيف تحوّل إلى جاك بيتون وعاش بين يهود مصر؟(2 من3)

القاهرة - الصباح - بعد الخطوات الاولى في عالمه المخفي الذي قاده الى ان يصبح اكثر الجواسيس العرب صيتا، سعى رفعت الجمال الذي سيُعرف منذ الان بأسمه الحركي رأفت الهجان الى اختراق اسرائيل من بوابة اليهود المصريين. في هذه الحلقة الثانية التي كتبها صلاح الامام ونشرتها صحيفة "الجريدة" الكويتية تكشف سيرته التي كتبها بنفسه عن الخطوات التي كرسته "مغامرا يهوديا" اسمه جاك بيتون: في القاهرة، أعيد استجواب رفعت الجمال في قسم مصر الجديدة، واحتار الكل في شأنه، وافترض بعض الجنود والضباط وحتى المساجين أنه فعلاً يهودي مصري، وفجأة، زاره رجل غامض. تلك المحطة من سيرته ننقلها كما كتبها رفعت بنفسه في مذكراته، فهي الأهم في حياته، ونقطة التحوّل الكبرى في طريقه.

يقول رفعت: "رأيت في انتظاري رجلاً ضخم البنية، يوحي بالجدية، يرتدي ملابس مدنية، هادئ الصوت في ود حين يلقي أوامره، وجه كلامه للحارس الذي اصطحبني قائلاً: "يمكن أن تتركنا الآن وحدنا". اتجه ناحيتي وطلب مني الجلوس، فجلست وفي داخلي قلق حقيقي، يسيطر عليَّ مزاج عنيد وملل وضيق مما سيأتي، فقد سئمت وضقت ذرعاً من القيود التي وضعوني فيها، وعندما قدم لي الجالس قبالتي سيجارة ثنيت يدي في هدوء فانسلتا خارج القيد الحديدي. تردد الرجل لحظة، لكنه لم ينطق بشيء، ولم يستدع الحارس. جلس خلف مكتبه، الذي أجلس قبالته، وقد رسم على شفتيه ابتسامة وهو يتطلع إليَ، وقدم لي نفسه قائلاً: "اسمي حسن حسني من البوليس السياسي". قفزت إلى رأسي علامة استفهام كبيرة... ما علاقتي بالبوليس السياسي؟ المباحث الجنائية هي وحدها المسؤولة عن الجرائم التي يحاولون اتهامي بها، واستطرد الرجل قائلاً: "لا أستطيع أن أخاطبك باسمك لأنني لا أعرف أي إسم أستخدم من أسمائك الثلاثة، يجب أن تعرف أن قضيتك صعبة جداً، ليست المسألة خطورة جرائمك، بل لأننا ببساطة لا نعرف من أنت، إن الثورة في بلدنا لا تزال حديثة عهد، بلا خبرة أو استعداد، ونحن لا نستطيع إصدار وثائق إثبات الشخصية للجميع لأننا لا نملك الوسائل اللازمة ولا العاملين اللازمين لذلك، وكما ترى فإنني صريح معك، ولأنك حتى اللحظة مجرد مشتبه فيه، فالواجب يقضي بألا تبقى في الحجز أكثر من يومين، بعد ذلك لا بد من عرضك على قاض أو إطلاق سراحك، لكن يجب أن نتحفظ عليك الى أن تفصح لنا عن حقيقة هويتك، نحن في ثورة ولسنا على استعداد لتحمل أية أخطاء".

أنصت إليه بانتباه محاولاً تصوّر ما يرمي إليه، واستطرد قائلاً: "أود أن أغلق قضيتك، ما من أي بلاغ عن سرقة جواز سفر بريطاني باسم دانييل كالدويل، ولا أستطيع أن أفسر كيف ظهر في ملفك أنك يهودي باسم ديفيد أرنسون، ثم إن رفعت الجمَّال لا توجد اتهامات ضده ولا أبلغ هو عن سرقة أي شيكات سياحية، سأدعك تخرج إلى حال سبيلك شريطة أن أعرف فقط من أنت على حقيقتك، والآن ما قولك؟ قلت له: ألا تريد أن تخبرني لماذا أنت مهتم بي؟ واضح أنني لست هنا بسبب اتهام ما، وكان رده: أنا معجب بك، إجابتك أسرع مما توقعت". تصورت أنه ما دام من البوليس السياسي، وهو ما أصدقه، فليس من المنطقي أن يعرفني باسمه مع أول اللقاء إلا إذا كان على يقين من أمري، كان البوليس السياسي في ذلك الوقت فرعا من المخابرات، وعلى الرغم من ادعائه أنهم لا يملكون الإمكانات إلا أنهم كانوا يعملون بدأب شديد، استطرد قائلاً: أنا مهتم بك، فقد تأكد لنا أنك قمة في الذكاء والدهاء، لقد أثرت حيرة الرسميين إزاء الصور التي ظهرت عليها حتى الآن، قد تكون إنكليزياً أو يهودياً أو مصرياً، غير أن ما أثار اهتمامي كثيراً بشأنك هو أن أحد رجالنا الذين دسسناهم بينكم في حجز الإسكندرية أفاد بأن جميع النزلاء اليهود الآخرين اعتقدوا عن يقين أنك يهودي، ودهشت للطريقة التي يعملون بها، لقد وصل بهم الأمر إلى حد وضع مخبرين داخل السجن للتجسس على الخارجين على القانون، وواصل حسن حسني حديثه قاصداً مباشرة إلى ما يرمي إليه فقال: "يجب التزام الحذر، أعداء الثورة في كل مكان ويريدون دفع مصر مرة ثانية إلى طريق التبعية للأجانب وكبار الملاك الزراعيين، بيد أن ذلك موضوع آخر، فأنت كإنكليزي لا يعنيك ذلك في كثير أو قليل، وأنا على يقين من أنك لا تضمر كراهية للشعب المصري"، انفجرت فجأة قائلاً: "إنها إهانة فأنا مصري، وحريص الحرص كله على مصر وشعبها". صرخت بأعلى صوتي لهذه الإهانة التي وجهها لي، وما إن انتهيت من ثورتي الغاضبة حتى أشعل سيجارة وابتسم ابتسامة المنتصر... وعرفت أنني وقعت في المصيدة التي نصبها لي، عرفت أنه انتصر عليّّ، فقد استفزني إلى أقصى الحدود ليجعلني أظهر على حقيقتي، واستطاع ببضع كلمات عن أعداء مصر أن يجعلني أكشف الستر عما أخفيته، ثم قال لي: "أنا فخور بك، أنت مصري أصيل، أطلب منك أن تخبرني شيئاً واحداً وبعدها سأعترف لك بالسبب في أنك هنا، ولماذا أنا مهتم بك أشد الاهتمام، كيف نجحت في جعل اليهود يقبلونك كيهودي؟". أجبت قائلاً: "تلك قصة طويلة، وأنا واثق من أنك لا تريد سماعها"، وكانت إجابته: "جرَّب... لدي متسع من الوقت"، سألته: "وفيم يهمك ذلك؟"، قال هادئاً: "لأنني بحاجة إليك، ولدي عرض أريد أن أقترحه عليك". ربما كنت أنتظر هذه اللحظة، إذ سبق لي أن عشت أكاذيب كثيرة في حياتي، وبعد أن قضيت زمناً طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسروراً الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخص ما".

الجمال يحكي

هكذا شرعت أحكي لحسن حسني كل شيء عني منذ البداية، كيف قابلت كثيرين من اليهود في ستوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكياتهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلاً، وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ثم أخيراً في مصر، بسطت له كل شيء في صدق، إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثّل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته، بعد أن فرغت من كلامي اتسعت ابتسامة حسني أكثر مما كانت وقال لي: أنت إنسان مذهل، لقد اكتسبت في سنوات قليلة خبرة أكبر بكثير مما اكتسبه شيوخ على مدى حياتهم، أنت بالضبط الشخص الذي أبحث عنه، يمكن أن نستفيد منك استفادة حقيقية، وكان سؤالي هذه المرة: ما الذي تريدني من أجله؟ أجاب قائلاً: كما قلت لك من قبل هناك مشكلات خارجية كثيرة تواجه مصر، وتوجد في مصر أيضاً رؤوس أموال ضخمة يجري تهريبها، والملاحظ أن أجانب كثيرين، خصوصا اليهود هم الذين يتحايلون لتهريب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد، يمكنهم تحويل مبالغ بسيطة بشكل قانوني، غير أنهم نظموا فرقاً تخطط وتنظم لإخراج مبالغ ضخمة من مصر، واليهود هم الأكثر نشاطاً في هذا المجال، إن إسرائيل تأسست منذ خمس سنوات مضت، وهناك كميات ضخمة من الأموال تتجه إليها، ونحن ببساطة لا نستطيع تعقّب حيلهم، ومن ثم فنحن نريد أن نغرس بينهم شخصاً ما، يكتسب ثقتهم ويطمئنون إليه وبذا يكتشف حيلهم في تهريب أموالهم إلى خارج البلاد، كذلك يكشف لنا عمن وراء ذلك كله، نريد أن نعرف كيف تعمل قنوات النقل التي يستخدمونها وكل شيء آخر له أهمية، وأنت الشخص المثالي لهذا العمل، الشخص الذي نزرعه وسطهم لا بد من أن يكون يهودياً، ولقد استطعت إقناعهم بأنك كذلك، ما رأيك؟.. هل أنت على استعداد لهذه المهمة؟.

حدقت فيه كأنه نزل إليّ من السماء، لم أشعر بالاطمئنان، ولم تكن لديّ فكرة عما أنا مزمع عمله، أوضح لي أنني أفضل فرس رهان بالنسبة إليه. أضاف أنهم سوف يتولون تدريبي، وإيجاد قصة جيدة الإحكام لتكون غطاء لي، ثم يضعونني وسط المجتمع اليهودي في الإسكندرية، سألته: وماذا يعود عليَّ أنا من هذا؟ فقال: "سنمحي ماضي رفعت الجمَّال تماماً، ونسقط الإجراءات القضائية الأولية لإقامة الدعاوى ضدك بسبب جوازات السفر المزورة، والبيانات الشخصية عن علي مصطفى، وشارلز دينون، ودانييل كالدويل، وأية أسماء أخرى سبق لك أن استعملتها، كذلك سنسقط أية اتهامات أخرى ضدك، وسوف تستعيد قيمة شيكاتك السياحية، أو تكتب بالإسم الذي تتخذه لنفسك وتعيش به كيهودي، هل نعقد الصفقة معاً؟". عدت لأسأله: "هل لي حق الاختيار؟"، فقال: "من حيث المبدأ لك الخيار، فإذا كنت اعتدت على حياة السجن، فمن المؤكد أنك تستطيع اختيار هذا لأن السجن سيكون هو مكانك ومآلك زمناً طويلاً ما لم تسقط الاتهامات ضدك". فقلت: "وكيف نبدأ إجراءاتنا؟"، قال: "من هنا إذا ما قبلت عرضنا، سنشرع في تدريبك فورا، سيكون لك تدريب مكثف ويحتاج إلى زمن طويل، وسوف تكون لك شخصية جديدة وتنسى ماضيك تماماً، وما أن توضع في مكانك الجديد حتى تغدو مسؤولاً عن نفسك، لن يكون لنا دور سوى دعمك بالضرورات، ولن نتدخل إلا إذا ساءت الأمور، أو أصبح الوضع خطراً". جلست في مكاني أفكر في الفرص المتاحة لي، مدركاً أنه لا خيار آخر أمامي إذا لم أشأ دخول السجن، لقد أوقع بي حسن حسني حيث أراد لي، ولا حيلة لي إزاء ذلك، وقفت وبسطت يدي لأصافحه موافقاً وأنا أقول له: حسن.. أظنك أوقعت بي حيث تريد لي أن أكون، إذن لنبدأ، أجاب وعلى شفتيه ابتسامة: "أنا سعيد جداً أن أسمع منك ذلك". بدأت فترة تدريب مكثف، شرحوا لي أهداف الثورة وفروع علم الاقتصاد، وتعلمت سر نجاح الشركات متعددة القوميات، وأساليب إخفاء الحقائق بالنسبة الى مستحقات الضرائب، ووسائل تهريب الأموال، وتعلمت بالإضافة إلى ذلك عادات اليهود وسلوكياتهم، وتلقيت دروساً مكثفة في اللغة العبرية كذلك تعلمت تاريخ اليهود في مصر وأصول ديانتهم، وعرفت كيف أمايز بين اليهود الإشكيناز والسفارديم والشاريد، وحفظت عن ظهر قلب الشعائر اليهودية وعطلاتهم الدينية حتى أنني كنت أرددها وأنا نائم، وتدربت أيضاً على كيفية البقاء على قيد الحياة معتمداً على الطبيعة في حالة إذا ما اضطرتني الظروف إلى الاختفاء فترة من الزمن، وتدربت بعد هذا على جميع عادات الشرطة السرية للعمل بنجاح متخفياً، وأخيراً تقمصت شخصيتي الجديدة.

جاك بيتون

"أصبحت منذ ذلك التاريخ جاك بيتون، المولود في 23 أغسطس (آب) عام1919 في المنصورة، من أب فرنسي وأم إيطالية، وأسرتي تعيش الآن في فرنسا بعد رحيلها عن مصر، وهي أسرة كانت لها مكانتها وميسورة الحال، وديانتي هي يهودي إشكنازي، وتسلمت وثائق تحمل اسمي الجديد والتواريخ الجديدة". هكذا ذكر رفعت الأمر، في مذكراته الشخصية... وهكذا انتهى رفعت الجمَّال رسمياً، ليولد جاك بيتون، الذي انتقل للعيش في الإسكندرية، ليقيم في حي يكثر فيه اليهود، ويحصل على وظيفة محترمة، في إحدى شركات التأمين، وتدريجيا بدأت ثقته في نفسه تزداد، وبدأ يتعايش كفرد من الطائفة اليهودية، التي قدمه إليها زميل الحجز السابق ليفي سلامة، والذي قضى معه بعض الوقت، عندما أُلقي القبض عليه، عند الحدود الليبية.

في مذكراته يكشف لنا رفعت جانباً لم يتطرق إليه المسلسل التلفزيوني على نحو مباشر أبداً، إذ تباغتنا المفاجأة بأنه قد انضم، أثناء وجوده في الإسكندرية، إلى الوحدة اليهودية 131، التي أنشأها الكولونيل اليهودي إفراهام دار، لحساب المخابرات الحربية الإسرائيلية، والتي شرع بعض أفرادها في القيام بعمليات تخريبية ضد بعض المنشآت الأميركية والأجنبية، على نحو يجعلها تبدو كما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، في ما عرف بعدها باسم "فضيحة لافون"، نسبة إلى إسحاق لافون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك. في الوحدة 131، كان رفعت زميلاً لعدد من الأسماء، التي أصبحت في ما بعد شديدة الأهمية والخطورة، في عالم المخابرات والجاسوسية، مثل مارسيل نينو، التي أقام علاقة معها لبعض الوقت، وماكس بينيت، وإيلي كوهين، ذلك الجاسوس الذي كاد يحتل منصباً شديد الحساسية والخطورة في سورية، (أفردنا له الحلقات 6 و7 و8 من السلسلة) وغيرها.

نقطة تحول

تبدو مذكرات رفعت الجمال في هذا الجزء بالذات، مدهشة بحق، فهي تخالف كل ما قرأناه أو تابعناه، بشأن عملية سوزانا، أو فضيحة لافون, إذ توحي بأن كل شيء كان تحت سيطرة جهاز مكافحة الجاسوسية منذ البداية، وأن حسن حسني، ومن بعده علي غالي، الذي تولى أمر رفعت، في مرحلة تالية، كانا يتابعان نشاط الوحدة 131 طوال الوقت، وأن معلومات رفعت، التي كان ينتزعها من قلب الوحدة، كانت سبباً أساسياً في إحباط العملية كلها، وإلقاء القبض على المشاركين فيها، فلم تكن الصدفة التي وقعت لأحد هؤلاء المخربين حينما انفجرت عبوة بجراب نظارته أمام سينما ريو بالإسكندرية هي سبب اكتشافهم، فلقد كان رفعت مزروعا في داخل الفرقة وعن طريقه كانت أجهزة الأمن المصرية تعرف كل شيء عنهم، ولقد ألقي القبض على رفعت وإيلي كوهين، كأفراد في الوحدة 131، ثم أطلق سراحهما فيما بعد، لعدم وجود ما يدينهما، فاختفى بعدها كوهين الذي غادر مصر وحدث ما نشرناه سلفا، في حين بقي رفعت ليواصل الحياة لبعض الوقت باسم جاك بيتون، الذي لم يتطرق إليه الشك حتماً، بدليل أن الإسرائيليين اتهموا عضواً آخر من الوحدة 131 بكشف أسرارها، وهو بول فرانك، الذي حوكم بالفصل، فور عودته إلى إسرائيل وصدر ضده الحكم بالسجن لاثني عشر عاماً، وحتى ذلك الحين، وكما يقول رفعت في مذكراته، كانت مهمته تقتصر على التجسس على مجتمع اليهود في الإسكندرية، لكن عقب نجاح عملية الوحدة 131 استُدعي إلى القاهرة، ليلتقي بالضابط الجديد علي غالي، الذي واجهه لأول مرة بأنه نجح تماماً في مهمته، وأن الخطة ستتطور، لتتم الاستفادة به أكثر خارج مصر، خصوصًا أن سمعته كفرد سابق في الوحدة 131، ستخدع الوكالات اليهودية، وستدفعها للتعامل معه كبطل.

عن تلك اللحظات الحاسمة في حياته، يقول رفعت في مذكراته: "نقطة تحوّل خطيرة في حياتي، لم أكن أتصور أنني ما أزال مديناً لهم، لكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات، فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد، فليس ثمة مكان للاختباء في إسرائيل، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائياً، والمعروف أن إسرائيل لا تضيع وقتاً مع العملاء الأجانب، إذ يستجوبونهم ثم يقتلونهم، ولست متشوقاً إلى ذلك، لكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمّصته كما لو كنت أمثل دوراً في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور جاك بيتون، أحببت اللعبة. الفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية، وقلت في نفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا؟ لقد اعتدت دائماً وبصورة ما أن أكون مغامراً مقامرا اًو أحببت مذاق المخاطرة، وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي، سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف، إما أن يقبض عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة أوسكار، وكنت مقتنعاً أيضاً بأني أعمل الصواب من أجل مصر وشعبها"، قلت لغالي: "إذا كنت تعتقد أنني قادر على أداء المهمة فإني لها"، ثم كان السؤال الثاني: "كيف نبدأ؟"، فقال: "سوف يجري تدريبك على العمل على الساحة الدولية، كل ما تتعلمه يجب أن يسري في دمك، ذلك سر اللعبة، أنت مخرج عرضك المسرحي وإما أن تنجح فيه بصورة كاملة، أو تواجه الهلاك". تصافحنا علامة الموافقة، وبدأت جولة تدريب مكثف، ودرست تاريخ اليهود الأوروبيين والصهيونية وموجات الهجرة إلى فلسطين".