الصفحة الرئيسية
مرحبا بكم





ناشطة سلام يهودية تعلن إسلامها عقب سجنها عامين في ...

عملية جراحية ناجحة لهنية عباس..هل تكون سببا في تحق...

أتعرفون من هذا ..؟????

ألف يوم على حصار غزة

ألف يوم على حصار غزة

افاق ضيقة للسلام الاقتصادي في ظل الاحتلال

إنفلونزا الخنازير تصل غزة

إحصائيات فلسطينية: معاقو فلسطين الأعلى نسبة في العالم

الحق الحصري في الموت مجانا

نهضة الغرب على أكتاف العرب





مارس 2008 أبريل 2008 مايو 2008 يونيو 2008 يوليو 2008 سبتمبر 2008 ديسمبر 2008 يناير 2009 مارس 2009 أبريل 2009 مايو 2009 يونيو 2009 يوليو 2009 أغسطس 2009 سبتمبر 2009 أكتوبر 2009 نوفمبر 2009 ديسمبر 2009 فبراير 2010 مارس 2010 أبريل 2010 مايو 2010 يونيو 2010




وكالة معا
وكالة فلسطين برس
وكالة فلسطين الان
المجموعة الفلسطينية للاعلام
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
شبكة فلسطين اليوم
Blogger
Google


حفار القبور
موسوعة كتب التخدير
مدونة علا من غزة
مدونات عربية
شمعة من أجل غزة
نسرين قلب الاسد
مؤسسة دكاكين
Google



جريدة القدس

جريدة الحياة الجديدة

جريدة الاهرام

صحيفة فلسطين

جريدة الايام


 


 




<$BlogDateHeaderDate$>
«أبو جهاد» ليس اسماً... إنه كلمة السر.

على بعد حوالي 20 كيلومتراً شرقي العاصمة التونسية تونس، تقع منطقة
حمام الشط.
قرية هادئة وجميلة تطل على خليج تونس، ومنذ نهاية عام 1982 أصبحت مقر منظمة التحرير الفلسطينية (PLO) العسكري والسياسي، ومقر حكومتها في المنفى بعدما أجبرت المنظمة على ترك مقرها في بيروت عام 1982 حيث حاصرها الجيش الإسرائيلي وشن عليها حرباً مدمرة، فعرض الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة على الفلسطينيين هذه المنطقة لتكون ملاذاً لهم. شهد هذا المكان الهادئ ليلة 16 أبريل (نيسان) عام 1988 تسلل فريق «كوماندوز» إسرائيلي واغتيال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية خليل إبراهيم محمود الوزير المعروف باسم «أبو جهاد»، على بعد حوالي 2500 كيلومتر من إسرائيل لتبرهن الأخيرة للعالم قدرتها على الوصول إلى أي هدف يهدد أمنها.
مصير «أبو جهاد» تقرر لأسباب كثيرة، إذ وجد الإسرائيليون أنه يؤدي دوراً حرجاً في الانتفاضة الفلسطينية، فقد كان «مهندسها» و{منظرها»، ثم اكتشفت المخابرات الإسرائيلية أنه يوجه شخصياً العمليات في الضفة الغربية وغزة بإرسال نداءات تمر عبر دائرة اتصالات عالمية في جنيف وفي المدن الأوروبية الأخرى لإخفاء منشأ الاتصالات. كان «أبو جهاد» همزة الوصل بين قيادات المنظمة والانتفاضة، والمسؤول عما يحدث في الأرض المحتلة مدة 15 عاماً، وكان شباب الانتفاضة يحترمونه، فقد قاتل ضد إسرائيل شخصياً، على عكس الرئيس الراحل ياسر عرفات و{أبو إياد» و{أبو اللطف» وغيرهم.
وفقاً لمعلومات المخابرات الإسرائيلية كان «أبو جهاد» يخطط للمرحلتين الثانية والثالثة من الثورة، أي إقامة حكومة فلسطينية في الظل في الأرض المحتلة، لتصبح الضفة الغربية وغزة في وضع يتعذر فيه حكمهما. ولد خليل الوزير في عام 1936 لأسرة غنية تسكن مدينة رام الله، وكانت فلسطين آنذاك تقع تحت الوصاية البريطانية، وبعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948 طردت أسرة «أبو جهاد» من رام الله ولجأت إلى غزة، حيث أكمل الوزير دراسته، ثم نزح إلى مصر وهو في العشرين والتحق بجامعة القاهرة، وهناك التقى بياسر عرفات، ونشأت بينهما صداقة استمرت حتى فرق الموت بينهما. بعد تخرجه استقر في الكويت، واشتغل مدرساً، ثم تزوج بابنة عمه انتصار التي عرفت بعد ذلك بلقب «أم جهاد» وكانت ترأس صندوق الشهداء التابع للمنظمة. وبعد إنشاء منظمة «فتح» عام 1964 انتقل إلى دمشق، وأصبح المسؤول المالي فيها، وأخذ لقب «أبو جهاد».
تعرّض «أبو جهاد» في سورية للسجن والاضطهاد، وقتل رجال الأمن السوريون ابنه نضال أمام عينيه بإلقائه من الطابق السادس.
بعد خروجه من السجن انتقل إلى الأردن، حيث ساعد في إقامة «فتح» وساهم في نموها وازدهارها وتعظيم دورها.
بعد طرد المنظمة من الأردن عقب أحداث «أيلول الأسود»، تولى «أبو جهاد» السيطرة العامة على تنظيماتها العسكرية والعمليات المسلحة، خصوصاً فرق المجموعات الخاصة الخارجة عن المنظمة، وقائمة العمليات الخاصة ضد إسرائيل التي خطط لها {أبو جهاد} وأشرف على تنفيذها سنوات طويلة.
فهو المسؤول عن عملية نسف خزان زوهر (1965)، وعن نسف خط أنابيب المياه الرئيس (1965)، وعمليات أخرى كثيرة نذكر منها:
- عملية فندق «سافواي» في تل أبيب التي قتل فيها 10 إسرائيليين في عام 1975.
- اغتيال ألبرت ليفي كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس في عام 1976.
- عملية «دلال المغربي» التي قتل فيها 137 إسرائيلياً في عام 1978.
- محاولة قصف ميناء إيلات براجمات صواريخ ثقيلة محملة على ظهر سفينة تجارية في عام 1979.
- عملية «الدبويا» التي أدت إلى سقوط ستة قتلى و16 جريحاً في عام 1980 بمنطقة الخليل.
- قصف المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة عام 1981.
- أسر ثمانية من جنود الجيش الإسرائيلي أيام غزو لبنان في 4 سبتمبر (أيلول) عام 1982 والاحتفاظ بهم ومبادلتهم في طرابلس بإطلاق سراح جميع المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين، وكان عددهم خمسة آلاف.
- اقتحام مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور وتفجيره في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 198، وقتل 76 ضابطاً وجندياً من قوات الجيش الإسرائيلي، من بينهم 12 ضابطاً من ذوي المراكز الكبيرة.
- توجيه حرب الاستنزاف والعمليات الفلسطينية اللبنانية المشتركة ضد قوات الغزو منذ عام 1982 وحتى عام 1984.
{أبو جهاد} هو الذي خطط ووجه لاقتحام وزارة الدفاع الإسرائيلية، حين انطلقت من الجزائر في 21 أبريل (نيسان) عام 1985 سفينة شحن تجارية كبيرة، تحمل 20 فدائياً انتحارياً، بخلاف طاقم السفينة، لإنزالهم أمام شواطئ تل أبيب، ثم التوجه بعد ذلك إلى مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في منطقة «الهاكرياه» وأسر كبار الضباط والعاملين في الوزارة بما فيهم إسحاق رابين نفسه الذي كان آنذاك وزيراً للدفاع، وعلى رغم أن هذه العملية لم تنجح تماماً، إلا أنها كانت بالنسبة إلى القيادة الإسرائيلية ناقوس خطر مرعب، وكانت تمثّل خرقاً لقواعد الصراع بين الطرفين التي تقضي بعدم المساس بقادة الصف الأول.
يضاف إلى هذا السجل النضالي الحافل دور «أبو جهاد» في قيادة الانتفاضة الشعبية التي انطلقت شرارتها على أرض فلسطين في 9 ديسمبر من العام 1987.
وبدءاً من يوم 20 من الشهر نفسه، بدأ أبطال الانتفاضة يتحركون طبقاً لبرنامج «أبو جهاد» الذي تألف من 10 نقاط، حدد فيها المناضل مهام الانتفاضة وواجباتها على الصعيدين التنظيمي والسياسي، وبث بياناته إلى الأراضي المحتلة عبر إذاعة «صوت الثورة» من بغداد وعبر الصحف ووكالات الأنباء، وأجهزة الهاتف والفاكس، ووسائل الاتصال المتاحة كافة، فأدركت أجهزة الأمن الإسرائيلية مدى خطورة «أبو جهاد»، بعدما لمست تفاعل والتزام الانتفاضة ببرنامجه وتوجيهاته، وأجمعت التقارير الأمنية الإسرائيلية على أنه يسعى إلى تحويل الانتفاضة إلى استراتيجية حرب استنزاف طويلة.
أسطورة ديمونا
أنشأ مفاعل ديمونا في نهاية الخمسينات بمساعدة الخبرات الفرنسية، وأُنجز تماماً في عام 1963، فبدأت المعلومات تتسرب بدءاً من عام 1966 عن نجاح إسرائيل في تصنيع قنبلة ذرية، ويوماً تلو آخر كانت القصص والحكايات تكثر وتتضخم عن هذا المفاعل القابع تحت أرض مدينة ديمونا في صحراء النقب جنوب فلسطين، واتخذت الحكايات حول هذا المبنى المرعب شكل الأساطير، وكان الملف يتضخم على مكتب «أبو جهاد».
في ملف ديمونا اكتشف «أبو جهاد» أن مصر في عهد الزعيم جمال عبد الناصر أعدّت خطة هجومية حملت اسماً كودياً هو «فجر» للهجوم على منطقة النقب الإسرائيلي وميناء إيلات لعزل منطقة الجنوب وتدمير المفاعل، وحشدت مصر قوات كبيرة لتنفيذ الخطة، تضم لواء مشاة، ولواء مشاة آخر مستقل، ومدفعية، ومدفعية ميدان، ومدرّع، وكتيبة هاون، وكتيبة مضادة للدبابات، وسرية مهندسين، وسرب من قاذفات اللهب، وسرية كيماوية، وقوات جوية مساعدة تقدر بقوة تسع طلعات سرب مقاتل قاذف، وطلعة سرب، وطلعة سرب قاذف خفيف، وقطع بحرية تضم لنشات صواريخ لتدمير مدفعية العدو الساحلية وقصف مستودعات الوقود ومنشآت الميناء، وكان مقررا أن تستمر العملية مدة ثلاثة أيام، لكن الأحداث جرت على غير ما توقعت القيادة المصرية، فكانت حرب يونيو التي أجهضت كل شيء.
سجل «أبو جهاد» في ملف ديمونا أيضاً ما ذكره رابين من أن الرقابة الأميركية على المفاعل انتهت في عام 1969، وسجل ما نشر في يناير (كانون الثاني) من عام 1976 من أن وكالة المخابرات تؤكد أن إسرائيل تملك القنابل النووية منذ عام 1974، وأصبح الشك يقيناً يوم 5 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1986، حينما نشرت «الصنداي تايمز» على لسان الخبير النووي الإسرائيلي بمفاعل ديمونا موردخاي فانونو أن إسرائيل تملك حوالي 200 قنبلة نووية، ودعم فانونو أقواله بالصور والوثائق، وأصبح الأمر خطيراً جداً لا مجال فيه للعبث أو المزاح.
من بين 2000 ملف في حوزة «أبو جهاد» اختار ملف ديمونا، فهي بالنسبة إلى إسرائيل ليست هدفاً عسكرياً فحسب، ولا هي مجرد مفاعل نووي، إنها سر أسرار الدولة العبرية، وخطها الأحمر، ورمز حصنها الحصين الذي لم يُخترق أبداً، وهي درة تاجها التي يزهو بها حكام آل صهيون وجميع يهود العالم...
اتخذ «أبو جهاد» قراراً خطيراً للغاية، وكان هدفه صعباً إلى حد الاستحالة... فالهدف كان ديمونا.
مفاعل ديمونا في مكان لا تشابهه في تحصيناته منطقة على وجه الكرة الأرضية، فغير مسموح حتى للطيور أن تحلّق في سمائه:
دائرة قطرها 50 كيلومتراً، محاطة بسياج أمني.
أما مبنى المفاعل نفسه فمحصن بنائياً بالإسمنت المسلح المقاوم للقصف الجوي، وجميع أقسامه الفنية مقامة تحت الأرض بعمق ستة طوابق كاملة.
سماء ديمونا كانت محروسة دائماً بشبكة محكمة من الرادارات الحديثة والدفاعات الأرضية الصاروخية والمدفعية، ومنصات صواريخ هوك، ومدافع الطائرات 40 مللي المضادة، ومدافع 30 مللي، فضلاً عن أسراب الطائرات الاعتراضية الجاهزة للانطلاق دائماً خلال ثوان من مطار ديمونا العسكري المتاخم للمفاعل، إلى جانب الطائرات التي تنطلق من ثلاثة مطارات أخرى حوله أنشأتها الولايات المتحدة لإسرائيل في صحراء النقب كنوع من التعويض أو الترضية لها بعد انسحابها من سيناء.
كذلك لا تخلو سماء ديمونا من طائرات الإنذار المبكر بعيدة المدى التي تطير في السماء مدة أربع ساعات كاملة، ويصل مدى كشف رادارها إلى حوالي 360 كيلومتراً في مختلف الاتجاهات والارتفاعات.
أما على الأرض فيتوافر نظام آخر من شبكات الحواجز المعقدة، التي تضم منظومة من الرادارات تكشف حركة الأفراد والآليات، موزعة على نقاط ثابتة وأخرى متحركة لتغلق الدوائر المحيطة بديمونا كافة، وتكشف حركة الأفراد أو الآليات المهاجمة.
كذلك تتوافر أجهزة «الجيوفون» التي تلتقط الذبذبات الأرضية الناشئة عن سير الأفراد والآليات، إضافة إلى أجهزة «الشم» التي تسحب كميات من الهواء الجوي المحيط بالمفاعل، وتحللها كيميائياً بصورة مستمرة بهدف الكشف عن روائح جسم الإنسان وإفرازاته.
يضاف إلى ما سبق، أجهزة إنذار تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وتلتقط التغيرات الحرارية حول منطقة المفاعل، والحرارة المنبعثة من جسم الإنسان أو من محرك أي آلية، ويوجد حول المفاعل دائرة مغلقة من أجهزة الإنذار المغناطيسية، التي تظهر لأجهزة المراقبة أي أسلحة أو مفرقعات.
تتوافر أيضاً شبكة الأسلاك الإلكترونية الدقيقة جداً، التي لا تراها العين مثل خيوط العنكبوت الدقيقة، لكن إذا اخترقها أي جسد تدق نواقيس الخطر في أجهزة الإنذار كافة، والأجهزة والشبكات المرتبطة بغرفة مركزية للتحكم والمراقبة والتحليل والإنذار.
المهرة الزرقاء
حدد «أبو جهاد» ديمونا هدفاً له، وهو يعلم الوسائل والأساليب الأمنية المحيطة به، ويعلم أن ما هو معلن قد يكون أقل بكثير مما هو غير معلن.
كانت ديمونا منطقة محرمة على الجميع، بما في ذلك كبار قادة الجيش الإسرائيلي وكبار ساستها، بل وكبار الحاخامات الذين تفتح أمامهم الأبواب كافة... إلا ديمونا كانت أبوابها موصدة أمام الجميع.
لم يعلن «أبو جهاد» في خطته عن استخدام طائرات أو صواريخ أو مدافع، بل اعتمد على ستة أفراد شجعان، ثلاثة سيدخلون إلى أعماق المفاعل مخترقين الحواجز الأسطورية، بمساعدة الثلاثة الآخرين.
كان الحصان المجنح الذي سيمتطيه الفرسان لاختراق ديمونا باص «فولفو» أزرق، يحمل كل صباح العاملين في المفاعل من مكان يتجمعون فيه في بئر سبع وينقلهم إلى منطقة المفاعل، ومن هناك تحملهم سيارات خاصة، فتنقل كل مجموعة إلى القسم الخاص بها مباشرة، بعدما تمر بنقاط تفتيش وحواجز أمنية عدة.
كان على ضابط أمن كل باص أن يتأكد من ركابه يومياً، وعلى السائق ألا يتحرك إلا وأمامه سيارة جيب عسكرية تفتح الطريق وهو يشق صحراء النقب.. فديمونا أغلى ثروة تملكها إسرائيل، ويتصور حكامها أن بقاء دولتهم مرتبط ببقائها.
كانت خطة «أبو جهاد» بسيطة، لكنها محكمة باتقان شديد، وكانت محفوفة بمخاطر شديدة جداً، لكنها كانت الطريقة الوحيدة لدخول المفاعل من أشخاص غير مرغوب فيهم وممنوعين أصلاً من تخطي عتبة الوطن.
كانت المجموعة الفدائية مسلحة بثلاث بنادق رشاشة، واحدة من نوع كارل غوستاف مصرية الصنع، والآخريين من نوع كلاشينكوف، و30 قنبلة يدوية، وأربع خزن طلقات إضافية مع كل فدائي، إضافة إلى حقيبة تحتوي على بعض الذخيرة. قطعت المجموعة الحدود الدولية والتفت على عشرات الحواجز الثابتة، وتفادت الاصطدام بسيارات الدورية الإسرائيلية على رغم حالة التأهب والاستنفار والانتشار التي أعلنها الجيش الإسرائيلي منذ قيام الانتفاضة.
في تمام السادسة والدقيقة الخامسة والأربعين من صباح يوم الاثنين الواقع في 7 مارس (آذار) من عام 1988، تمكن الفدائيون من الوصول إلى الطريق المؤدي إلى ديمونا بعد رحلة شقاء قاسية في الصحراء. في ذلك التوقيت، قفز أحد الفدائيين على الطريق الأسفلتي وأعطى إشارة تعني أن السيارة العسكرية التي تصحب الباص في رحلته قد ظهرت، وفوراً، ألقيت قنبلة يدوية أمامها، وتمكن الفدائيون الثلاثة من السيطرة عليها.
جلس الفدائي عبد الله خلف مقود السيارة العسكرية من ماركة رينو، وإلى يمينه زميله محمد عبد القادر، وفي المقعد الخلفي جلس ثالثهم محمد الحنفي، وكان على المجموعة أن تسرع قدر استطاعتها لتصل إلى مفترق الطرق عند مثلث عرعر - ديمونا، في الوقت المحدد.
آخر حاجز للشرطة الإسرائيلية كان موجوداً عند هذا المثلث... المعلومات كافة كانت تؤكد أن الباص ينقل الخبراء والفنيين العاملين في مفاعل ديمونا النووي، ليتمهل قليلاً عند هذا الحاجز في تمام السابعة والنصف صباح كل يوم.
دخل عبد الله ومجموعته الفدائية بسيارتهم الرينو العسكرية في سباق مع الزمن كي يصلوا إلى مثلث عرعر - ديمونا في الوقت المحدد، وعندما كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف لاحت عن بعد «المهرة الزرقاء» التي ستكون سبيلهم للوصول إلى المفاعل... إنه الباص الأزرق الذي ينقل العاملين يومياً إلى المفاعل.
اقتحم الفدائيون حاجز عرعر وأطلقوا النار بغزارة على جنوده، ثم باغتوا الجميع بترجلهم من سيارتهم واندفاعهم إلى جانبي الطريق بانتظار اللحظة الحاسمة لمرور المهرة الزرقاء الجامحة.
في لحظة خروجهم إلى عرض الطريق لملاقاة الباص ظهرت فجأة شاحنة إسرائيلية حجبته خلفها، وحاول السائق دهس الفدائيين، لكن عبد الله أطلق عليه وابلاً من الرصاص، ما اضطره إلى التوقف حاجزاً الباص خلفه، وفي لحظات تمكن الفدائيون من ركوب الأخير والسيطرة عليه، وتحت تهديد السلاح شق طريقه باتجاه مفاعل ديمونا.
أبلغ جنود الحاجز قياداتهم بما حدث، فدقت أجراس الإنذار في مكاتب ومنازل وسيارات القيادات العسكرية والأمنية والسياسية في إسرائيل، فلم تمض دقائق حتى قامت القيامة في إسرائيل، فامتلأت سماء المنطقة بالمروحيات التي أسقطت مئات من المظليين المدججين بالسلاح والمدربين جيداً على التعامل مع مثل هذه المواقف، وعلى الأرض تلاحقت سيارات الجيش والشرطة وحرس الحدود، إضافة إلى سيارات الإسعاف والإطفاء... كانت الحشود تلاحق الباص الأزرق الذي وصل إلى بعد 7 كيلومترات فقط من المفاعل النووي، وعند تلك النقطة كثف جنود الكوماندوز رصاص بنادقهم على إطاراته فتحول إلى جثة هامدة.
ها هي «المهرة الزرقاء» الجامحة ترقد الآن كفريسة كسيحة، تتحلق حولها قطعان الذئاب الشرسة، وتحوم فوقها الطائرات المروحية كالغربان الناعقة في سماء النقب الصامت وفراغ الصحراء المترامية... سبعة كيلومترات فحسب كانت تفصلنا عن المشهد الكبير... مشهد يوم القيامة.
بحسب الخطة التي وضعها «أبو جهاد»، كان المفروض أن يتم تقسيم جميع ركاب الباص إلى ثلاث مجموعات وكل فرد من الفدائيين الثلاثة يسيطر على مجموعة ويقودهم تحت تهديد السلاح كرهائن كي يدخلوا المفاعل.
لم ينقطع سيل التعزيزات العسكرية حول الباص، والطائرات المروحية يتزايد عددها وهي تحط على الأرض واحدة تلو أخرى، والمئات من ضباط وجنود الكوماندوز يلتفون حول الباص في حالة استعداد قصوى.
45 دقيقة من المفاوضات المتعثرة وضبط النفس، إلى أن وصل وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، ورئيس هيئة الأركان دان شمرون، وقائد المنطقة الجنوبية إسحاق موردخاي.
طلب عبد الله عبد المجيد قائد العملية من داخل الباص عبر مكبر صوت لقاء مندوب الصليب الأحمر، ليطالبه بالإفراج عن المعتقلين من أول الانتفاضة، وكان عددهم آنذاك تسعة آلاف فلسطيني... كرر الفدائي مطلبه بإحضار مندوب الصليب الأحمر في إحدى المروحيات، وإلا سيضطر إلى تصفية الركاب.
قبل أن تنتهي المهلة انهمر رصاص القناصة من خارج الباص من كل اتجاه، وانفجرت المعركة غير المتكافئة بين ثلاثة أفراد وكتائب عدة من مختلف أسلحة الجيش الإسرائيلي، في هذه النقطة النائية المعزولة، على بعد سبعة كيلومترات فقط من المفاعل الأسطورة.
فرضت السلطات الإسرائيلية ستاراً مكثفاً من التعتيم حول تفاصيل عملية ديمونا، وطلبت من وسائل الإعلام التقيد بما يصدر عن الناطق الرسمي الإسرائيلي، وأعلنت المصادر الرسمية الإسرائيلية عن مقتل ثلاثة من الفنيين العاملين في المفاعل، خلاف عدد من الجرحى.
بدوره، علق بيريز على الحدث قائلاً: «نواجه عدواً لم يعد يفرق بين أي شيء في الوسائل المتبعة، ومستعد للوصول إلى أي هدف إسرائيلي»، وتقرر أن يجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي في اليوم نفسه.
بعد ساعات من أحداث عملية ديمونا التي أربكت دولة إسرائيل وأرعبت أجهزتها كافة، في يوم 7 مارس (آذار) من عام 1988، تقررت تصفية «أبو جهاد» في اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي، برئاسة رئيس الحكومة آنذاك إسحاق شامير، وضم كلاً من: وزير الدفاع إسحاق رابين، وزير الخارجية شيمون بيريز، رئيس الأركان دان شمرون ونائبه إيهود باراك (الذي أصبح رئيساً للحكومة الإسرائيلية عام 2001)، رئيس جهاز الموساد نعوم أدموني، رئيس المخابرات العسكرية الجنرال أمنون شاحاك، وعدد من جنرالات الجيش الإسرائيلي، وأوصى الجميع بضرورة التخلص من «أبو جهاد» وتوفير كل ما يلزم لإتمام العملية.
قرر الجميع بشكل قاطع وعاجل تصفية «أبو جهاد»، وكلّفوا القيادة العسكرية بالعملية، بالتنسيق مع رجال الموساد المنتشرين على الأراضي التونسية، فيما جهزت رئاسة الأركان بالتنسيق مع المخابرات الإسرائيلية خطة قتل «أبو جهاد» في تونس.
تطلبت خطة الاغتيال في تونس تجنيد قوات وإمكانات غير عادية، وكأن الهدف غزو مدينة بالكامل وليس اغتيال فرد، فجهّز الفريق أربعة زوارق من طراز كورفيت، واثنين من طراز زار4.5 واثنين من طراز زار 4، لنقل الفريق المهاجم إلى تونس وإجلائه بعد الهجوم، وجُهزت الزوارق بطائرات هليوكوبتر 206 القادرة على إجلاء المصابين في حالة الطوارئ، وكانت إحداها مجهزة بمستشفى كاملة وإمكانات جراحية، واثنين من أبرع الأطباء الإسرائيليين، أحدهما للجراحة والآخر للتخدير.
تولى قيادة العملية المباشرة إيهود باراك، وكان آنذاك نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ومعه نائب رئيس الموساد ورئيس العمليات البحرية في الجيش الإسرائيلي الذي كان على اتصال مباشر بقيادات السلاح البحري الإسرائيلي، وتم تخصيص أحد القوارب كمركز للقيادة.
اعتمدت الخطة على وحدة «سيارة متقال» و{فلوتيلا 13»، فنُقل فريق الكوماندوز من البحر إلى نقطة على الشاطئ بالقرب من أطلال مدينة قرطاجة التاريخية، حيث ينتظره عملاء الموساد، لتأمين رأس الشاطئ والمعدات. تطلبت العملية مشاركة طائرتي بوينج 707، استخدمت إحداهما كمركز قيادة طائر والأخرى كانت عبارة عن مركز اتصالات إلكتروني متقدم، وعلى طائرة القيادة كان قائد سلاح الطيران الإسرائيلي جنرال أفيهوبنن للتنسيق بين باراك وسلاح الجو الإسرائيلي، وكان رئيس الموساد ومعه رئيس المخابرات العسكرية في الطائرة الأخرى لنقل تفاصيل العملية إلى غرفة العمليات الرئيسة الخاصة بالجيش الإسرائيلي في تل أبيب، بذلك كانت غرفة العمليات على اتصال مباشر بطاقم الكوماندوز في سيارة متقال التي كانت بمثابة الفاعل الأساسي في العملية.
فوق المياه الدولية للبحر المتوسط، «طار» خزانان للوقود لتموين الطائرات المشتركة في العملية، إلى جانب أربع مقاتلات إف 15 لتوفير الحماية اللازمة للطائرات البوينج 707 ورجال تنفيذ العملية على الأرض.
حشدت إسرائيل جيشاً كاملاً يضم تشكيلات من جميع الأسلحة لتصفية «أبو جهاد»، وكان لديها استعداد لأن تفعل أكثر من هذا لإزالته من طريقها، لا سيما أنه تجاوز الخطوط الحمر في أعمال المقاومة ضدها.
كان رجال الكوماندوز الذين اختيروا لتنفيذ العملية صفوة خلاصة الوحدات، وشكّلوا وحدة تدعى «سيارة متقال» في أوائل الخمسينات في سرية تامة، وما زالت هذه الوحدة تعمل تحت ستار من السرية والغموض، إذ تكلّف بعمليات ذات طبيعة خاصة وخطيرة خلف خطوط العدو، فتجمع المعلومات وتنشر أجهزة التجسس في عمق أرض العدو، وتعمل عن قرب مع المخابرات العسكرية والموساد، وتقدّم تقاريرها مباشرة مع رئيس الأركان من دون أن تمر على التسلسل القيادي المعروف.
عرفت «سيارة متقال» بأنها المشرط الحاد الذي تستخدمه إسرائيل في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة، وانتشارها وقت السلم أكثر من انتشارها وقت الحرب، ورجالها من أصحاب الأعصاب الفولاذية، وكانت المجموعة التي اختيرت للذهاب إلى تونس وتنفيذ العملية على أقصى درجة من اللياقة البدنية، وتضمنت خبراء محترفين في جميع العمليات القتالية وأنواع الأسلحة كافة، وكل فرد مدرب على إمكان تنفيذ المهمة بمفرده إذا قُتل رفاقه.
كان رجال فرقة العمليات الخاصة هذه ليلة 16 أبريل (نيسان) يرتدون ملابس سوداء مقاومة للحريق، وأحذية مصنوعة من البلاتينيوم، وملابس داخلية واقية من الرصاص، وكل منهم مجهز بجهاز إرسال صغير يحتوي على سماعة للأذن وميكروفون، وجهاز تحذير إذا انفصل الفرد عن وحدته، فيما حظيت القيادة الطائرة أجهزة حساسة لتحديد مواقع الجنود وتقديم مساعدات مباشرة لهم، وكانت الأسلحة كافة إسرائيلية، لكن أزيلت عنها البيانات والأرقام التي تشير إلى هويتها.
شارك في العملية فريقان (A وB) مزودان ببنادق آلية ماركة U.Z.I. تحتوي على كاتم صوت، وقنابل يدوية، أما الفريقان C & D فكانا يحملان مدافع خفيفة، إضافة إلى القنابل.
على مدى أكثر من أسبوعين تدرّبت الفرق، في مكان مشابه تماماً للمنطقة التي ستنفذ فيها العملية، بالقرب من مدينة حيفا، وبنى الخبراء نموذج بالحجم الطبيعي لمنزل «أبو جهاد» على المسافة نفسها من الشاطئ الذي يقع عليه منزله في ضاحية بو سعيد، بل أزالوا من مكان التدريب المباني كافة وغيروا طرقاتها.
أمّا وقت التدريب فانتقى الخبراء الساعات التي تكون فيها الأقمار الصناعية الأميركية والسوفياتية بعيدة عن حيفا كي لا تسجل شيئاً عن العملية.
أثناء التدريب نسف الفريق A باب المنزل الأمامي، ثم قتلو «أبو جهاد» وخرجوا خلال 22 ثانية.
قبل العملية بأسبوع، دخل فريق الموساد تونس، وكان يتألف من ستة رجال وامرأة، مستخدمين هويات مزورة بدقة، ليس هذا فحسب، بل انتقل قائد «سيارة متقال» بنفسه إلى تونس قادماً من روما في رحلة تجارية استخدم فيها جواز سفر حقيقي، وقابله رجال الموساد في المطار وأخذوه إلى منزل «أبو جهاد»، ثم درسوا الطريق إلى البحر ومسحوا موقع الأرض جيداً، وسجلوا ملاحظات حوله، ثم عاد القائد إلى إسرائيل في اليوم التالي ولحق برجاله على ظهر المجموعة الثانية من القوارب الصاروخية.
استأجر ثلاثة من فريق الموساد في تونس، وكانوا يحملون جوازات سفر لبنانية، سيارة بيجو 305 وسيارتان ميني باص فولز فاغن، فيما كثّف رجال الموساد الرقابة على منزل «أبو جهاد» لملاحظة أي تغيير في مواعيد وجوده، أو في نوبات الحراسة، قبل العملية بثلاثة أيام، ودرسوا مداخل الشوارع جيداً ومخارجها، وكانت خطوط الهواتف في المنطقة تحت سيطرتهم.
قبل ساعة الصفر بدقائق علمت المخابرات الإسرائيلية أن الفرنسيين شموا رائحة العملية، ونقلوا تحذيراً عاجلاً إلى قادة المنظمة بأن الإسرائيليين على وشك أن يفعلوا شيئاً، لكن قائد العملية الجنرال باراك لم يتراجع، واعتمد على كسل المنظمة وبطء ردود أفعالها، واستمر في تنفيذ العملية.
اقتربت «الفلوتيلا» (مجموعة القوارب) من الشواطئ التونسية، ووقفت في مكان مختار بدقة خارج نطاق أجهزة الرادار، وكانت الطائرة البوينج المجهزة كمركز اتصال متقدم قد أقلعت من قاعدة جوية إسرائيلية، وتغطي المنطقة فوقهم محققة حماية من نوع خاص، كي لا يتم رصد القوات المشتركة في العملية، وعلى مقربة من الشواطئ التونسية كانت تطير المقاتلات إف 15 بعد تزويدها بالوقود، وتقوم بدورها في حماية طائرتي البيونج، ومستعدة لتقديم أي مساعدة.
أصبح كل شيء جاهزاً، فتحركت القوارب الصاروخية ودخلت مياه خليج تونس، وعلى بعد كيلومترات من الشاطئ نزلت منها مجموعة من رجال الضفادع البشرية واتخذت طريقها نحو الشاطئ المهجور، وكان في استقبالها فريق الموساد، وأعطيت إشارة البدء.
بمجرد صدور الأوامر إلى قوارب الصواريخ هبطت في خمس ثوان طوافات إلى المياه محملة بمسلحين اقتربوا من الشاطئ الذي كان هادئاً تماماً، وفوراً استقلوا السيارات المستأجرة، وشقوا الطريق نحو منزل «أبو جهاد» الذي كان يقع على ربوة عالية قريبة من البحر على بعد حوالي خمسة كيلومترات من مكان الإنزال.
كانت الساعة تجاوزت الواحدة صباحاً بقليل عندما أصبح منزل «أبو جهاد» في ضاحية سيدي أبو سعيد على مرمى البصر، وكان السكون يلف المكان، لكن مسؤولي العملية لم يتناسوا أن المنطقة مليئة بعناصر مسلحة كثيرة وفرق الحراسة المدربة، فإلى جانب منزل «أبو جهاد»، شيّد منزل رئيس المخابرات الفلسطينية «أبو الهول» ومنزل «أبو مازن»، وعدد آخر من منازل مسؤولي المنظمة.
اتخذ أعضاء الفريق مواقعهم حول المنزل، وذابوا في الظلام، ووضعوا نظارات الرؤية الليلية على أعينهم.
فيما اتجهت مجموعة لتأمين طريق الهرب وفحص الشوارع الجانبية، عطلت مجموعة أخرى خطوط الهاتف، وكانت الطائرة البوينج المجهزة كمركز اتصالات إلكتروني متقدم تقوم بدورها في تعطيل أي بث لاسكي للحيلولة دون إرسال أي إشارات تطلب نجدة أو حتى تشغيل أجهزة الإنذار.
لم يكن «أبو جهاد» في منزله في تلك الساعة، بل في المدينة يحضر اجتماعاً مطولاً مع فاروق قدومي مسؤول الشؤون الخارجية في المنظمة، لبحث قرار الولايات المتحدة العدائي بإغلاق مكتب بعثة المنظمة في الأمم المتحدة، حتى اعترت الوساوس نفوس المسلحين القابعين في انتظاره، لكنه عاد أخيراً إلى منزله في الواحدة والنصف صباحاً، وبعد أن وقفت سيارته أمام منزله اتخذ رجال أمنه مواقعهم.
كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف صباحاً حينما أطفأ الأنوار في غرفة مكتبه في الطابق الأرضي، وبعدها بقليل أضاء الأنوار في غرفة نومه في الطابق الثاني، وكان الوقت يمر بطيئاً والرجال ينتظرون أن تنطفئ الأنوار... وأخيراً تحقق المراد، وتحول المكان إلى كتلة من الظلام، وحانت ساعة الصفر.
وصلت الأوامر إلى المسلحين عبر السماعات في آذانهم ببدء التنفيذ فوراً، فاقترب الفريق A من الباب الأمامي، بينما تحرك الفريق B إلى مدخل المنزل الخلفي، أما الفريق C فاتخذ مواقع في المقدمة والمؤخرة للمساعدة إذا احتاج الفريقان قوة نيران أكثر كثافة، وكان الفريق D يقف بعيداً عن المنزل ومهمته منع أي قادم إلى «أبو جهاد».
بدأ الفريق A حركته بكل خفة، فتسلل إلى سيارة «أبو جهاد»، حيث كان سائقه نائماً، وبطلقة واحدة من دون صوت انتهت حياته.
كان بابا المنزل الأمامي والخلفي مصنوعين من الخشب الثقيل وعليهما غطاء من الحديد الصلب، وباستخدام تكنولوجيا متقدمة جداً وسرية تمكن الفريق المهاجم من فتحهما من دون إصدار أي صوت، ودلف الرجال إلى داخل المنزل، وبينما كان الفريق B يؤمن المدخل والدور الأرضي، اندفع الفريق A إلى الدور العلوي، حيث غرفة نوم «أبو جهاد»، وقتلوا في طريقهم الحارس مصطفى، فيما قتل الفريق B حارس آخر وأحد عمال المنزل.
أحس «أبو جهاد» وهو في سريره بحركة غير عادية تأتي من الدور الأرضي، ورفع رأسه من على الوسادة، لكن الوقت كان قد فات، ففي جزء من الثانية كان المسلحون داخل غرفته، وفوهات بنادقهم مصوبة نحو جسده، فأحالت ظلام الغرفة إلى نهار، وتلقى جسده 74 رصاصة، وكانت زوجته إلى جانبه قد راحت في شبه غيبوبة من شدة الرعب، لكنهم تركوها.
وبالسرعة نفسها التي دخل بها المهاجمون ونفذوا عمليتهم انسحبوا أيضاً، ولم يستغرق الوقت أكثر من 13 ثانية بين دخولهم من الباب الأمامي وخروجهم من المنزل بعد قتل «أبو جهاد»، وبمجرد خروجهم استقلوا سيارات كانت في انتظارهم وعادوا بأقصى سرعة إلى مكان تجمعهم، على الشاطئ حيث كان رجال فلوتيلا 13 في انتظارهم لتأمين عودتهم إلى القوارب، واستقبلهم رجال الموساد بالمشروبات الباردة التي تركوا فوارغها على الشاطئ وعادوا سالمين إلى قواربهم الصاروخية التي أتت بهم، واستغرقت رحلة عودتهم إلى إسرائيل أربعة أيام.