<$BlogDateHeaderDate$>
"العالم بدون إسلام".. نظرة تحليلية في رؤية أمريكية <
ظهور لوبي يهودي معتدل ينافس آيباك
لا يوجد شارع في واشنطن يسمي ( STREET J) مثلما هو الحال مع باقي حروف الأبجدية الإنجليزية التي يطلق معظمها علي شوارع العاصمة الأمريكية، لكن مجموعة من المدافعين عن خيارات السلام استلهموا هذا الغياب للإعلان عن قيام أول منظمة من اليهود الأمريكيين تركز علي دعم السياسيين الأمريكيين الذين يؤمنون بضرورة التحرك نحو تسوية سلمية حقيقة في الشرق الأوسط في تحدي لأقوي جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة وهي لجنة العلاقات العامة الأمريكية-الإسرائيلية "إيباك". فقد تمكن حشد من رموز اليهود الأمريكيين "الليبراليون" بمساندة من شخصيات معروفة في المجتمع الإسرائيلي من الإعلان عن تأسيس منظمة جديدة في واشنطن تسعي إلي مساندة جهود السلام في الشرق الأوسط والوقوف في وجه "إيباك" التي يراها الكثيرون في دفاعها عن السياسات المتشددة في إسرائيل كارثة علي أمنها ومصالح أمريكا ومستقبل التعايش في المنطقة رافعين شعار "مؤيدون لإسرائيل. مؤيدون للسلام". أطلق مائة من المؤسسين أسم "جي ستريت" J Street www.jstreet.org علي المنظمة الجديدة تعبيرا عن الرغبة في إيجاد طريق جديد للسياسة الأمريكية تجاه الصراع، ويعتبر جيرمي بن عامي المستشار السابق للسياسة الداخلية في إدارة الرئيس بيل كلينتون، ودانيل ليفي المستشار السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود باراك- ونجل اللورد ليفي مبعوث بريطانيا السابق في الشرق الأوسط والباحث النشط في واشنطن - هما العقل المدبر للجماعة الجديدة التي قالت في بيانها الأول "لفترة طويلة من الزمن
إعادة تعريف "تأييد إسرائيل" ! كانت الأصوات الوحيدة التي يصغي إليها السياسيون فيما يخص صناعة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تأتي من قلة عالية الصوت من أقصي يمين المجتمع اليهودي الأمريكي منهم المحافظون الجدد واليمين المتشدد والمسيحيون-الصهيونيون الراديكاليون. وقد حول هؤلاء تعريفهم من موالاة إسرائيل إلي التأثير في السياسة الأمريكية". بمعني أن المنظمة الجديدة تركز علي إعادة تعريف "تأييد إسرائيل" في العاصمة الأمريكية بعد أن صارت أفكار اليمين المتشدد والمحافظين الجدد هي المحددة لعلاقة أمريكا وإسرائيل. ورغم أن الميزانية المبدئية للمنظمة الجديدة لا تقارن بقوة "إيباك" اليوم إلا أن المؤسسين يفضلون إستراتيجية جديدة تقوم علي مساندة مرشحين بأعينهم من أنصار السلام في إنتخابات الكونجرس المقبلة حتي يكون للجماعة صوتا في دوائر صنع القرار في واشنطن ولن تسعي المنظمة إلي تحدي النواب الديمقراطيين القدامي ممن يدينون بولاء تام لإسرائيل لا يقبل النقاش بل ستسعي إلي بناء أرضية جديدة تدعم جهود السلام ولا تشجع إمتداد الصراع بلا نهاية مثلما هو الحال اليوم بين صفوف "إيباك" وأنصارها لذلك ستقف المنظمة وراء خمسة علي الأقل من المرشحين الجدد في الإنتخابات المقبلة. ويحظر القانون الأمريكي علي جماعات المصالح المسجلة رسميا جمع التبرعات لأغراض سياسية لكن يمكن لأذرع تابعة تسمي لجنة العمل السياسي العمل مع السياسيين، المؤيدين لأهداف المنظمة الأم، لجمع تبرعات إنتخابية. وتضم قائمة المؤسسين السيناتور السابق لينكولن شافي والكاتب الشهير هنري سيجمان وماريا ايكافستي نائب رئيس فريق العاملين السابق في البيت الأبيض ومورتن هالبيرن مدير التخطيط بالخارجية الامريكية سابقا وماركوس كونالاكس ناشر مجلة "واشنطن مانثلي" المعروفة وصامويل لويس السفير الأمريكي السابق لدي إسرائيل والباحث المعروف روبرت مالي وروبرت سولومنت أحد الشخصيات اليهودية البارزة المؤيدة للمرشح الديمقراطي باراك أوباما وروبرت باستور المدير السابق في مجلس الأمن القومي وحنا روزنتال المدير السابق للمجلس اليهودي للشئون العامة، بالإضافة إلي العشرات من رؤساء المنظمات المروجة للسلام في الشرق الوسط وحاخامات بارزين وأساتذة جامعات وكتاب. ومن داخل إسرائيل، أعلن عدد كبير مساندة المنظمة الجديدة منهم يوسي الفار مسئول الموساد السابق وشالومو بن عامي وزير الخارجية الأسبق وافرام بورج رئيس الكنيست السابق ديفيد كمحي المدير السابق للخارجية الإسرائيلية وداليا رابين النائب السابق لوزير الدفاع والعديد من الجنرالات المتقاعدين وأخرون.
أسلوب جديد للعمل يقوم أساس المنظمة الجديدة علي إنهاء التأثير الطاغي للجماعات المتشددة واليمينية التي لا تعطي اليهود الليبراليين الفرصة للتحدث فيما يخص عملية السلام في الشرق الأوسط والدور الأمريكي في المنطقة.ويقول جيرمي بن عامي ان التيار المحافظ بين اليهود الأمريكيين قد أختطف مصطلح "المؤيدون لإسرائيل" وهو ما لا يتفقون فيه مع الغالبية من اليهود الأمريكيين وغيرهم. وقد وصف مراقبون في واشنطن التوجه الجديد بأنه يمثل تحديا لمنظمة "إيباك" الواسعة النفوذ والتي تبني شعبيتها علي مناصرة السياسات الإسرائيلية دون مراجعة المسئولين الإسرائيليين فيما يتخذونه من خطوات، خاصة أن المنظمة الجديدة ستجذب تمويلا وتبرعات من الجناح الليبرالي من المجتمع اليهودي الأمريكي المؤيد للسلام وفرض حل أقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلي جنب. ويأمل المؤسسون رفع موازنة المنظمة الجديدة من 1.5 مليون دولار إلي عشرات الملايين في القريب العاجل من أجل الوقوف في وجه "إباك" التي يصل إجمالي ودائعها المالية إلي 100 مليون دولار، وعدد أعضائها إلي ال 100 ألف شخص، ولها مكاتب في 18 ولاية. ومن العوامل التي يمكن ان ترفع حجم التبرعات للمنظمة الجديدة هو زيادة التبرعات عبر الأنترنت علي غرار حملة المرشح الديمقراطي باراك أوباما اليوم، والتي صارت مصدر الهام كبير للقوي الليبرالية والتقدمية التي تريد كسر احتكار القوي التقليدية للعمل السياسي. ووفقا لخبراء في السياسات الأمريكية-الإسرائلية فإن منظمة "جي ستريت" ربما لن تكون قادرة علي مناطحة منظمة "إيباك" في تأثيرها الطاغي لكنها تخلق حالة جديدة يمكن أن تجسد الخلافات الفكرية والعقائدية بين فريقين من اليهود الأمريكيين بصورة لم تحدث من قبل. كما أن منظمة المعتدلين في اللوبي الموالي لإسرائيل يمكن أن تمثل بداية جديدة للتواصل مع الأطراف العربية في الولايات المتحدة وخارجها من خلال السعي بناء أجندة مشتركة لعملية السلام في الشرق الأوسط في السنوات القليلة القادمة. وتؤيد مجموعة "جي ستريت" الإنسحاب الأمريكي من العراق والجوار مع سوريا وتجنب أية مواجهة عسكرية مع إيران وهو الموقف الذي يخالف تأييد "إيباك" لليمين الإسرائيلي. وتفاوتت ردود أفعال اليهود في الولايات المتحدة وخارجها بشأن المنظمة الجديدة حيث أعتبرها البعض خطوة ضرورية في توقيت مهم لتغيير دفة الحوار في واشنطن، فيما قال أخرون أن هؤلاء مجرد جزء من اللوبي العربي ومجموعة من اليساريين الليبراليين ممن لا يقدرون حجم الخطر الذي تتعرض له إسرائيل! ويقول دانيال ليفي "كل واحد في واشنطن يؤكد اليوم أنه صديق لإسرائيل. لكن الصداقة التي تقول للمحتل أن يتمادي ويتمسك بكل سنتيمتر من الأرض المحتلة ليست صداقة. ولأنها تتحول إلي صداقة مخادعة عندما ننفق سنوات أخري في حماية الإحتلال وتغذية الرغبة في تدمير الذات". أن الأرضية المشتركة حول القضايا الرئيسية بين مجموعة جديدة مثل "جي ستريت" والسياسيين العرب تؤكد ضرورة بناء جسر مع طرف جديد ومختلف في واشنطن وليس وضع الجميع في سلة واحدة.
<$BlogDateHeaderDate$>
يتوعد غزة بحسم قريب
بعد ستين عاما على النكبة
<$BlogDateHeaderDate$>
رفع عدد ضحايا الحصار إلى (167)- الحصار حرم عائلة العماوي من الفرحة بابنها الشاب "محمد"
وفاة الرضيع الثالث خلال 24 ساعة جراء الحصار على القطاع
<$BlogDateHeaderDate$>
يومان فصلا بين وفاتهما: حصار غزة يجمع بين الزوجين "حبوش" في القبر!
<$BlogDateHeaderDate$>
المفاهيم الاساسية للمسيحية الصهيونية ..
في تقدير صمود الفلسطينيين
بقلم : بنجامين وايت. كريستيان ساينس مونيتور
بينما تحتفل اسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها, يغتنم الفلسطينيون هذه المناسبة ليتذكروا البعثرة الكارثية التي ارتكبت بحق مجتمعهم في عام .1948 على ان الامر ليس, ببساطة, مجرّد استرجاع الماضي, فهم يواصلون الكفاح من أجل تقرير المصير, والاعتراف بحقوقهم بمقتضى القانون الدولي.
ومع هذا, فإنها غلطة كبيرة ان ينظر الى السنوات الستين الماضية, على انها قصة كارثة غير عصيبة بالنسبة للشعب الفلسطيني, اذ تحققت نجاحات وانجازات مهمة تستحق الذكر ايضا. ولهذا اهميته الكبرى اذا ما اخذنا بعين الاعتبار مدى التدمير الذي لحق بالمجتمع الفلسطيني في عام 1948; فقد دمّرت اسرائيل حوالي 400 قرية فلسطينية, وغدا 85 من فلسطينيي ما اصبح يعرف بإسرائيل مطرودين من بلادهم.
وبالرغم من كل شيء, لم يبق الفلسطينيون احياء يرزقون وحسب, بل نالوا الاعتراف الدولي بدولتهم ايضا, بفضل اصرارهم العنيد. فقد واصلوا الكفاح, ومن دون حلفاء في غالب الاحيان, ليحققوا مكاسب سياسية جوهرية, ورفض الفلسطينيون داخل اسرائيل, وفي المناطق المحتلة, ومناطق الشتات, مطالب اسرائيل بأن "اخرجوا", كما قاموا هيمنتها.
يتجسد هذا الاصرار الفلسطيني في عائلة نصّار المسيحية التي تعرفت اليها منذ سنين. فلهذه الاسرة قطعة ارض جميلة تطلّ على قرية نحالين غرب مدينة بيت لحم. وشهد افرادها بأم أعينهم انتشار المستوطنات اليهودية غير الشرعية على التلال المحيطة بهم. وقد نجوا, حتى الآن, من محاولات جيش الاحتلال الاسرائيلي مصادرة املاكهم.
وسواء أأغلق آل نصّار الطريق على تجاوزات وانتهاكات المستوطنين, اما برفع قضيتهم امام المحاكم, او بالاتصال مع المؤيدين والمؤازرين في العالم, فإنهم حشدوا مصادر الدعم العائلي من جهة, ودعم المجتمع من جهة ثانية. وما يدعو الى الاثارة الحيّة ونفخ الروح, اكثر من غيره, انهم هيأوا ارضهم لاستضافة مخيمات للأطفال, وتبادل الوفود الثقافية, والضيوف الاجانب, مدركين واجبهم بضرورة الكفاح من أجل البقاء في ارضهم. وهذا بحّد ذاته انتصار يرجع صدى الرفض الفلسطيني التاريخي للقبول بقدرهم وحسب, خاصة منذ الستينيات, والتصميم الموازي لذلك على تنظيم المقاومة الجماهيرية. ولعلّ أبرز الانجازات تمثل في اندلاع الانتفاضة الاولى في الثمانينيات, التي بيّنت لإسرائيل ان احتلالها لم يكن من دون ثمن, كما عرضت للعالم الواقع القمعي والاضطهادي للسياسة الاسرائيلية.
ومن الانجازات البارزة, التي تحققت خلال العقود القليلة الماضية, انتعاش المجتمع المدني الفلسطيني. فبتشديد الجاليات تكون قد وفرت قوة حيوية للمجتمع الفلسطيني المحاصر. ويعود الفضل, جزئيا, في هذا المقام, الى هذه الثقافة عميقة الجذور المتعلقة بالمواطنة النشطة الفعالة, التي مكّنت الفلسطينيين من اجراء انتخابات كانت محلّ حسد في العالم العربي, نظرا لشفافيتها وطابعها المهني. وببناء الباحثين والاكاديميين الفلسطينيين على تقليدهم الحيوي في ممارسة الحياة الثقافية والفكرية, ارتقوا الى مراتب عليا في العالم خلال العقود الاخيرة, ليس فقط في ميدان الدفاع عن كفاح شعبهم ونصرته, بل ايضا كرموز مشهورة في مجالات تخصّصهم.
وفي الوقت ذاته, واستناداً الى ثقافتهم الغنية وتراثهم الديني, اضافة الى تجربتهم الخاصة في المنفى والنضال, اسهم الكتاب والشعراء والفنانون ومنتجو ومخرجو الافلام الفلسطينيون كثيرا, ليس فقط في مساعده شعبهم, بل ايضا في العالم كله.
ومن منظور تاريخي, فإن احدى عقبات تحقيق السلام, تمثلت في حقيقة ان اسرائيل أحسّت بأنها قادرة على المضي قدما في سياسة الطرد للفلسطينيين واحتلال اراضيهم من دون اكتراث عالمي كبير بذلك. ولهذا علاقة وثيقة بحقيقة ان الطبعة الصهيونية الممنهجة لما حدث في عام ,1948 قد سارت من دون معارضة في دول الغرب - وداخل اسرائيل ايضا - على مدى سنوات طوال.
ومع هذا, فقد تمكن الفلسطينيون, من خلال عوامل محدّدة, مثل "المؤرخين الاسرائيليين المحدثين", والجهود الدؤوبة للقائمين على الحملات, والتكنولوجيا الحديثة لوسائل الاعلام, التي تمكّن من النشر الواسع "للمعلومات على الارض", من احداث شروخ في واجهة الدعاية الاسرائيلية. وفي غضون ذلك, ازداد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية ازديادا كبيرا, بحيث غدت هذه القضية مسموعة تماما وتفرض نفسها الآن, بالرغم من جميع محاولات طمسها.
ومهما يكن من امر, فما تزال هناك عقبات هائلة ومرعبة. فاسرائيل تنعم بالدعم المستمر ممّا يسمّى المجتمع الدولي, بالرغم من بعض الصفعات الطارئة, فالكثير من النقاش الذي يدور في الغرب ما تزال الفرضيات الصهيونية هي التي تصوغه وتشكّله, كما انه يجري من وجهة نظر اسرائيلية حصرا. والفلسطينيون في هذا النقاش يعاملون كأبناء بلد عليهم "الحصول" على حق تقرير المصير, والكرامة, والأمن, والحرية.
كما ان بعض الفلسطينيين خلقوا, من غير قصد ودراية, عراقيل امام تحقيق مزيد من التقدم, فالطاقة الايجابية للانتفاضة الاولى جرت تقنيتها في المؤسسات البيروقراطية للسلطة الفلسطينية, بينما الانقسامات المريرة غالباً ما وقعت بين حماس وفتح مثلاً. والوحدة السياسية الفلسطينية, والمقاومة الاستراتيجية المبدئية ظلّت من دون تدعيم في غالب الأحيان. والرواسب القديمة, والفساد, وتدخل اطراف ثالثة تبقى عقبات كبرى.
على أن بإمكان الفلسطينيين أن يحققوا مكاسب كذلك من الاتفاق الجماعي على وقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين, اضافة الى ان السياسة الاخلاقية مفيدة لهم ايضا, بل انها حتى تشكل جزءا من عملية تحوّل أعرض نحو استراتيجيات مقاومة أقلّ "نخبوية", تستند الى مشاركة جماهيرية شعبية, شريطة ألاّ تُخلط مع المطالبة المزيفة بالسلبية ودعوة الفلسطينيين الى التسليم والاذعان للهجمات الاسرائيلية.
ستون عاماً فترة زمنية طويلة; وبالتالي فإن الاعتراف بالصمود الفلسطيني هو أفضل اشكالها. ويتمثل هذا الصّمود بكفاح آل نصّار, وأطفالهم, وادواتهم الزراعية, وغرس أشجار الزيتون في ظلال المستوطنات الاسرائيلية, بتصميم وعزّة نفس, عبر حواجز الطرق ونقاط التفتيش. فبالرغم من جميع الفروق, وعلى الضدّ منها, بقي ملايين الفلسطينيين يفلحون الأرض, وينشؤون الأعمال والشركات, والتزاوج وانجاب الاطفال, وندب الموتى. وفي مواجهة الجهود الصارمة الرامية الى تهميش, حتى محو وطنهم ومجتمعهم, واصلوا الحياة بكل معانيها, وهذا هو أفضل تأسيس ممكن لتحقيق انتصارات أعظم, خلال الأعوام الستين التالية
الأساطير الخمس حول "الموالين لإسرائيل"
بقلم : جيرمي بن عامي.واشنطون بوست
منذ ستة عقود تقريباً، قاتل والدي إلى جانب "مناحم بيجين" من أجل إنشاء دولة إسرائيل، ولو كان أحد قد قال له آنذاك إنه سيأتي يوم يتسابق فيه الساسة، في أقوى دولة على ظهر الأرض، على إظهار الولاء لإسرائيل، لكان قد ضحك من قوله. وعلى الرغم من كوني ممن يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة على ما أبدته من صداقة لإسرائيل خلال العقود الستة الماضية، فإنني لا أملك أنا والدولة التي ساعد أبي على إقامتها منذ 60 عاماً، سوى التساؤل عن الجهة التي تتولى تعريف ما معنى أن يكون الشخص موالياً لإسرائيل في الولايات المتحدة هذه الأيام.
البعض يفترض أن الولاء لإسرائيل يعني تأييد كل ما تقوم به دون تفكير، ومعارضة كل ما يقوم به أعداؤها بلا هوادة، مع تبني وجهات نظر "المحافظين الجدد"، والعناصر "اليمينية" المتطرفة في الجاليات اليهودية، والمسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة. وفي مفهوم هذا البعض، فإن أي أحد يتجرأ على انتقاد إسرائيل، أو يناقش أي تصرف تقوم به، يُصنف فوراً كـ" معادٍ للسامية". أما التشجيع غير المشروط للسياسات الإسرائيلية القصيرة النظر مثل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فهو لا يُعتبر دليلاً على الصداقة الحقيقية للدولة العبرية.
طالما ظل الفلسطينيون يائسين، فإن إسرائيل ستبقى دائماً في حرب. وطالما ظلت البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فلا يمكن إنقاذ المدن الإسرائيلية حتى ولو بسور الصين العظيم.
إسرائيل لا تريد أصدقاء حقيقيين، وإنما تريد من يعززون من قوتها، ويمكنونها من التحكم والسيطرة. وإقامة علاقة صداقة صحية مع إسرائيل، يتطلب تحطيم بعض الأساطير المتعلقة بـ" ما الذي يعنيه أن تكون صديقاً لإسرائيل".
الأسطورة الأولى: الأميركيون اليهود يفاضلون بين المرشحين في الانتخابات بناء على موقفهم من إسرائيل. هذه الأسطورة أصبحت قولاً مأثورا في السياسة الأميركية، مما يدفع السياسيين الأميركيين لبذل قصارى جهودهم لاكتساب صفة" الموالاة لإسرائيل" في المقام الأول. وفي الحقيقة أن تلك المقولة ليست سوى خرافة تعمل على ترويجها أقلية صغيرة من اليهود الأميركيين المحافظين من النوع الذي يصوت لصالح المرشح من أجل موضوع أو قضية واحدة يتبناها ذلك المرشح، وليس بناء على مجمل ما يتبناه من قضايا في مجالي السياسة الخارجية والداخلية كما تفعل غالبية الأميركيين.
الأسطورة الثانية: كي تكون قوياً في تأييدك لإسرائيل يجب عليك في ذات الوقت أن تكون قاسياً على الفلسطينيين. إنها مقولة تُضر بإسرائيل أكثر مما تفيدها. ويكفي هنا أن نقرأ ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" وهو إن بقاء إسرائيل يعتمد على توفير مستقبل أكثر أملاً للفلسطينيين يقوم على السيادة السياسية والنمو الاقتصادي.
فطالما ظل الفلسطينيون يائسين، من الحصول على حياة لائقة وكريمة، فإن إسرائيل ستظل دائما في حالة حرب. وطالما ظلت القناة الوحيدة المتاحة لإثبات البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فإن لا شيء يمكن أن ينقذ المدن الإسرائيلية حتى ولو سور الصين العظيم. وبالتالي يمكن القول إن مساعدة الفلسطينيين تعتبر من أكثر الخطوات الموالية لإسرائيل الذي يمكن لأي سياسي أميركي أن يقوم بها.
الأسطورة الثالثة: الموقر "جون هاجي" ورفاقه من الصهاينة المسيحيين يخدمون اليهود. هذا لا يحدث . ثم أن هناك سؤالا هل إسرائيل واليهود في أميركا قد وصلوا إلى هذه الدرجة، التي تجعلهم يتقربون من هذه الطائفة من البشر التي تتبنى أحلاما خلاصية، كفيلة بأن تؤدي بنا جميعاً إلى حتفنا، أو تدفعنا دفعا إلى التحول للمسيحية؟ فـ"هاجي" وهو مؤسس منظمة" المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل" ومعه طائفته، يعتقدون أن إسرائيل يجب ألا تتخلى عن أي قطعة أرض مقابل السلام، لأن الرب قد وعد اليهود في التوراة بالأرض المقدسة بكاملها. والسلام ليس هو ما يدور في أذهان تلك الطائفة وإنما التوسع الدائم. وهذا هو ما يغضب العرب ويجعلهم يسعون إلى الانتقام، وهو ما يمهد الطريق لمعركة "أرمجيدون"، والظهور الثاني للمسيح. وطالما أن الأمر كذلك فإننا يمكن أن نخلص إلى أن "هاجي" وطائفته ليسوا أصدقاء حقيقيين لإسرائيل.
الأسطورة الرابعة، الحديث عن السلام مع أعدائك يظهر ضعفك.
لا يحتاج المرء إلى الحصول على درجة في العلاقات الدولية كي يدرك أن دخول الدول في مفاوضات سلام مع الدول الأخرى التي تحبها هو شيء لا معنى له. فالدول تدخل عادة في مفاوضات من أجل تحقيق السلام مع أعداء لها وليس مع أصدقاء. والإسرائيليون يعرفون ذلك كما أثبت استطلاع الرأي الذي أجرته أخيرا صحيفة "هآرتس" والذي أظهر أن ثلثي الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم يحبذون دخول دولتهم في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حماس، التي تعتبر عدوهم اللدود. أما نحن في واشنطن فنأبى الدخول في مفاوضات مع "حماس" أو سوريا أو حتى إيران لأننا لا نحبهم.
الأسطورة الخامسة، أن جورج بوش هو خير صديق حظيت به إسرائيل في تاريخها. هذا ليس صحيحاً، حيث عمل بوش كحامل راية في الصراع العربي- الإسرائيلي في حين كان يجب عليه أن يضطلع بدور حَكم الساحة- إذا ما استعرنا مصطلحات كرة القدم- وهو الخيار الذي أثر على أمن إسرائيل.
إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة للمحافظة على تفوقها العسكري على أعدائها مجتمعين، كما تحتاجها في ذات الوقت من أجل احتواء الأزمات بينها وبين العرب ومن أجل التوصل من أجل السلام معهم. لذلك فإن الولايات المتحدة لو تخلت عن الدور الذي تقوم به حاليا وهو دور وسيط السلام، واكتفت بدور المشجع لإسرائيل والداعم لها على طول الخط كما فعلت طوال عهد بوش، فإنها تساهم بذلك في تضاؤل فرص إسرائيل في تحقيق أمنها على المدى الطويل من خلال الدبلوماسية.
تلخيص كتاب فلسطين.. سلام.. لا عنصريةبقلم:الرئيس الأمريكي السابق
بقلم:الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر
- كان هم "بيغن" إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط - التعنت الإسرائيلي وراء فشل كل مشاريع "السلام" - السلام قابل للتحقيق ولكن لا سلام بلا عدالة - منذ العام 1967 شعر كارتر أن الإسرائيليين عازمونعلى الاستيطان في الأراضي المحتلة
أثار كتاب الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" ولا يزال ضجة غير مسبوقة في أوساط الرأي العام الأمريكي·· الرسمي منه والشعبي· كتاب "كارتر" بعنوان "فلسطين·· سلام لا عنصرية" يهدد بإشعال جذوة توجه خطير وجاد لما يتعلق بتناول قضية الصراع العربي- الإسرائيلي·
ينطلق "كارتر" في كتابه من صعوبة إن لم يكن استحالة المضي في أي مقترح للسلام في ظل المعطيات والظروف الراهنة، لكنه في الوقت نفسه لا يرى في الأمر يأساً مطلقا، فمشروع السلام العربي- الإسرائيلي مشروع قابل للتنفيذ ولكن ليس دون شروط صارمة يحددها "كارتر" في بداية كتابه، ويرى أن الولايات المتحدة عليها أن تدعم جديا أي مباحثات سلام ويفضل أن يشارك فيها ممثلون من الأمم المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي·
مقدمة السلام كما يراها "كارتر" مبنية على ثلاثة أضلع رئيسية: أولها: أن يقبل الفلسطينيون ودول الجوار بحق إسرائيل في التمتع بحدود مرسومة وآمنة، وثانيها عدم التغاضي عن قتل المدنيين سواء في إسرائيل أو فلسطين أو لبنان أو غيرها، أما الثالث: فهو في حق الفلسطينيين بأن يتمعتوا بالسلام والكرامة فوق أراضيهم التي حددها القانون الدولي·
بالنسبة "لكارتر" فإن السلام قابل للتحقيق لكن وصفة السلام لابد أن تشمل العدالة، كذلك يعتبر "جيمي كارتر" الرئيس الأمريكي السابق، من الملتزمين دينيا وعقائديا، فقد درس الإنجيل منذ الطفولة، وعلّمه لعشرين عاما لذلك فقد ابتهج لدعوة "اسحق رابين" الذي كان آنذاك أحد أبطال حرب 1967 وذلك لزيارة إسرائيل قبل أربعة أشهر من قيام حرب أكتوبر 1973!! وقتها كان "كارتر" حاكماً لولاية جورجيا، وهو في كتابه يقدم سرداً مفصلا لتلك الزيارة لا يخلو من التهكم والسخرية، فالمواقع المقدسة والتي زارها "كارتر" آنذاك تحولت كلها الى ثكنات عسكرية تؤمها الجيوش، وتصدح في أرجائها التعليمات العسكرية بدلاً من التراتيل الدينية، فمن نهر الأردن المقدس، الى الطرقات التي عبرها المسيح الى أرض الجولان، كلها كانت مدججة بالسلاح· يومها لم يكن عدد المستوطنين اليهود يتجاوز 1.500 شخص لكن الانطباع الأول الذي أحسه "كارتر" في تلك الزيارة أن الإسرائيليين عازمون على الاستيطان في أراضي 1967·· وليس لمقايضتها في مقابل السلام وكما كان الادعاء آنذاك·
بالنسبة لكارتر فإن اتفاقية كامب ديفيد وجهوده المبذولة قبل وأثناء وبعد الاتفاقية، تعكس يقينه بضرورة بعث السلام في هذه المنطقة الساخنة، وهو هنا في كتابه يقدم تفاصيل دقيقة عن الاتفاقية التي بدأت خيوطها في مارس 1977، وبعد أسابيع قليلة من تسلمه رئاسة الولايات المتحدة· وكارتر لا يخفي أثناء سرده لتلك التفاصيل معاناته مع حدة وعناد الوفد الإسرائيلي، ولا يستثني من ذلك الوفد إلا "ايزرا وايزمان" الذي كان وقتها وزير دفاع، فهو الوحيد الذي لمس "كارتر" في كلماته صدقا لما يتعلق بالوصول الى اتفاق سلام· أما "مناحيم بيغن" فقد كان من الواضح أن ما كان يهمه من اتفاقية كامب- ديفيد هو الشق المتعلق بمصر فقط·· لأن اتفاقية ثنائية مع مصر، تعني بالنسبة لإسرائيل إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط، أما ما يتعلق بالوعود التي نصت عليها الاتفاقية بشأن الضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين·· فقد كانت قابلة للاختراق بحسب العرف الإسرائيلي·
من هم الفلسطينيون؟
يقدم "كارتر" للقارئ تعريفا دقيقا وتاريخيا للاعبين الأساسيين في دائرة الصراع العربي- الإسرائيلي·· خاصة وأنه يرى بأن تعريف الفلسطينيين والإسرائيليين هو تعريف غير دقيق فبالنسبة للفلسطينيين هنالك أكثر من تعريف·· أحد هذه التعريفات ينص على أنهم الشعب الذي قطن أرض كنعان، ثم أصبح جزءاً من الامبراطورية العثمانية، وذلك قبل أن يخضع لإشراف بريطانيا العظمى من 1922·· والى أن صدر قرار الأمم المتحدة في العام 1947 بتقسيم أرض فلسطين، وليتمتع اليهود، فيما بعد بما يقارب %55 من الأرض!!
الإحصاءات البريطانية للعام 1922 تقول إنه كان يتواجد في فلسطين 84.000 يهودي في مقابل 670.000 عربي·· وأن العدد تغير بعد أن قسمت الأمم المتحدة المنطقة ليصبح 600.000 يهودي في مقابل 1.3 مليون عربي·
وفي المقابل يستعرض "كارتر" تعريف الإسرائيليين والذي تطور عن الحركة الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر·· قبل أن يستقر الإسرائيليون في فلسطين في مايو 1948!!
الصراع، بالطبع لم يكن أبداً قصراً على الفلسطينيين والإسرائيليين·· لذا فإن "كارتر" يستعرض جيران القضية·· وعلى رأسهم "سورية"·· وهو هنا لا يخفي إعجاباً بشخص الرئيس السوري حافظ الأسد بل يصر على أن يقدم للقارئ الأمريكي ما يجهله عن سورية وعن الرئيس حافظ الأسد وذلك من خلال سرد مفصل للقائه بالرئيس لأول مرة، ولم يخل ذلك السرد المفصل من إشارات واضحة للالتزام العربي تجاه قرارات الأمم المتحدة في مقابل استهتار ومخالفة صارخة لها من جانب إسرائيل· ثم يختم "كارتر" روايته عن الرئيس "حافظ الأسد" بإشارة الى أنه أي كارتر لم يتوقف في مساعيه لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل·· حتى بعد خروجه من البيت الأبيض- وأنه في العام 2005 رفع الى البيت الأبيض برنامج زيارة ينوي القيام بها الى سورية·· ليفاجأ برفض الإدارة الأمريكية لتلك الزيارة بناء على موقف سورية تجاه الوضع في العراق· ولم تنجح محاولات كارتر بحسب قوله في إقناع الإدارة الأمريكية بأن بإمكانه التفاوض مع بشار الأسد الذي عرفه منذ أن كان طالباً في الجامعة·· أو أنه من الحماقة قطع جسور التواصل والحوار مع أولئك الذين نختلف معهم في الرأي، لكن استياء كارتر ودهشته من هكذا موقف بلغ أوجه حين عرف فيما بعد أن الحكومة الأمريكية رفضت منح الرئيس السوري "بشار الأسد" فيزا لدخول أراضيها ولحضور اجتماع الأمانة العامة في الأمم المتحدة·
من أربك الوضع العربي؟
يتحول "كارتر" فيما بعد من سورية الى الأردن مستعرضاً الدور الأردني في الصراع، وتكبد الأردن خسارة جسيمة بعد حرب 1967 إثر احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية مما أفقد الأردن ما يقارب نصف سكانه وموارد سياحية ثرية وأيضا عن جهود الملك حسين في السيطرة على الفلسطينيين في المخيمات إبان الستينات الى أن يصل بالأحداث الى المرحلة الفاصلة في العام 1970 والتي شهدت المواجهات الدامية بين قوات الملك حسين·· والكتائب الفدائية·
بالنسبة "لكارتر" فإن مصر كانت هي الحلقة التي اربكت القلادة العربية التي كانت تطوق الصراع العربي- الإسرائيلي·· وهو هنا يسترجع قولاً للرئيس المصري أنور السادات في تعليقه على العزلة العربية المفروضة على مصر بعد كامب ديفيد، بأن أغلب الدول العربية تطمح في أن تحذو حذوه·
أما الجارة لبنان·· فإن "كارتر" يرى أن الأحداث الأخيرة بين لبنان وإسرائيل قد ضاعفت من تغلغل هذه الدولة الصغيرة في دائرة الصراع·
الوضع في المملكة السعودية وكما يراه "كارتر" مختلف·· فهي أولاً ليست جارة مباشرة لإسرائيل إلا أنها وبسبب ثرائها تعتبر لاعباً أساسياً في القرار العربي!! بالنسبة لكثير من الغربيين·· فإن السعودية تبدو معزولة جغرافيا واجتماعياً·
يحكمها بضعة مئات من الأمراء الأثرياء!! لكنها بالنسبة لأمريكا، تعتبر عضوا في غاية الأهمية لما يتعلق باحتواء أي تصعيد خطير في المنطقة، وهو أمر يدفع الولايات المتحدة لأن تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة في المملكة العربية السعودية!!
وجهان لإسرائيل
يعود "كارتر" كما ذكر في كتابه لزيارة الأرض المقدسة·· فلسطين بعد عشرة أعوام من زيارته الأولى، ويسترجع هنا الظروف التي أحاطت بمساعي خليفته "رونالد ريغان" لإحياء مشروع السلام العربي- الإسرائيلي وفقا لاتفاقية "كامب ديفيد"·· مؤكداً إن التعنت الإسرائيلي لم يزل كما هو، إضافة الى حادثتين مهمتين، انعكستا وبشكل مباشر على السلام في المنطقة، الأولى كانت في العام 1986، حين كشف النقاب عن فضيحة الأسلحة الى إيران، أو ما أصبح يسمى "بإيران كونترا" التي ساهم فيها إسرائيليون الى جانب الولايات المتحدة أما الحادثة الثانية، فقد كانت في العام 1987، إثر تصاعد الحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانطلاقة الانتفاضة الأولى!! في زيارته لعام 1983 يزداد بقين كارتر بأن هنالك وجهين لإسرائيل، الوجه الأول الذي يعود الى الثقافة اليهودية القديمة، المتسمة بالأخلاقيات الدينية·· والتي كان "كارتر" قد تعلمها وتلقاها في المدارس الدينية، والوجه الآخر·· هو لإسرائيل ترفض الالتزام بأبسط الحقوق البشرية!! وهذه هي إسرائيل التي اكتشفها "كارتر" في زيارته تلك·· ومن خلال لقائه بفلسطينيين من جميع المشارب أكدوا على حقيقة التعسف الإسرائيلي بحقهم·· المدني والعملي بل وحتى القضائي!!·
بالنسبة "لكارتر" فإن اتفاقيات وجهود السلام إبان حقبة جورج بوش "الأب" وكلينتون·· سواء أوسلو·· أو مدريد·· كانت جميعها·· تتجمد عند التعنت الإسرائيلي·· في مقابل مرونة الأطراف الأخرى في الأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية!!
يخصص "كارتر" فصلا كاملاً لجهود "كلينتون" في إحياء مشروع السلام وفقا لاتفاقية "أوسلو" في ظل ظروف يرى "كارتر" إنها مناسبة·· فالانتخابات الفلسطينية سارت بشكل سلس·· والتصريحات الفلسطينية كلها متفاوتة، لكن الإسرائيليين بقوا على تعنتهم·· حتى مع قدوم حزب العمال بقيادة "إيهود باراك" في العام 1999، كان هنالك إجماع واتفاق إسرائيلي على عدم التمسك بقرارات الأمم المتحدة وبالتحديد، قرارا 242 و 338، ثم ليفجر أرييل شارون الوضع المتفجر أصلاً بذهابه مدججاً بمئات الجنود الى موقع قبة الصخرة المقدسة لدى المسلمين·· معلناً من هناك أن هذا الموقع الإسلامي المقدس سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الى الأبد!! ولتشتعل بذلك جذوة الانتفاضة الثانية!!
يستعرض "كارتر" وبالتفصيل اجتماع القمة العربية في بيروت في ظل تصاعد الانتفاضة الثانية، وهو الاجتماع الذي أعطى فيه العرب وعلى لسان ولي العهد السعودي "الأمير عبدالله" الأمان لإسرائيل·· مع وعود عربية ببناء علاقات مباشرة مع إسرائيل!! وهي الوعود التي أجابت عليها إسرائيل بحملة عسكرية عنيفة قصفت ودمرت ثم طوقت مقر الرئيس الفلسطيني المنتخب "ياسر عرفات" ليأتيها فيما بعد الدعم الأمريكي في يونيو 2002 من خلال إعلان الرئيس بوش "الابن" أن مشروع السلام أصبح يتطلب رئيسا جديداً ولتستمر فيما بعد المماطلات الإسرائيلية التي وصلت أقصاها مع شروط الإسرائيليين التعجيزية لتطبيق "خارطة الطريق" التي كان الفلسطينيون قد وافقوا عليها·· وهو ما يراه "كارتر" استمراراً في النهج الإسرائيلي الرامي لتقويض كل مشروع للسلام!!
كارتر يتحسر
يستعرض "كارتر" في كتابه المهام التي قامت بها مؤسسة كارتر للإشراف على الانتخابات الفلسطينية منذ 1996·· ويتناول العديد من الروايات والأحداث التي تشير الى البطش الإسرائيلي للفلسطينيين والذي وصل الى حد محاولة حجب حقهم الانتخابي وكما حدث مع الناخبين من القدس الشرقية!! ثم يتوقف طويلا عند انتخابات يناير 2006 التي أشرف عليها مركز كارتر بالتعاون مع بعض المراقبين الدوليين·· والتي أفرزت نتجائها عن اكتساح حماس لـ 85% من مقاعد مجلس النواب الفلسطيني·
مع آخر فصل من كتابه يتناول "كارتر" جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل بالكثير من الحسرة والأسف فالإسرائيليون يتصورون أن طوقا من الحديد سيؤمن لهم حماية من الفلسطينيين·· الذين أصبحوا معزولين بلا منافذ جوية أو بحرية مستقلة!! ويرى "كارتر" جاءت من أن جدار الفصل الإسرائيلي يعكس حقيقة المفهوم الإسرائيلي للتعايش السلمي مع الفلسطينيين!! هذا الجدار الذي "يعتقد" الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم فاعليته، بينما أدانت قيامه محكمة العدل الدولية واعتبرته غير شرعي ولا قانوني·
لكن الحسرة التي عبر عنها "كارتر" جاءت من أن هذا الجدار العنصري قد اقتحم قدسية مقدسات كبيت لحم وجبل الزيتون المكان المفضل للمسيح ورفاقه· يختم "جيمي كارتر" كتابه بتلخيص كل مشاريع السلام العربي- الإسرائيلي التي لم يتحقق منها شيء بسبب غياب النوايا الصادقة، وهو يرى هنا أن هنالك معوقين رئيسيين للسلام الدائم في الشرق الأوسط، العائق الأول أن هنالك من الإسرائيليين من يرى أن من حقه احتلال ومصادرة حقوق الفلسطينيين!! أما المعوق الثاني·· فهو في ردود فعل بعض الفلسطينيين الذين يرون في الانتحاريين شهداء لقتلهم إسرائيليين!!
والمخرج من تلك المعضلة كما يراه "كارتر" هو في إحياء مسيرة السلام من خلال مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين·· مع تكثيف الجهود لتطبيق خارطة الطريق!! ولكن في ظل شروط أهمها على الإطلاق أدرك العرب أن إسرائيل أصبحت أمراً واقعاً·· بالإضافة الى إقرار الإسرائيليين بالحقوق الفلسطينية خاصة في ظل العنف الإسرائيلي الذي اغتصب أبسط الحقوق البشرية للفلسطينيين!!
بالإضافة الى ضرورة الحياد الأمريكي بهذا الشأن·· والامتناع عن تجاوز التصرفات الإسرائيلية غير المشروعة خاصة في ظل التعسف الأمريكي في استخدام الفيتو لحجب قرارات تدين إسرائيل·· وحيث استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لهذا الغرض لأكثر من أربعين مرة!!
بعد ر حلة طويلة كهذه·· لا يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" محبطاً أو يائساً من تحقيق السلام في الشرق الأوسط·· طالما بقي هنالك مؤيدون للسلام في كلا الطرفين!! وهو هنا يذكرنا بكلمته التي ألقاها في الكنيست الإسرائيلي في العام 1979 حين قال "إن الشعوب تدعم التسوية، لكن القادة السياسيين هم الذين يعيقون السلام!!"·
عندما يقول التاريخ كلمته سيشهد أن الرئيس الأميريكي السابق جيمي كارتر هو الذي أثبت أن العمل السياسي ليس مهنة بل رسالة لا تنتهي إلا بالموت. فما قام به الرئيس الأمريكي الأسبق من جهود على الصعيد الإنساني والسياسي بعد خروجه من البيت الأبيض أعظم من جهود عشرات الرؤساء مجتمعين· وها هو الآن في الثمانين من عمره وبعد 30 عاما على رحلته الأولى للشرق الأوسط لازال يحمل ملف قضية الشرق الأوسط مفعما بأمل التوصل إلى سلام عادل وشامل للصراع في المنطقة· وبكتابه الجديد << فلسطين: السلام لا .. الفصل العنصري>> استطاع كارتر أن يعيد الروح إلى الحق الفلسطيني ويفضح عدوانية الممارسات الإسرائيلية. ولكن ·· ما الذي سيجنيه جيمي كارتر من وراء الاصطدام باللوبي الصهيوني؟ ومن إثارة جدل واسع حول عنصرية إسرائيل؟· هل هو عمل شجاع لسياسي مخضرم حي الضمير ؟
أم أن ما يفعله هو لقطة من الدراما الحية المليئة بالتشويق والإثارة التي ميزت هذا الصراع الأزلي·؟
أيا كانت الإجابة فلا شك أن كتاب جيمي كارتر نجح في كسر التابوهات السياسية في أمريكا ، وفتح بابا واسعا للجدل حول سياسات إسرائيل التي نادرا ما تكون موضعا للجدل· أما في منطقتنا العربية فلقد تلقف النقاد كتاب كارتر الجديد مهللين بالنصر ووصفه بعضهم بالكتاب الجريء رغم أنه في بعض الأحيان لا يطابق الرؤى الفلسطينية و العربية للصراع العربي الإسرائيلي · فمن يقرأ الكتاب يكتشف أنه لم يقدم الشيء الجديد لقضية الشرق الأوسط، بل هو أقرب إلى سرد تفصيلي للحقائق التاريخية والانطباعات الشخصية والتجارب الإنسانية التي عايشها الرجل طول سنوات احتكاكه بأقطاب الصراع العربي الإسرائيلي· وإن كانت هناك جرأة فهي في عنوان الكتاب الذي هو بمثابة صرخة حق، وفي كون مؤلفه ليس محللا استراتيجيا ولا ناقدا سياسيا ولا صديقا للعرب بل رئيسا أسبق لأمريكا حليفة إسرائيل، وتربطه صداقة شخصية قديمة وحميمة بزعمائها· وتتلخص الأهمية الحقيقية للكتاب كونه قدم للقارئ الأمريكي تقريرا أمينا شاملا يشرح بصدق معاناة الشعب الفلسطيني ويلقي الضوء على السياسات المهينة التي تتبعها سلطات الاحتلال لقمعه· والحقيقة ·· أن البعد الأخلاقي لكارتر والذي ميز حضوره السياسي على الساحة الدولية لعقود من الزمان أفسد جهود كل من تآمروا لمنع الكتاب بل جعله على قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية·
صدر كتاب <<فلسطين: السلام لا ·· الفصل العنصري>> في 14 نوفمبر الماضي عن دار نشر <<سيمون وشستر>>. وجاء في 264 صفحة مقسمة على 16 فصلا، تخللها تسع خرائط مهمة وملاحق لقرارات الأمم المتحدة ومقترحات عربية للسلام· وبالرغم من مرور قرابة الشهرين على صدور الكتاب إلا أن حملة الإساءة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي الأسبق من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لا تزداد إلا ضراوة· حتى أن اللجنة التنفيذية الأمريكية اليهودية، قالت من الآن فصاعدا لن يقدر كارتر على أن يكون وسيطا نزيها· وتسبب الكتاب في حملة هجوم واسعة شنتها صحف أمريكية موالية لإسرائيل في واشنطن شككت في نزاهة مهندس اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وأولت انتقاداته لقادة إسرائيل بعدم الموضوعية والتحيز للعرب!
بدءا من عنوان الكتاب ومرورا بمحتواه المنتقد لإسرائيل وانتهاء بشخصية جيمي كارتر لم يسلم شيء من النقد والتجريح والسخرية، حتى أن صحيفة <<الواشنطن بوست>> التي تتزعم الحملة وصفت مقارنته كارتر جدار الفصل العنصري في إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالمقارنة الغبية وبأن الكتاب مطرقة على رأس إسرائيل. ووصفته جريدة <<لوس انجلوس تايمز>> بأنه هجوم مباشر على إسرائيل، وستكون له عواقب وخيمة. قال <<جاري ديرفنر>> وهو صحافي في جريدة <<جيروسالم بوست>>: لا اقدر على أن أقول أن كارتر يعادي اليهود· اعترف انه صديق لإسرائيل. لكن المشكلة هي انه يريدان أن يكون صديقا للعرب أيضا· ولن تقبل إسرائيل من احد أن يكون صديقا لها وصديقا للعرب في نفس الوقت· صديق إسرائيل الحقيقي هو الذي يعادي العرب!.
كل هذه الجلبة·· وقليل هم الذين يعلمون أن كارتر اضطر إلى تخفيف بعض العبارات، وأجبر على حذف أخرى قبل طبع الكتاب تحت وطأة النقد اللاذع لوسائل الإعلام بعد أن تسربت لهم مسودة الكتاب. ثم أجبر كارتر مرة أخرى على تأجيل موعد النشر بناء على طلب من قيادات الحزب الديمقراطي ـ الذي ينتمي إليه كارتر- لضمان أصوات اليهود في انتخابات الكونجرس. وبعد ساعات من النشر سارعت <<نانسي بيلوسي>> الرئيس الجديد لمجلس النواب الأمريكي بإعلان براءتها من محتوى الكتاب، وأصدر <<هوارد دين>> رئيس الحزب الديمقراطي بيانا يؤكد دعمه لإسرائيل وينفي علاقة الحزب بكتاب كارتر. وحتى <<كينيث شتين>> المدير السابق لمركز كارتر تبرأ من كارتر وقال أن الكتاب مليء بالأخطاء. وكذلك فعل <<دنيس روس>> الموفد الخاص السابق إلى الشرق الأوسط في عهد كلينتون الذي اتهم كارتر بنشر خرائط ليست ملكه. وتنوي جماعات التصدي لحقوق اليهود رفع دعوى قضائية على كارتر تطالبه بالتعويض على إساءة السمعة.. ولا تزال الحملة مستمرة·
تساؤلات·· بلا إجابات
في مقدمة كتابه قال كارتر:<<لقد كانت أحد أهم أهداف حياتي منذ وصولي إلى البيت الأبيض وبعد مغادرتي إياه في عام 1980 أن أساعد على تأمين سلام دائم للإسرائيليين وللآخرين في الشرق الأوسط. وكثيرون هم الذين يشاركونني هذا الحلم وتتضافر جهودهم معي من أجل تحقيق السلام. ومن المفيد دائما أن نفهم الخلفية التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي ونعرف العقبات التي تقف أمامنا وندرك أنه لا بد من أن نصنع شيئا الآن كي يتحقق السلام غدا في المنطقة. << ثم استعرض كارتر أهم الأحداث التاريخية في المنطقة والتي قادت إلى إشكالية صراع تاريخي ذو صبغة دينية بدأ من هجرة خليل الله إبراهيم من أور كنعان عام 1900 قبل الميلاد وانتهاء بتولي <<أيهود أولمرت>> رئاسة الوزراء في إسرائيل في آذار (مارس) 2006 ميلادية مرورا بعشرات الأحداث والشخصيات التي لعبت دورا في الصراع>>.
طرح كارتر علامات استفهام كثيرة تبدو لا نهائية وبلا إجابات عن إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين· فقال: ما هي شروط هذا السلام؟ وما الاحتمالات التي يقدمها المستقبل؟· وما الأرضية المشتركة التي يمكن لأطراف النزاع البناء عليها؟. وهل بات مطلوبا الدخول في أزمات جديدة محتقنة حتى تتدخل الأطراف الدولية؟ وهل يمكن لإسرائيل في ظل قوتها العسكرية الراهنة والدعم الأمريكي الكامل أن تهزم المقاومة العربية؟· لم يجب كارتر على أي من هذه التساؤلات.. إلا أنه نبه الدول الكبرى إلى أن شعوب المنطقة لديها أحزانها وغضبها وطموحاتها، لكن إسرائيل تبقى هي الهم الرئيسي والقبلة التي يتوحد عندها الغضب العربي. وأنه لا يمكن تجاهل احتقان الشارع العربي من تحالف أمريكا مع إسرائيل·
لذلك آن الأوان أن تكون الولايات المتحدة شريكا عادلا في تحقيق السلام للطرفين وليست حكما ضد طرف واحد· فالعالم لازال ينتظر الدعم الحقيقي للسلام من الولايات المتحدة على أن تكون أمريكا طرفا يمكن الوثوق فيه· وطالب كارتر من الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن التساهل إزاء سياسات المصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية لأن ذلك هو سبب تصاعد الإرهاب العالمي الموجه للولايات المتحدة· وحدد كارتر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني طبقا للقانون الدولي· منها حق تقرير المصير وحق التعبير وحق الفرد في معاملة متساوية وعدم الاعتقال دون سند والتحرر من سيطرة القوة العسكرية وحق الأسر الفلسطينية في لم الشمل وحق المواطنين المسالمين العزل في العيش بسلام.
قال كارتر:<<أن المنطقة العربية تعيش ظروفا صعبة للغاية والمناخ السياسي متأزم لدرجة لم يشهدها تاريخ العالم من قبل. ومن هنا تكمن صعوبة التفاوض من أجل السلام. ولكي تستأنف المفاوضات لا بد أن تكون هناك ثلاثة أسس واضحة من وجهة نظره. أولها حق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام ضمن حدود معترف بها من قبل الفلسطينيين ودول الجوار. وثانيها أن تتفق الأطراف على أن قتل المواطنين العزل في إسرائيل وفلسطين ولبنان سواء عن طريق القنابل أو الهجمات الصاروخية أو الاغتيالات أو أية أعمال عنف أخرى هي أمور لا يمكن التسامح بشأنها. أما ثالثها فأن يعيش الفلسطينيون في سلام وكرامة على أراضيهم وفقا لما نص عليه القانون الدولي وأن تكون التعديلات المقترحة في التسوية السلمية بناء على التفاوض الإيجابي مع إسرائيل. وأضاف كارتر:<<لا بد للعرب أن يعترفوا بحقيقة أن إسرائيل أصبحت دولة لها وجود، كما على الإسرائيليين أن يقبلوا بوجود دولة فلسطينية. وأن معادلة السلام العادل على هذه البقعة الصغيرة والمميزة من العالم لابد أن تتحقق ضمن القوانين الدولية وتدعمها سياسة الولايات المتحدة وتباركها إرادة غالبية الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني>>.
اعترافات كارتر··
كتاب كارتر <<فلسطين ·· السلام لا الفصل العنصري>> مليء بالاعترافات التي وردت على لسان كارتر بعضها يكشف مشاعره تجاه القضية أو تجاه شخصيات رئيسية. فعندما كان كارتر حاكما لولاية جورجيا التقى برابين والذي وجه إليه دعوة عام 1973 لزيارة إسرائيل. وكان كارتر حريصا على زيارة الأرض المقدسة خاصة فهو مسيحي متدين تلقى دروسا دينية في الكنيسة طوال عمره ثم أصبح معلما للإنجيل على مدى عشرين عاما.
(ايبـاك) رأس حربة اللوبي الصهيونيلقد أصبح (اللوبي الصهيوني) وعلى رأسه(ايباك)، شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل. وليس غريباً أن يقول أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي: «نحمد الله أن لدينا ايباك أعظم مؤيد وصديق عندنا في العالم بأسره».ولعله من المفيد بداية الإشارة إلى الجدل القائم حول حقيقة (اللوبي الصهيوني)، وهل يسيطر فعلاً على السياسة الأمريكية، أم أن النخب السياسية والاقتصادية الأمريكية هي من يوجه بوصلة عمل هذا اللوبي.وبهذا الصدد فإن وجهة نظر المفكر الأمريكي اليهودي (نعوم تشومسكي) هي أن (اللوبي الصهيوني) لا يبلور السياسة الأمريكية، بل يجسد مصلحة أصحاب رأس المال والنفوذ في الولايات المتحدة، الذين يقفون وراء السياسة الامبريالية الأمريكية ويستغلون إسرائيل لتحقيق أهدافهم.أما المفكر الإسرائيلي (يوري أفنيري) فيعلق على من يقول بسيطرة (اللوبي الصهيوني) على السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل، وبين من يقول بأن اللوبي وإسرائيل في خدمة أصحاب رأس المال والنفوذ الأمريكيين، ويتساءل: «هل الكلب يلوح بالذيل، أم الذيل يلوح بالكلب؟» وانتهى إلى القول بأن «التكافل الأمريكي – الإسرائيلي هو ظاهرة مميزة ومعقدة جداً، حيث لا يمكننا وصفها بأنها غير مجرد مؤامرة. إن الكلب يلوح بالذيل، وإن الذيل يلوح بالكلب، أي أن كلاً منهما يلوح بالآخر!».ما هي لجنة (ايباك)لقد استفادت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بتشكيل مجموعة ضغط تحقق أهداف وغايات الحركة الصهيونية، بالاستناد إلى القانون الأميركي الصادر عام 1946، الذي أعطى الحق للجماعات المختلفة في تشكيل مجموعة ضغط تضمن مصالحها. واعتماداً على القانون المذكور استطاعت الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (ايباك) aibac عام 1951، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها (لوبي صهيوني). ويعتبر (سي كنن) الذي سجل اسمه في سجلات وزارة العدل الأمريكية مؤسسها، وفي الوقت ذاته يعتبر وكيلاً لدولة أجنبية. وتتألف لجنة (ايباك) من رئيس ومدير تنفيذي. ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي ، ومنظمة (بناي بريث) اليهودية، في دعم لجنة (ايباك)، لخدمة إسرائيل، وذلك من خلال دعم (اللوبي الصهيوني) وزحف نفوذه في الكونغرس والبيت الأبيض، ومراكز القرار الأخرى في الولايات المتحدة. وتبلغ ميزانية (ايباك) السنوية 50 مليون دولار. وتعقد مؤتمراً سنوياً يتسابق في حضوره كبار السياسيين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. ويبلغ عدد أعضاء (ايباك) حوالي مائة ألف عضو منتشرين في الولايات الأمريكية كافة . وتركز (ايباك) نشاطها على أعضاء الكونغرس، وتجري أكثر من 2000 مقابلة سنوية معهم، لحثهم على اتخاذ قرارات لصالح إسرائيل . فقد أنتجت تلك المقابلات عام 2005 أكثر من 100 قانون مؤيد لإسرائيل. وتحرص (ايباك) على أن يحضر ممثل عنها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف صغيراً كان أم كبيراً. أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائماً عضو من الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس ويطالع سجله بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع بزيارات من (ايباك). ولدى لوبي (ايباك) قدرة تنظيمية وبحثية وتمويلية تتمتع بقوة هائلة داخل الكونغرس، منعت في السابق من إصدار قرارات تضر بإسرائيل، حيث نجح أعضاء (ايباك) في ربط أنفسهم بأجندة المحافظين الجدد بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001، كما لـ(ايباك) قوة تنظيمية كبيرة في مراكز الأبحاث والقرار، عدا عن دعمها المالي الكبير لمرشحين تراهم الأفضل في تأييد إسرائيل داخل المؤسسات الأمريكية المختلفة. وأنشأت (ايباك) مركز أبحاث (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) عام 1985، بهدف إعداد ونشر أبحاث عن منطقة الشرق الأوسط وفق وجهة النظر الإسرائيلية ويتم رفعها لأصحاب القرار. وتصدر (ايباك) مجلة بعنوان (تقرير الشرق الأدنى) كل أسبوعين، وهي مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.إستراتيجية (ايباك) في دعم وحماية إسرائيللقد وضعت لجنة (ايباك) إستراتيجية تنطلق منها في دعم وحماية إسرائيل، وعدم الاكتراث حتى بالمصالح الأمريكية، فالولاء لإسرائيل يتقدم كثيراً على الولاء للولايات المتحدة.يقول طوبي شوفيتز المتحدث باسم لجنة (ايباك): «نحن منظمة أمريكية أو لوبي إذا شئت يعمل لمساعدة إسرائيل ومناصرتها وتأييدها». وأبرز أهدافنا كما يقول شوفيتز:
1- تعليم المواطن الأمريكي العادي كيف يهتم بإسرائيل، ويؤمن بقضيتها، إذ أن مساندة إسرائيل مسألة متوارثة في الولايات المتحدة وعلى مستوى شعبي.
2- منذ ولاية هاري ترومان نحن منظمة لا نتمتع بتسهيلات ضرائبية ولا نحقق منافع شخصية.
3- هدفنا تنمية الصداقة بين إسرائيل وأمريكا.
4- نحن ناشطون داخل الكونغرس وداخل المؤسسات ومراكز العلم والاقتصاد.
5- مؤيدونا متواجدون داخل الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري.
6- منا من يؤيد حكومات الليكود في إسرائيل، وبعضنا يؤيد حكومات العمل.
7- إننا متفقون على مناصرة إسرائيل.
8- نحن لا نقترب أو نبتعد عن إسرائيل لأن حكومة هذا الحزب في السلطة أو خارجها.
وطورت (ايباك) أهدافها في الولايات المتحدة إلى:
1- تنسيق الأهداف والاستراتيجيات والتكتيك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
2- تخزين معدات عسكرية وذخيرة ووقود أمريكي في إسرائيل لاستخدامه خلال أزمات المنطقة.
3- استخدام ميناء حيفا لتقديم التسهيلات للأسطول السادس الأمريكي.
4- استخدام القواعد الجوية الإسرائيلية والمطارات والإمكانيات الأرضية.
5- بناء محطات إستراتيجية جوية في إسرائيل للاستخدام الأمريكي.
6- تمرير السلاح الأمريكي والمعدات عبر إسرائيل.
7- توفير الحماية الإسرائيلية للخطوط البحرية الأمريكية والمصرية.
8- تعاون أمريكي- إسرائيلي عسكري لإعادة توازن القوى في لبنان.
9- مناورات عسكرية أمريكية- إسرائيلية مشتركة.
ورغم تلقي (ايباك) صفعة قوية عام 2004 بعد إدانة (لورانس فرنكلين) محلل الشؤون الإيرانية في وزارة الدفاع الأمريكية بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، عن طريق (ايباك)، التي استبقت الإدانة وقامت بطرد موظفين يعملان لديها، لهما علاقة بعملية التجسس، إلا أن مكانتها مازالت على حالها من القوة والتأثير داخل مركز صنع القرار الأمريكي.ويشير (حسن صابر) في صحيفة (الوطن) السعودية نقلاً عن الباحثة الأمريكية (كارول سيلفرمان) تأكيدها في دراسة أعدتها جامعة فرجينيا الأمريكية، إلى أن (ايباك) تتمتع بقدرة فائقة في التأثير على لجان الكونغرس، وأنها نجحت في أن ينظر الأمريكيون إلى سياستهم تجاه الشرق الأوسط على أنها ذات أبعاد داخلية. ويحرص مندوبوها على حضور جلسات الكونغرس عندما تدور المناقشات حول إسرائيل وقضايا الشرق الأوسط.وبفضل (ايباك) وبقية أركان اللوبي اليهودي الأمريكي استطاعت إسرائيل أن تحصل على مساعدات أمريكية إضافية تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار. أما أهم أنشطتها المتعلقة بإسرائيل، حسب الدراسة الأمريكية، فتتضمن متابعة اهتمامات الإدارة الأمريكية بالملف النووي الإيراني ومحاولة التأثير فيه، بحيث تتمكن من تحريض واشنطن على ضرب إيران، كما تولي (ايباك) اهتماماً بضرورة استكمال تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان وتفكيك قوات حزب الله. والأكثر من ذلك يتردد في واشنطن أنه كان لها دورها في أن تغفل إدارة الرئيس بوش عن حدود 67 وقضية اللاجئين الفلسطينيين، لتحقق إسرائيل ما تصبو إليه من توسيع في الاستيطان ورسم حدودها بالطريقة التي ترضيها.جورج سوروس في مواجهة (ايباك)مما لا شك فيه أن نتائج انتخابات الكونغرس التي جرت أواخر العام الماضي، والهزيمة التي حصدها حزب الرئيس بوش الجمهوري أمام الحزب الديمقراطي، قد صدع من مكانة المحافظين الجدد المتحالفين مع (ايباك). الأمر الذي شجع الملياردير اليهودي (جورج سوروس) على محاولة تشكيل (لوبي يهودي) جديد في الولايات المتحدة أواخر تشرين الأول من العام الماضي، ليكون نداً لـ(ايباك). وجاء الإعلان عن هذا اللوبي الجديد والذي لم يعلن عن اسمه في واشنطن. وتكشف طبيعة الشخصيات التي التقت مع سوروس وجماعته، أنها شديدة المعارضة للروابط الوثيقة بين (ايباك) والمحافظين الجدد. كما عقد سوروس اجتماعاً ثانياً في نيويورك أواخر العام الماضي، وقد بدت في هذا الاجتماع ملامح التوجهات العامة لهذا اللوبي الجديد، والتي برزت في الدعم اللا محدود لمراكز الأبحاث ذات الصلة بالحزب الديمقراطي، والدوائر الاجتماعية والثقافية المعارضة لسياسة بوش في الداخل والخارج . ومن الشخصيات التي حضرت الاجتماعين (بيتر لويس) رجل الأعمال اليهودي والمساند للحزب الديمقراطي، والأخوان (إدجار وتشارلز برغمان)، والأول خبير في شؤون الشرق الأوسط وسبق أن ترأس (المؤتمر اليهودي العالمي) والأخوان متبرعان سخيان لإسرائيل، و(بيرادي لي) رئيسة فرع حركة (السلام الآن) الإسرائيلية في الولايات المتحدة، و(دانييل ليفي) مستشار الوزير الإسرائيلي (يوسي بيلين).ويرى المراقبون أن تشكيل لوبي يهودي جديد في الولايات المتحدة يقف في وجه (ايباك) ليس بالأمر السهل فـ(ايباك) ذات تاريخ طويل وقوة متنفذة داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته. كما لا يمكن الحديث عن اختلاف جوهري بين جماعة سوروس و (ايباك) ،فكلاهما يسعيان لمصلحة إسرائيل وإن اختلفا في التوجهات، وكان سوروس قد كتب مقالاً في صحيفة (جون افريك) حمل عنوان (لنتحرر من نفوذ ايباك) وأكد سوروس في مقاله أنه متمسك جداً بمسألة بقاء واستمرار إسرائيل،وأنه لايريد أن «يمنح ولو ذرة طحين إلى أعداء إسرائيل» وحول قوة نفوذ (ايباك) قال سوروس: «كل شخص يجرؤ على التنديد بنفوذ (ايباك) يعرض نفسه للويل والثبور وعظائم الأمور».وهكذا وبعد كل ما تقدم يتضح أن لجنة أو منظمة (ايباك) تساهم بشكل أساسي في تغذية العدوان الإسرائيلي المستمر على الأمة العربية. كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز دعائم العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية وعلى كافة الأصعدة.
المصدر اوراق 99
<$BlogDateHeaderDate$>
وفاة الضحية '157' من المرضى بسبب الحصار الإسرائيلي
<$BlogDateHeaderDate$>
على محطة قطار سقط عن الخريطة
بوش اثبت انه صهيوني اكثر من وزراء اسرائيل
<$BlogDateHeaderDate$>
yاللوبي اليهودي..احتفاء مختلف بإسرائيل
ظهور لوبي يهودي معتدل ينافس آيباك
لا يوجد شارع في واشنطن يسمي ( STREET J) مثلما هو الحال مع باقي حروف الأبجدية الإنجليزية التي يطلق معظمها علي شوارع العاصمة الأمريكية، لكن مجموعة من المدافعين عن خيارات السلام استلهموا هذا الغياب للإعلان عن قيام أول منظمة من اليهود الأمريكيين تركز علي دعم السياسيين الأمريكيين الذين يؤمنون بضرورة التحرك نحو تسوية سلمية حقيقة في الشرق الأوسط في تحدي لأقوي جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة وهي لجنة العلاقات العامة الأمريكية-الإسرائيلية "إيباك". فقد تمكن حشد من رموز اليهود الأمريكيين "الليبراليون" بمساندة من شخصيات معروفة في المجتمع الإسرائيلي من الإعلان عن تأسيس منظمة جديدة في واشنطن تسعي إلي مساندة جهود السلام في الشرق الأوسط والوقوف في وجه "إيباك" التي يراها الكثيرون في دفاعها عن السياسات المتشددة في إسرائيل كارثة علي أمنها ومصالح أمريكا ومستقبل التعايش في المنطقة رافعين شعار "مؤيدون لإسرائيل. مؤيدون للسلام". أطلق مائة من المؤسسين أسم "جي ستريت" J Street www.jstreet.org علي المنظمة الجديدة تعبيرا عن الرغبة في إيجاد طريق جديد للسياسة الأمريكية تجاه الصراع، ويعتبر جيرمي بن عامي المستشار السابق للسياسة الداخلية في إدارة الرئيس بيل كلينتون، ودانيل ليفي المستشار السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود باراك- ونجل اللورد ليفي مبعوث بريطانيا السابق في الشرق الأوسط والباحث النشط في واشنطن - هما العقل المدبر للجماعة الجديدة التي قالت في بيانها الأول "لفترة طويلة من الزمن |
<$BlogDateHeaderDate$>
يتوعد غزة بحسم قريب
بعد ستين عاما على النكبة
<$BlogDateHeaderDate$>
رفع عدد ضحايا الحصار إلى (167)- الحصار حرم عائلة العماوي من الفرحة بابنها الشاب "محمد"
وفاة الرضيع الثالث خلال 24 ساعة جراء الحصار على القطاع
<$BlogDateHeaderDate$>
يومان فصلا بين وفاتهما: حصار غزة يجمع بين الزوجين "حبوش" في القبر!
<$BlogDateHeaderDate$>
المفاهيم الاساسية للمسيحية الصهيونية ..
في تقدير صمود الفلسطينيين
بقلم : بنجامين وايت. كريستيان ساينس مونيتور
بينما تحتفل اسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها, يغتنم الفلسطينيون هذه المناسبة ليتذكروا البعثرة الكارثية التي ارتكبت بحق مجتمعهم في عام .1948 على ان الامر ليس, ببساطة, مجرّد استرجاع الماضي, فهم يواصلون الكفاح من أجل تقرير المصير, والاعتراف بحقوقهم بمقتضى القانون الدولي.
ومع هذا, فإنها غلطة كبيرة ان ينظر الى السنوات الستين الماضية, على انها قصة كارثة غير عصيبة بالنسبة للشعب الفلسطيني, اذ تحققت نجاحات وانجازات مهمة تستحق الذكر ايضا. ولهذا اهميته الكبرى اذا ما اخذنا بعين الاعتبار مدى التدمير الذي لحق بالمجتمع الفلسطيني في عام 1948; فقد دمّرت اسرائيل حوالي 400 قرية فلسطينية, وغدا 85 من فلسطينيي ما اصبح يعرف بإسرائيل مطرودين من بلادهم.
وبالرغم من كل شيء, لم يبق الفلسطينيون احياء يرزقون وحسب, بل نالوا الاعتراف الدولي بدولتهم ايضا, بفضل اصرارهم العنيد. فقد واصلوا الكفاح, ومن دون حلفاء في غالب الاحيان, ليحققوا مكاسب سياسية جوهرية, ورفض الفلسطينيون داخل اسرائيل, وفي المناطق المحتلة, ومناطق الشتات, مطالب اسرائيل بأن "اخرجوا", كما قاموا هيمنتها.
يتجسد هذا الاصرار الفلسطيني في عائلة نصّار المسيحية التي تعرفت اليها منذ سنين. فلهذه الاسرة قطعة ارض جميلة تطلّ على قرية نحالين غرب مدينة بيت لحم. وشهد افرادها بأم أعينهم انتشار المستوطنات اليهودية غير الشرعية على التلال المحيطة بهم. وقد نجوا, حتى الآن, من محاولات جيش الاحتلال الاسرائيلي مصادرة املاكهم.
وسواء أأغلق آل نصّار الطريق على تجاوزات وانتهاكات المستوطنين, اما برفع قضيتهم امام المحاكم, او بالاتصال مع المؤيدين والمؤازرين في العالم, فإنهم حشدوا مصادر الدعم العائلي من جهة, ودعم المجتمع من جهة ثانية. وما يدعو الى الاثارة الحيّة ونفخ الروح, اكثر من غيره, انهم هيأوا ارضهم لاستضافة مخيمات للأطفال, وتبادل الوفود الثقافية, والضيوف الاجانب, مدركين واجبهم بضرورة الكفاح من أجل البقاء في ارضهم. وهذا بحّد ذاته انتصار يرجع صدى الرفض الفلسطيني التاريخي للقبول بقدرهم وحسب, خاصة منذ الستينيات, والتصميم الموازي لذلك على تنظيم المقاومة الجماهيرية. ولعلّ أبرز الانجازات تمثل في اندلاع الانتفاضة الاولى في الثمانينيات, التي بيّنت لإسرائيل ان احتلالها لم يكن من دون ثمن, كما عرضت للعالم الواقع القمعي والاضطهادي للسياسة الاسرائيلية.
ومن الانجازات البارزة, التي تحققت خلال العقود القليلة الماضية, انتعاش المجتمع المدني الفلسطيني. فبتشديد الجاليات تكون قد وفرت قوة حيوية للمجتمع الفلسطيني المحاصر. ويعود الفضل, جزئيا, في هذا المقام, الى هذه الثقافة عميقة الجذور المتعلقة بالمواطنة النشطة الفعالة, التي مكّنت الفلسطينيين من اجراء انتخابات كانت محلّ حسد في العالم العربي, نظرا لشفافيتها وطابعها المهني. وببناء الباحثين والاكاديميين الفلسطينيين على تقليدهم الحيوي في ممارسة الحياة الثقافية والفكرية, ارتقوا الى مراتب عليا في العالم خلال العقود الاخيرة, ليس فقط في ميدان الدفاع عن كفاح شعبهم ونصرته, بل ايضا كرموز مشهورة في مجالات تخصّصهم.
وفي الوقت ذاته, واستناداً الى ثقافتهم الغنية وتراثهم الديني, اضافة الى تجربتهم الخاصة في المنفى والنضال, اسهم الكتاب والشعراء والفنانون ومنتجو ومخرجو الافلام الفلسطينيون كثيرا, ليس فقط في مساعده شعبهم, بل ايضا في العالم كله.
ومن منظور تاريخي, فإن احدى عقبات تحقيق السلام, تمثلت في حقيقة ان اسرائيل أحسّت بأنها قادرة على المضي قدما في سياسة الطرد للفلسطينيين واحتلال اراضيهم من دون اكتراث عالمي كبير بذلك. ولهذا علاقة وثيقة بحقيقة ان الطبعة الصهيونية الممنهجة لما حدث في عام ,1948 قد سارت من دون معارضة في دول الغرب - وداخل اسرائيل ايضا - على مدى سنوات طوال.
ومع هذا, فقد تمكن الفلسطينيون, من خلال عوامل محدّدة, مثل "المؤرخين الاسرائيليين المحدثين", والجهود الدؤوبة للقائمين على الحملات, والتكنولوجيا الحديثة لوسائل الاعلام, التي تمكّن من النشر الواسع "للمعلومات على الارض", من احداث شروخ في واجهة الدعاية الاسرائيلية. وفي غضون ذلك, ازداد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية ازديادا كبيرا, بحيث غدت هذه القضية مسموعة تماما وتفرض نفسها الآن, بالرغم من جميع محاولات طمسها.
ومهما يكن من امر, فما تزال هناك عقبات هائلة ومرعبة. فاسرائيل تنعم بالدعم المستمر ممّا يسمّى المجتمع الدولي, بالرغم من بعض الصفعات الطارئة, فالكثير من النقاش الذي يدور في الغرب ما تزال الفرضيات الصهيونية هي التي تصوغه وتشكّله, كما انه يجري من وجهة نظر اسرائيلية حصرا. والفلسطينيون في هذا النقاش يعاملون كأبناء بلد عليهم "الحصول" على حق تقرير المصير, والكرامة, والأمن, والحرية.
كما ان بعض الفلسطينيين خلقوا, من غير قصد ودراية, عراقيل امام تحقيق مزيد من التقدم, فالطاقة الايجابية للانتفاضة الاولى جرت تقنيتها في المؤسسات البيروقراطية للسلطة الفلسطينية, بينما الانقسامات المريرة غالباً ما وقعت بين حماس وفتح مثلاً. والوحدة السياسية الفلسطينية, والمقاومة الاستراتيجية المبدئية ظلّت من دون تدعيم في غالب الأحيان. والرواسب القديمة, والفساد, وتدخل اطراف ثالثة تبقى عقبات كبرى.
على أن بإمكان الفلسطينيين أن يحققوا مكاسب كذلك من الاتفاق الجماعي على وقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين, اضافة الى ان السياسة الاخلاقية مفيدة لهم ايضا, بل انها حتى تشكل جزءا من عملية تحوّل أعرض نحو استراتيجيات مقاومة أقلّ "نخبوية", تستند الى مشاركة جماهيرية شعبية, شريطة ألاّ تُخلط مع المطالبة المزيفة بالسلبية ودعوة الفلسطينيين الى التسليم والاذعان للهجمات الاسرائيلية.
ستون عاماً فترة زمنية طويلة; وبالتالي فإن الاعتراف بالصمود الفلسطيني هو أفضل اشكالها. ويتمثل هذا الصّمود بكفاح آل نصّار, وأطفالهم, وادواتهم الزراعية, وغرس أشجار الزيتون في ظلال المستوطنات الاسرائيلية, بتصميم وعزّة نفس, عبر حواجز الطرق ونقاط التفتيش. فبالرغم من جميع الفروق, وعلى الضدّ منها, بقي ملايين الفلسطينيين يفلحون الأرض, وينشؤون الأعمال والشركات, والتزاوج وانجاب الاطفال, وندب الموتى. وفي مواجهة الجهود الصارمة الرامية الى تهميش, حتى محو وطنهم ومجتمعهم, واصلوا الحياة بكل معانيها, وهذا هو أفضل تأسيس ممكن لتحقيق انتصارات أعظم, خلال الأعوام الستين التالية
الأساطير الخمس حول "الموالين لإسرائيل"
بقلم : جيرمي بن عامي.واشنطون بوست
منذ ستة عقود تقريباً، قاتل والدي إلى جانب "مناحم بيجين" من أجل إنشاء دولة إسرائيل، ولو كان أحد قد قال له آنذاك إنه سيأتي يوم يتسابق فيه الساسة، في أقوى دولة على ظهر الأرض، على إظهار الولاء لإسرائيل، لكان قد ضحك من قوله. وعلى الرغم من كوني ممن يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة على ما أبدته من صداقة لإسرائيل خلال العقود الستة الماضية، فإنني لا أملك أنا والدولة التي ساعد أبي على إقامتها منذ 60 عاماً، سوى التساؤل عن الجهة التي تتولى تعريف ما معنى أن يكون الشخص موالياً لإسرائيل في الولايات المتحدة هذه الأيام.
البعض يفترض أن الولاء لإسرائيل يعني تأييد كل ما تقوم به دون تفكير، ومعارضة كل ما يقوم به أعداؤها بلا هوادة، مع تبني وجهات نظر "المحافظين الجدد"، والعناصر "اليمينية" المتطرفة في الجاليات اليهودية، والمسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة. وفي مفهوم هذا البعض، فإن أي أحد يتجرأ على انتقاد إسرائيل، أو يناقش أي تصرف تقوم به، يُصنف فوراً كـ" معادٍ للسامية". أما التشجيع غير المشروط للسياسات الإسرائيلية القصيرة النظر مثل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فهو لا يُعتبر دليلاً على الصداقة الحقيقية للدولة العبرية.
طالما ظل الفلسطينيون يائسين، فإن إسرائيل ستبقى دائماً في حرب. وطالما ظلت البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فلا يمكن إنقاذ المدن الإسرائيلية حتى ولو بسور الصين العظيم.
إسرائيل لا تريد أصدقاء حقيقيين، وإنما تريد من يعززون من قوتها، ويمكنونها من التحكم والسيطرة. وإقامة علاقة صداقة صحية مع إسرائيل، يتطلب تحطيم بعض الأساطير المتعلقة بـ" ما الذي يعنيه أن تكون صديقاً لإسرائيل".
الأسطورة الأولى: الأميركيون اليهود يفاضلون بين المرشحين في الانتخابات بناء على موقفهم من إسرائيل. هذه الأسطورة أصبحت قولاً مأثورا في السياسة الأميركية، مما يدفع السياسيين الأميركيين لبذل قصارى جهودهم لاكتساب صفة" الموالاة لإسرائيل" في المقام الأول. وفي الحقيقة أن تلك المقولة ليست سوى خرافة تعمل على ترويجها أقلية صغيرة من اليهود الأميركيين المحافظين من النوع الذي يصوت لصالح المرشح من أجل موضوع أو قضية واحدة يتبناها ذلك المرشح، وليس بناء على مجمل ما يتبناه من قضايا في مجالي السياسة الخارجية والداخلية كما تفعل غالبية الأميركيين.
الأسطورة الثانية: كي تكون قوياً في تأييدك لإسرائيل يجب عليك في ذات الوقت أن تكون قاسياً على الفلسطينيين. إنها مقولة تُضر بإسرائيل أكثر مما تفيدها. ويكفي هنا أن نقرأ ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" وهو إن بقاء إسرائيل يعتمد على توفير مستقبل أكثر أملاً للفلسطينيين يقوم على السيادة السياسية والنمو الاقتصادي.
فطالما ظل الفلسطينيون يائسين، من الحصول على حياة لائقة وكريمة، فإن إسرائيل ستظل دائما في حالة حرب. وطالما ظلت القناة الوحيدة المتاحة لإثبات البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فإن لا شيء يمكن أن ينقذ المدن الإسرائيلية حتى ولو سور الصين العظيم. وبالتالي يمكن القول إن مساعدة الفلسطينيين تعتبر من أكثر الخطوات الموالية لإسرائيل الذي يمكن لأي سياسي أميركي أن يقوم بها.
الأسطورة الثالثة: الموقر "جون هاجي" ورفاقه من الصهاينة المسيحيين يخدمون اليهود. هذا لا يحدث . ثم أن هناك سؤالا هل إسرائيل واليهود في أميركا قد وصلوا إلى هذه الدرجة، التي تجعلهم يتقربون من هذه الطائفة من البشر التي تتبنى أحلاما خلاصية، كفيلة بأن تؤدي بنا جميعاً إلى حتفنا، أو تدفعنا دفعا إلى التحول للمسيحية؟ فـ"هاجي" وهو مؤسس منظمة" المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل" ومعه طائفته، يعتقدون أن إسرائيل يجب ألا تتخلى عن أي قطعة أرض مقابل السلام، لأن الرب قد وعد اليهود في التوراة بالأرض المقدسة بكاملها. والسلام ليس هو ما يدور في أذهان تلك الطائفة وإنما التوسع الدائم. وهذا هو ما يغضب العرب ويجعلهم يسعون إلى الانتقام، وهو ما يمهد الطريق لمعركة "أرمجيدون"، والظهور الثاني للمسيح. وطالما أن الأمر كذلك فإننا يمكن أن نخلص إلى أن "هاجي" وطائفته ليسوا أصدقاء حقيقيين لإسرائيل.
الأسطورة الرابعة، الحديث عن السلام مع أعدائك يظهر ضعفك.
لا يحتاج المرء إلى الحصول على درجة في العلاقات الدولية كي يدرك أن دخول الدول في مفاوضات سلام مع الدول الأخرى التي تحبها هو شيء لا معنى له. فالدول تدخل عادة في مفاوضات من أجل تحقيق السلام مع أعداء لها وليس مع أصدقاء. والإسرائيليون يعرفون ذلك كما أثبت استطلاع الرأي الذي أجرته أخيرا صحيفة "هآرتس" والذي أظهر أن ثلثي الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم يحبذون دخول دولتهم في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حماس، التي تعتبر عدوهم اللدود. أما نحن في واشنطن فنأبى الدخول في مفاوضات مع "حماس" أو سوريا أو حتى إيران لأننا لا نحبهم.
الأسطورة الخامسة، أن جورج بوش هو خير صديق حظيت به إسرائيل في تاريخها. هذا ليس صحيحاً، حيث عمل بوش كحامل راية في الصراع العربي- الإسرائيلي في حين كان يجب عليه أن يضطلع بدور حَكم الساحة- إذا ما استعرنا مصطلحات كرة القدم- وهو الخيار الذي أثر على أمن إسرائيل.
إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة للمحافظة على تفوقها العسكري على أعدائها مجتمعين، كما تحتاجها في ذات الوقت من أجل احتواء الأزمات بينها وبين العرب ومن أجل التوصل من أجل السلام معهم. لذلك فإن الولايات المتحدة لو تخلت عن الدور الذي تقوم به حاليا وهو دور وسيط السلام، واكتفت بدور المشجع لإسرائيل والداعم لها على طول الخط كما فعلت طوال عهد بوش، فإنها تساهم بذلك في تضاؤل فرص إسرائيل في تحقيق أمنها على المدى الطويل من خلال الدبلوماسية.
تلخيص كتاب فلسطين.. سلام.. لا عنصريةبقلم:الرئيس الأمريكي السابق
بقلم:الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر
- كان هم "بيغن" إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط - التعنت الإسرائيلي وراء فشل كل مشاريع "السلام" - السلام قابل للتحقيق ولكن لا سلام بلا عدالة - منذ العام 1967 شعر كارتر أن الإسرائيليين عازمونعلى الاستيطان في الأراضي المحتلة
أثار كتاب الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" ولا يزال ضجة غير مسبوقة في أوساط الرأي العام الأمريكي·· الرسمي منه والشعبي· كتاب "كارتر" بعنوان "فلسطين·· سلام لا عنصرية" يهدد بإشعال جذوة توجه خطير وجاد لما يتعلق بتناول قضية الصراع العربي- الإسرائيلي·
ينطلق "كارتر" في كتابه من صعوبة إن لم يكن استحالة المضي في أي مقترح للسلام في ظل المعطيات والظروف الراهنة، لكنه في الوقت نفسه لا يرى في الأمر يأساً مطلقا، فمشروع السلام العربي- الإسرائيلي مشروع قابل للتنفيذ ولكن ليس دون شروط صارمة يحددها "كارتر" في بداية كتابه، ويرى أن الولايات المتحدة عليها أن تدعم جديا أي مباحثات سلام ويفضل أن يشارك فيها ممثلون من الأمم المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي·
مقدمة السلام كما يراها "كارتر" مبنية على ثلاثة أضلع رئيسية: أولها: أن يقبل الفلسطينيون ودول الجوار بحق إسرائيل في التمتع بحدود مرسومة وآمنة، وثانيها عدم التغاضي عن قتل المدنيين سواء في إسرائيل أو فلسطين أو لبنان أو غيرها، أما الثالث: فهو في حق الفلسطينيين بأن يتمعتوا بالسلام والكرامة فوق أراضيهم التي حددها القانون الدولي·
بالنسبة "لكارتر" فإن السلام قابل للتحقيق لكن وصفة السلام لابد أن تشمل العدالة، كذلك يعتبر "جيمي كارتر" الرئيس الأمريكي السابق، من الملتزمين دينيا وعقائديا، فقد درس الإنجيل منذ الطفولة، وعلّمه لعشرين عاما لذلك فقد ابتهج لدعوة "اسحق رابين" الذي كان آنذاك أحد أبطال حرب 1967 وذلك لزيارة إسرائيل قبل أربعة أشهر من قيام حرب أكتوبر 1973!! وقتها كان "كارتر" حاكماً لولاية جورجيا، وهو في كتابه يقدم سرداً مفصلا لتلك الزيارة لا يخلو من التهكم والسخرية، فالمواقع المقدسة والتي زارها "كارتر" آنذاك تحولت كلها الى ثكنات عسكرية تؤمها الجيوش، وتصدح في أرجائها التعليمات العسكرية بدلاً من التراتيل الدينية، فمن نهر الأردن المقدس، الى الطرقات التي عبرها المسيح الى أرض الجولان، كلها كانت مدججة بالسلاح· يومها لم يكن عدد المستوطنين اليهود يتجاوز 1.500 شخص لكن الانطباع الأول الذي أحسه "كارتر" في تلك الزيارة أن الإسرائيليين عازمون على الاستيطان في أراضي 1967·· وليس لمقايضتها في مقابل السلام وكما كان الادعاء آنذاك·
بالنسبة لكارتر فإن اتفاقية كامب ديفيد وجهوده المبذولة قبل وأثناء وبعد الاتفاقية، تعكس يقينه بضرورة بعث السلام في هذه المنطقة الساخنة، وهو هنا في كتابه يقدم تفاصيل دقيقة عن الاتفاقية التي بدأت خيوطها في مارس 1977، وبعد أسابيع قليلة من تسلمه رئاسة الولايات المتحدة· وكارتر لا يخفي أثناء سرده لتلك التفاصيل معاناته مع حدة وعناد الوفد الإسرائيلي، ولا يستثني من ذلك الوفد إلا "ايزرا وايزمان" الذي كان وقتها وزير دفاع، فهو الوحيد الذي لمس "كارتر" في كلماته صدقا لما يتعلق بالوصول الى اتفاق سلام· أما "مناحيم بيغن" فقد كان من الواضح أن ما كان يهمه من اتفاقية كامب- ديفيد هو الشق المتعلق بمصر فقط·· لأن اتفاقية ثنائية مع مصر، تعني بالنسبة لإسرائيل إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط، أما ما يتعلق بالوعود التي نصت عليها الاتفاقية بشأن الضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين·· فقد كانت قابلة للاختراق بحسب العرف الإسرائيلي·
من هم الفلسطينيون؟
يقدم "كارتر" للقارئ تعريفا دقيقا وتاريخيا للاعبين الأساسيين في دائرة الصراع العربي- الإسرائيلي·· خاصة وأنه يرى بأن تعريف الفلسطينيين والإسرائيليين هو تعريف غير دقيق فبالنسبة للفلسطينيين هنالك أكثر من تعريف·· أحد هذه التعريفات ينص على أنهم الشعب الذي قطن أرض كنعان، ثم أصبح جزءاً من الامبراطورية العثمانية، وذلك قبل أن يخضع لإشراف بريطانيا العظمى من 1922·· والى أن صدر قرار الأمم المتحدة في العام 1947 بتقسيم أرض فلسطين، وليتمتع اليهود، فيما بعد بما يقارب %55 من الأرض!!
الإحصاءات البريطانية للعام 1922 تقول إنه كان يتواجد في فلسطين 84.000 يهودي في مقابل 670.000 عربي·· وأن العدد تغير بعد أن قسمت الأمم المتحدة المنطقة ليصبح 600.000 يهودي في مقابل 1.3 مليون عربي·
وفي المقابل يستعرض "كارتر" تعريف الإسرائيليين والذي تطور عن الحركة الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر·· قبل أن يستقر الإسرائيليون في فلسطين في مايو 1948!!
الصراع، بالطبع لم يكن أبداً قصراً على الفلسطينيين والإسرائيليين·· لذا فإن "كارتر" يستعرض جيران القضية·· وعلى رأسهم "سورية"·· وهو هنا لا يخفي إعجاباً بشخص الرئيس السوري حافظ الأسد بل يصر على أن يقدم للقارئ الأمريكي ما يجهله عن سورية وعن الرئيس حافظ الأسد وذلك من خلال سرد مفصل للقائه بالرئيس لأول مرة، ولم يخل ذلك السرد المفصل من إشارات واضحة للالتزام العربي تجاه قرارات الأمم المتحدة في مقابل استهتار ومخالفة صارخة لها من جانب إسرائيل· ثم يختم "كارتر" روايته عن الرئيس "حافظ الأسد" بإشارة الى أنه أي كارتر لم يتوقف في مساعيه لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل·· حتى بعد خروجه من البيت الأبيض- وأنه في العام 2005 رفع الى البيت الأبيض برنامج زيارة ينوي القيام بها الى سورية·· ليفاجأ برفض الإدارة الأمريكية لتلك الزيارة بناء على موقف سورية تجاه الوضع في العراق· ولم تنجح محاولات كارتر بحسب قوله في إقناع الإدارة الأمريكية بأن بإمكانه التفاوض مع بشار الأسد الذي عرفه منذ أن كان طالباً في الجامعة·· أو أنه من الحماقة قطع جسور التواصل والحوار مع أولئك الذين نختلف معهم في الرأي، لكن استياء كارتر ودهشته من هكذا موقف بلغ أوجه حين عرف فيما بعد أن الحكومة الأمريكية رفضت منح الرئيس السوري "بشار الأسد" فيزا لدخول أراضيها ولحضور اجتماع الأمانة العامة في الأمم المتحدة·
من أربك الوضع العربي؟
يتحول "كارتر" فيما بعد من سورية الى الأردن مستعرضاً الدور الأردني في الصراع، وتكبد الأردن خسارة جسيمة بعد حرب 1967 إثر احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية مما أفقد الأردن ما يقارب نصف سكانه وموارد سياحية ثرية وأيضا عن جهود الملك حسين في السيطرة على الفلسطينيين في المخيمات إبان الستينات الى أن يصل بالأحداث الى المرحلة الفاصلة في العام 1970 والتي شهدت المواجهات الدامية بين قوات الملك حسين·· والكتائب الفدائية·
بالنسبة "لكارتر" فإن مصر كانت هي الحلقة التي اربكت القلادة العربية التي كانت تطوق الصراع العربي- الإسرائيلي·· وهو هنا يسترجع قولاً للرئيس المصري أنور السادات في تعليقه على العزلة العربية المفروضة على مصر بعد كامب ديفيد، بأن أغلب الدول العربية تطمح في أن تحذو حذوه·
أما الجارة لبنان·· فإن "كارتر" يرى أن الأحداث الأخيرة بين لبنان وإسرائيل قد ضاعفت من تغلغل هذه الدولة الصغيرة في دائرة الصراع·
الوضع في المملكة السعودية وكما يراه "كارتر" مختلف·· فهي أولاً ليست جارة مباشرة لإسرائيل إلا أنها وبسبب ثرائها تعتبر لاعباً أساسياً في القرار العربي!! بالنسبة لكثير من الغربيين·· فإن السعودية تبدو معزولة جغرافيا واجتماعياً·
يحكمها بضعة مئات من الأمراء الأثرياء!! لكنها بالنسبة لأمريكا، تعتبر عضوا في غاية الأهمية لما يتعلق باحتواء أي تصعيد خطير في المنطقة، وهو أمر يدفع الولايات المتحدة لأن تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة في المملكة العربية السعودية!!
وجهان لإسرائيل
يعود "كارتر" كما ذكر في كتابه لزيارة الأرض المقدسة·· فلسطين بعد عشرة أعوام من زيارته الأولى، ويسترجع هنا الظروف التي أحاطت بمساعي خليفته "رونالد ريغان" لإحياء مشروع السلام العربي- الإسرائيلي وفقا لاتفاقية "كامب ديفيد"·· مؤكداً إن التعنت الإسرائيلي لم يزل كما هو، إضافة الى حادثتين مهمتين، انعكستا وبشكل مباشر على السلام في المنطقة، الأولى كانت في العام 1986، حين كشف النقاب عن فضيحة الأسلحة الى إيران، أو ما أصبح يسمى "بإيران كونترا" التي ساهم فيها إسرائيليون الى جانب الولايات المتحدة أما الحادثة الثانية، فقد كانت في العام 1987، إثر تصاعد الحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانطلاقة الانتفاضة الأولى!! في زيارته لعام 1983 يزداد بقين كارتر بأن هنالك وجهين لإسرائيل، الوجه الأول الذي يعود الى الثقافة اليهودية القديمة، المتسمة بالأخلاقيات الدينية·· والتي كان "كارتر" قد تعلمها وتلقاها في المدارس الدينية، والوجه الآخر·· هو لإسرائيل ترفض الالتزام بأبسط الحقوق البشرية!! وهذه هي إسرائيل التي اكتشفها "كارتر" في زيارته تلك·· ومن خلال لقائه بفلسطينيين من جميع المشارب أكدوا على حقيقة التعسف الإسرائيلي بحقهم·· المدني والعملي بل وحتى القضائي!!·
بالنسبة "لكارتر" فإن اتفاقيات وجهود السلام إبان حقبة جورج بوش "الأب" وكلينتون·· سواء أوسلو·· أو مدريد·· كانت جميعها·· تتجمد عند التعنت الإسرائيلي·· في مقابل مرونة الأطراف الأخرى في الأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية!!
يخصص "كارتر" فصلا كاملاً لجهود "كلينتون" في إحياء مشروع السلام وفقا لاتفاقية "أوسلو" في ظل ظروف يرى "كارتر" إنها مناسبة·· فالانتخابات الفلسطينية سارت بشكل سلس·· والتصريحات الفلسطينية كلها متفاوتة، لكن الإسرائيليين بقوا على تعنتهم·· حتى مع قدوم حزب العمال بقيادة "إيهود باراك" في العام 1999، كان هنالك إجماع واتفاق إسرائيلي على عدم التمسك بقرارات الأمم المتحدة وبالتحديد، قرارا 242 و 338، ثم ليفجر أرييل شارون الوضع المتفجر أصلاً بذهابه مدججاً بمئات الجنود الى موقع قبة الصخرة المقدسة لدى المسلمين·· معلناً من هناك أن هذا الموقع الإسلامي المقدس سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الى الأبد!! ولتشتعل بذلك جذوة الانتفاضة الثانية!!
يستعرض "كارتر" وبالتفصيل اجتماع القمة العربية في بيروت في ظل تصاعد الانتفاضة الثانية، وهو الاجتماع الذي أعطى فيه العرب وعلى لسان ولي العهد السعودي "الأمير عبدالله" الأمان لإسرائيل·· مع وعود عربية ببناء علاقات مباشرة مع إسرائيل!! وهي الوعود التي أجابت عليها إسرائيل بحملة عسكرية عنيفة قصفت ودمرت ثم طوقت مقر الرئيس الفلسطيني المنتخب "ياسر عرفات" ليأتيها فيما بعد الدعم الأمريكي في يونيو 2002 من خلال إعلان الرئيس بوش "الابن" أن مشروع السلام أصبح يتطلب رئيسا جديداً ولتستمر فيما بعد المماطلات الإسرائيلية التي وصلت أقصاها مع شروط الإسرائيليين التعجيزية لتطبيق "خارطة الطريق" التي كان الفلسطينيون قد وافقوا عليها·· وهو ما يراه "كارتر" استمراراً في النهج الإسرائيلي الرامي لتقويض كل مشروع للسلام!!
كارتر يتحسر
يستعرض "كارتر" في كتابه المهام التي قامت بها مؤسسة كارتر للإشراف على الانتخابات الفلسطينية منذ 1996·· ويتناول العديد من الروايات والأحداث التي تشير الى البطش الإسرائيلي للفلسطينيين والذي وصل الى حد محاولة حجب حقهم الانتخابي وكما حدث مع الناخبين من القدس الشرقية!! ثم يتوقف طويلا عند انتخابات يناير 2006 التي أشرف عليها مركز كارتر بالتعاون مع بعض المراقبين الدوليين·· والتي أفرزت نتجائها عن اكتساح حماس لـ 85% من مقاعد مجلس النواب الفلسطيني·
مع آخر فصل من كتابه يتناول "كارتر" جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل بالكثير من الحسرة والأسف فالإسرائيليون يتصورون أن طوقا من الحديد سيؤمن لهم حماية من الفلسطينيين·· الذين أصبحوا معزولين بلا منافذ جوية أو بحرية مستقلة!! ويرى "كارتر" جاءت من أن جدار الفصل الإسرائيلي يعكس حقيقة المفهوم الإسرائيلي للتعايش السلمي مع الفلسطينيين!! هذا الجدار الذي "يعتقد" الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم فاعليته، بينما أدانت قيامه محكمة العدل الدولية واعتبرته غير شرعي ولا قانوني·
لكن الحسرة التي عبر عنها "كارتر" جاءت من أن هذا الجدار العنصري قد اقتحم قدسية مقدسات كبيت لحم وجبل الزيتون المكان المفضل للمسيح ورفاقه· يختم "جيمي كارتر" كتابه بتلخيص كل مشاريع السلام العربي- الإسرائيلي التي لم يتحقق منها شيء بسبب غياب النوايا الصادقة، وهو يرى هنا أن هنالك معوقين رئيسيين للسلام الدائم في الشرق الأوسط، العائق الأول أن هنالك من الإسرائيليين من يرى أن من حقه احتلال ومصادرة حقوق الفلسطينيين!! أما المعوق الثاني·· فهو في ردود فعل بعض الفلسطينيين الذين يرون في الانتحاريين شهداء لقتلهم إسرائيليين!!
والمخرج من تلك المعضلة كما يراه "كارتر" هو في إحياء مسيرة السلام من خلال مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين·· مع تكثيف الجهود لتطبيق خارطة الطريق!! ولكن في ظل شروط أهمها على الإطلاق أدرك العرب أن إسرائيل أصبحت أمراً واقعاً·· بالإضافة الى إقرار الإسرائيليين بالحقوق الفلسطينية خاصة في ظل العنف الإسرائيلي الذي اغتصب أبسط الحقوق البشرية للفلسطينيين!!
بالإضافة الى ضرورة الحياد الأمريكي بهذا الشأن·· والامتناع عن تجاوز التصرفات الإسرائيلية غير المشروعة خاصة في ظل التعسف الأمريكي في استخدام الفيتو لحجب قرارات تدين إسرائيل·· وحيث استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لهذا الغرض لأكثر من أربعين مرة!!
بعد ر حلة طويلة كهذه·· لا يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" محبطاً أو يائساً من تحقيق السلام في الشرق الأوسط·· طالما بقي هنالك مؤيدون للسلام في كلا الطرفين!! وهو هنا يذكرنا بكلمته التي ألقاها في الكنيست الإسرائيلي في العام 1979 حين قال "إن الشعوب تدعم التسوية، لكن القادة السياسيين هم الذين يعيقون السلام!!"·
عندما يقول التاريخ كلمته سيشهد أن الرئيس الأميريكي السابق جيمي كارتر هو الذي أثبت أن العمل السياسي ليس مهنة بل رسالة لا تنتهي إلا بالموت. فما قام به الرئيس الأمريكي الأسبق من جهود على الصعيد الإنساني والسياسي بعد خروجه من البيت الأبيض أعظم من جهود عشرات الرؤساء مجتمعين· وها هو الآن في الثمانين من عمره وبعد 30 عاما على رحلته الأولى للشرق الأوسط لازال يحمل ملف قضية الشرق الأوسط مفعما بأمل التوصل إلى سلام عادل وشامل للصراع في المنطقة· وبكتابه الجديد << فلسطين: السلام لا .. الفصل العنصري>> استطاع كارتر أن يعيد الروح إلى الحق الفلسطيني ويفضح عدوانية الممارسات الإسرائيلية. ولكن ·· ما الذي سيجنيه جيمي كارتر من وراء الاصطدام باللوبي الصهيوني؟ ومن إثارة جدل واسع حول عنصرية إسرائيل؟· هل هو عمل شجاع لسياسي مخضرم حي الضمير ؟
أم أن ما يفعله هو لقطة من الدراما الحية المليئة بالتشويق والإثارة التي ميزت هذا الصراع الأزلي·؟
أيا كانت الإجابة فلا شك أن كتاب جيمي كارتر نجح في كسر التابوهات السياسية في أمريكا ، وفتح بابا واسعا للجدل حول سياسات إسرائيل التي نادرا ما تكون موضعا للجدل· أما في منطقتنا العربية فلقد تلقف النقاد كتاب كارتر الجديد مهللين بالنصر ووصفه بعضهم بالكتاب الجريء رغم أنه في بعض الأحيان لا يطابق الرؤى الفلسطينية و العربية للصراع العربي الإسرائيلي · فمن يقرأ الكتاب يكتشف أنه لم يقدم الشيء الجديد لقضية الشرق الأوسط، بل هو أقرب إلى سرد تفصيلي للحقائق التاريخية والانطباعات الشخصية والتجارب الإنسانية التي عايشها الرجل طول سنوات احتكاكه بأقطاب الصراع العربي الإسرائيلي· وإن كانت هناك جرأة فهي في عنوان الكتاب الذي هو بمثابة صرخة حق، وفي كون مؤلفه ليس محللا استراتيجيا ولا ناقدا سياسيا ولا صديقا للعرب بل رئيسا أسبق لأمريكا حليفة إسرائيل، وتربطه صداقة شخصية قديمة وحميمة بزعمائها· وتتلخص الأهمية الحقيقية للكتاب كونه قدم للقارئ الأمريكي تقريرا أمينا شاملا يشرح بصدق معاناة الشعب الفلسطيني ويلقي الضوء على السياسات المهينة التي تتبعها سلطات الاحتلال لقمعه· والحقيقة ·· أن البعد الأخلاقي لكارتر والذي ميز حضوره السياسي على الساحة الدولية لعقود من الزمان أفسد جهود كل من تآمروا لمنع الكتاب بل جعله على قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية·
صدر كتاب <<فلسطين: السلام لا ·· الفصل العنصري>> في 14 نوفمبر الماضي عن دار نشر <<سيمون وشستر>>. وجاء في 264 صفحة مقسمة على 16 فصلا، تخللها تسع خرائط مهمة وملاحق لقرارات الأمم المتحدة ومقترحات عربية للسلام· وبالرغم من مرور قرابة الشهرين على صدور الكتاب إلا أن حملة الإساءة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي الأسبق من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لا تزداد إلا ضراوة· حتى أن اللجنة التنفيذية الأمريكية اليهودية، قالت من الآن فصاعدا لن يقدر كارتر على أن يكون وسيطا نزيها· وتسبب الكتاب في حملة هجوم واسعة شنتها صحف أمريكية موالية لإسرائيل في واشنطن شككت في نزاهة مهندس اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وأولت انتقاداته لقادة إسرائيل بعدم الموضوعية والتحيز للعرب!
بدءا من عنوان الكتاب ومرورا بمحتواه المنتقد لإسرائيل وانتهاء بشخصية جيمي كارتر لم يسلم شيء من النقد والتجريح والسخرية، حتى أن صحيفة <<الواشنطن بوست>> التي تتزعم الحملة وصفت مقارنته كارتر جدار الفصل العنصري في إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالمقارنة الغبية وبأن الكتاب مطرقة على رأس إسرائيل. ووصفته جريدة <<لوس انجلوس تايمز>> بأنه هجوم مباشر على إسرائيل، وستكون له عواقب وخيمة. قال <<جاري ديرفنر>> وهو صحافي في جريدة <<جيروسالم بوست>>: لا اقدر على أن أقول أن كارتر يعادي اليهود· اعترف انه صديق لإسرائيل. لكن المشكلة هي انه يريدان أن يكون صديقا للعرب أيضا· ولن تقبل إسرائيل من احد أن يكون صديقا لها وصديقا للعرب في نفس الوقت· صديق إسرائيل الحقيقي هو الذي يعادي العرب!.
كل هذه الجلبة·· وقليل هم الذين يعلمون أن كارتر اضطر إلى تخفيف بعض العبارات، وأجبر على حذف أخرى قبل طبع الكتاب تحت وطأة النقد اللاذع لوسائل الإعلام بعد أن تسربت لهم مسودة الكتاب. ثم أجبر كارتر مرة أخرى على تأجيل موعد النشر بناء على طلب من قيادات الحزب الديمقراطي ـ الذي ينتمي إليه كارتر- لضمان أصوات اليهود في انتخابات الكونجرس. وبعد ساعات من النشر سارعت <<نانسي بيلوسي>> الرئيس الجديد لمجلس النواب الأمريكي بإعلان براءتها من محتوى الكتاب، وأصدر <<هوارد دين>> رئيس الحزب الديمقراطي بيانا يؤكد دعمه لإسرائيل وينفي علاقة الحزب بكتاب كارتر. وحتى <<كينيث شتين>> المدير السابق لمركز كارتر تبرأ من كارتر وقال أن الكتاب مليء بالأخطاء. وكذلك فعل <<دنيس روس>> الموفد الخاص السابق إلى الشرق الأوسط في عهد كلينتون الذي اتهم كارتر بنشر خرائط ليست ملكه. وتنوي جماعات التصدي لحقوق اليهود رفع دعوى قضائية على كارتر تطالبه بالتعويض على إساءة السمعة.. ولا تزال الحملة مستمرة·
تساؤلات·· بلا إجابات
في مقدمة كتابه قال كارتر:<<لقد كانت أحد أهم أهداف حياتي منذ وصولي إلى البيت الأبيض وبعد مغادرتي إياه في عام 1980 أن أساعد على تأمين سلام دائم للإسرائيليين وللآخرين في الشرق الأوسط. وكثيرون هم الذين يشاركونني هذا الحلم وتتضافر جهودهم معي من أجل تحقيق السلام. ومن المفيد دائما أن نفهم الخلفية التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي ونعرف العقبات التي تقف أمامنا وندرك أنه لا بد من أن نصنع شيئا الآن كي يتحقق السلام غدا في المنطقة. << ثم استعرض كارتر أهم الأحداث التاريخية في المنطقة والتي قادت إلى إشكالية صراع تاريخي ذو صبغة دينية بدأ من هجرة خليل الله إبراهيم من أور كنعان عام 1900 قبل الميلاد وانتهاء بتولي <<أيهود أولمرت>> رئاسة الوزراء في إسرائيل في آذار (مارس) 2006 ميلادية مرورا بعشرات الأحداث والشخصيات التي لعبت دورا في الصراع>>.
طرح كارتر علامات استفهام كثيرة تبدو لا نهائية وبلا إجابات عن إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين· فقال: ما هي شروط هذا السلام؟ وما الاحتمالات التي يقدمها المستقبل؟· وما الأرضية المشتركة التي يمكن لأطراف النزاع البناء عليها؟. وهل بات مطلوبا الدخول في أزمات جديدة محتقنة حتى تتدخل الأطراف الدولية؟ وهل يمكن لإسرائيل في ظل قوتها العسكرية الراهنة والدعم الأمريكي الكامل أن تهزم المقاومة العربية؟· لم يجب كارتر على أي من هذه التساؤلات.. إلا أنه نبه الدول الكبرى إلى أن شعوب المنطقة لديها أحزانها وغضبها وطموحاتها، لكن إسرائيل تبقى هي الهم الرئيسي والقبلة التي يتوحد عندها الغضب العربي. وأنه لا يمكن تجاهل احتقان الشارع العربي من تحالف أمريكا مع إسرائيل·
لذلك آن الأوان أن تكون الولايات المتحدة شريكا عادلا في تحقيق السلام للطرفين وليست حكما ضد طرف واحد· فالعالم لازال ينتظر الدعم الحقيقي للسلام من الولايات المتحدة على أن تكون أمريكا طرفا يمكن الوثوق فيه· وطالب كارتر من الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن التساهل إزاء سياسات المصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية لأن ذلك هو سبب تصاعد الإرهاب العالمي الموجه للولايات المتحدة· وحدد كارتر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني طبقا للقانون الدولي· منها حق تقرير المصير وحق التعبير وحق الفرد في معاملة متساوية وعدم الاعتقال دون سند والتحرر من سيطرة القوة العسكرية وحق الأسر الفلسطينية في لم الشمل وحق المواطنين المسالمين العزل في العيش بسلام.
قال كارتر:<<أن المنطقة العربية تعيش ظروفا صعبة للغاية والمناخ السياسي متأزم لدرجة لم يشهدها تاريخ العالم من قبل. ومن هنا تكمن صعوبة التفاوض من أجل السلام. ولكي تستأنف المفاوضات لا بد أن تكون هناك ثلاثة أسس واضحة من وجهة نظره. أولها حق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام ضمن حدود معترف بها من قبل الفلسطينيين ودول الجوار. وثانيها أن تتفق الأطراف على أن قتل المواطنين العزل في إسرائيل وفلسطين ولبنان سواء عن طريق القنابل أو الهجمات الصاروخية أو الاغتيالات أو أية أعمال عنف أخرى هي أمور لا يمكن التسامح بشأنها. أما ثالثها فأن يعيش الفلسطينيون في سلام وكرامة على أراضيهم وفقا لما نص عليه القانون الدولي وأن تكون التعديلات المقترحة في التسوية السلمية بناء على التفاوض الإيجابي مع إسرائيل. وأضاف كارتر:<<لا بد للعرب أن يعترفوا بحقيقة أن إسرائيل أصبحت دولة لها وجود، كما على الإسرائيليين أن يقبلوا بوجود دولة فلسطينية. وأن معادلة السلام العادل على هذه البقعة الصغيرة والمميزة من العالم لابد أن تتحقق ضمن القوانين الدولية وتدعمها سياسة الولايات المتحدة وتباركها إرادة غالبية الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني>>.
اعترافات كارتر··
كتاب كارتر <<فلسطين ·· السلام لا الفصل العنصري>> مليء بالاعترافات التي وردت على لسان كارتر بعضها يكشف مشاعره تجاه القضية أو تجاه شخصيات رئيسية. فعندما كان كارتر حاكما لولاية جورجيا التقى برابين والذي وجه إليه دعوة عام 1973 لزيارة إسرائيل. وكان كارتر حريصا على زيارة الأرض المقدسة خاصة فهو مسيحي متدين تلقى دروسا دينية في الكنيسة طوال عمره ثم أصبح معلما للإنجيل على مدى عشرين عاما.
(ايبـاك) رأس حربة اللوبي الصهيونيلقد أصبح (اللوبي الصهيوني) وعلى رأسه(ايباك)، شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل. وليس غريباً أن يقول أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي: «نحمد الله أن لدينا ايباك أعظم مؤيد وصديق عندنا في العالم بأسره».ولعله من المفيد بداية الإشارة إلى الجدل القائم حول حقيقة (اللوبي الصهيوني)، وهل يسيطر فعلاً على السياسة الأمريكية، أم أن النخب السياسية والاقتصادية الأمريكية هي من يوجه بوصلة عمل هذا اللوبي.وبهذا الصدد فإن وجهة نظر المفكر الأمريكي اليهودي (نعوم تشومسكي) هي أن (اللوبي الصهيوني) لا يبلور السياسة الأمريكية، بل يجسد مصلحة أصحاب رأس المال والنفوذ في الولايات المتحدة، الذين يقفون وراء السياسة الامبريالية الأمريكية ويستغلون إسرائيل لتحقيق أهدافهم.أما المفكر الإسرائيلي (يوري أفنيري) فيعلق على من يقول بسيطرة (اللوبي الصهيوني) على السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل، وبين من يقول بأن اللوبي وإسرائيل في خدمة أصحاب رأس المال والنفوذ الأمريكيين، ويتساءل: «هل الكلب يلوح بالذيل، أم الذيل يلوح بالكلب؟» وانتهى إلى القول بأن «التكافل الأمريكي – الإسرائيلي هو ظاهرة مميزة ومعقدة جداً، حيث لا يمكننا وصفها بأنها غير مجرد مؤامرة. إن الكلب يلوح بالذيل، وإن الذيل يلوح بالكلب، أي أن كلاً منهما يلوح بالآخر!».ما هي لجنة (ايباك)لقد استفادت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بتشكيل مجموعة ضغط تحقق أهداف وغايات الحركة الصهيونية، بالاستناد إلى القانون الأميركي الصادر عام 1946، الذي أعطى الحق للجماعات المختلفة في تشكيل مجموعة ضغط تضمن مصالحها. واعتماداً على القانون المذكور استطاعت الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (ايباك) aibac عام 1951، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها (لوبي صهيوني). ويعتبر (سي كنن) الذي سجل اسمه في سجلات وزارة العدل الأمريكية مؤسسها، وفي الوقت ذاته يعتبر وكيلاً لدولة أجنبية. وتتألف لجنة (ايباك) من رئيس ومدير تنفيذي. ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي ، ومنظمة (بناي بريث) اليهودية، في دعم لجنة (ايباك)، لخدمة إسرائيل، وذلك من خلال دعم (اللوبي الصهيوني) وزحف نفوذه في الكونغرس والبيت الأبيض، ومراكز القرار الأخرى في الولايات المتحدة. وتبلغ ميزانية (ايباك) السنوية 50 مليون دولار. وتعقد مؤتمراً سنوياً يتسابق في حضوره كبار السياسيين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. ويبلغ عدد أعضاء (ايباك) حوالي مائة ألف عضو منتشرين في الولايات الأمريكية كافة . وتركز (ايباك) نشاطها على أعضاء الكونغرس، وتجري أكثر من 2000 مقابلة سنوية معهم، لحثهم على اتخاذ قرارات لصالح إسرائيل . فقد أنتجت تلك المقابلات عام 2005 أكثر من 100 قانون مؤيد لإسرائيل. وتحرص (ايباك) على أن يحضر ممثل عنها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف صغيراً كان أم كبيراً. أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائماً عضو من الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس ويطالع سجله بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع بزيارات من (ايباك). ولدى لوبي (ايباك) قدرة تنظيمية وبحثية وتمويلية تتمتع بقوة هائلة داخل الكونغرس، منعت في السابق من إصدار قرارات تضر بإسرائيل، حيث نجح أعضاء (ايباك) في ربط أنفسهم بأجندة المحافظين الجدد بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001، كما لـ(ايباك) قوة تنظيمية كبيرة في مراكز الأبحاث والقرار، عدا عن دعمها المالي الكبير لمرشحين تراهم الأفضل في تأييد إسرائيل داخل المؤسسات الأمريكية المختلفة. وأنشأت (ايباك) مركز أبحاث (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) عام 1985، بهدف إعداد ونشر أبحاث عن منطقة الشرق الأوسط وفق وجهة النظر الإسرائيلية ويتم رفعها لأصحاب القرار. وتصدر (ايباك) مجلة بعنوان (تقرير الشرق الأدنى) كل أسبوعين، وهي مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.إستراتيجية (ايباك) في دعم وحماية إسرائيللقد وضعت لجنة (ايباك) إستراتيجية تنطلق منها في دعم وحماية إسرائيل، وعدم الاكتراث حتى بالمصالح الأمريكية، فالولاء لإسرائيل يتقدم كثيراً على الولاء للولايات المتحدة.يقول طوبي شوفيتز المتحدث باسم لجنة (ايباك): «نحن منظمة أمريكية أو لوبي إذا شئت يعمل لمساعدة إسرائيل ومناصرتها وتأييدها». وأبرز أهدافنا كما يقول شوفيتز:
1- تعليم المواطن الأمريكي العادي كيف يهتم بإسرائيل، ويؤمن بقضيتها، إذ أن مساندة إسرائيل مسألة متوارثة في الولايات المتحدة وعلى مستوى شعبي.
2- منذ ولاية هاري ترومان نحن منظمة لا نتمتع بتسهيلات ضرائبية ولا نحقق منافع شخصية.
3- هدفنا تنمية الصداقة بين إسرائيل وأمريكا.
4- نحن ناشطون داخل الكونغرس وداخل المؤسسات ومراكز العلم والاقتصاد.
5- مؤيدونا متواجدون داخل الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري.
6- منا من يؤيد حكومات الليكود في إسرائيل، وبعضنا يؤيد حكومات العمل.
7- إننا متفقون على مناصرة إسرائيل.
8- نحن لا نقترب أو نبتعد عن إسرائيل لأن حكومة هذا الحزب في السلطة أو خارجها.
وطورت (ايباك) أهدافها في الولايات المتحدة إلى:
1- تنسيق الأهداف والاستراتيجيات والتكتيك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
2- تخزين معدات عسكرية وذخيرة ووقود أمريكي في إسرائيل لاستخدامه خلال أزمات المنطقة.
3- استخدام ميناء حيفا لتقديم التسهيلات للأسطول السادس الأمريكي.
4- استخدام القواعد الجوية الإسرائيلية والمطارات والإمكانيات الأرضية.
5- بناء محطات إستراتيجية جوية في إسرائيل للاستخدام الأمريكي.
6- تمرير السلاح الأمريكي والمعدات عبر إسرائيل.
7- توفير الحماية الإسرائيلية للخطوط البحرية الأمريكية والمصرية.
8- تعاون أمريكي- إسرائيلي عسكري لإعادة توازن القوى في لبنان.
9- مناورات عسكرية أمريكية- إسرائيلية مشتركة.
ورغم تلقي (ايباك) صفعة قوية عام 2004 بعد إدانة (لورانس فرنكلين) محلل الشؤون الإيرانية في وزارة الدفاع الأمريكية بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، عن طريق (ايباك)، التي استبقت الإدانة وقامت بطرد موظفين يعملان لديها، لهما علاقة بعملية التجسس، إلا أن مكانتها مازالت على حالها من القوة والتأثير داخل مركز صنع القرار الأمريكي.ويشير (حسن صابر) في صحيفة (الوطن) السعودية نقلاً عن الباحثة الأمريكية (كارول سيلفرمان) تأكيدها في دراسة أعدتها جامعة فرجينيا الأمريكية، إلى أن (ايباك) تتمتع بقدرة فائقة في التأثير على لجان الكونغرس، وأنها نجحت في أن ينظر الأمريكيون إلى سياستهم تجاه الشرق الأوسط على أنها ذات أبعاد داخلية. ويحرص مندوبوها على حضور جلسات الكونغرس عندما تدور المناقشات حول إسرائيل وقضايا الشرق الأوسط.وبفضل (ايباك) وبقية أركان اللوبي اليهودي الأمريكي استطاعت إسرائيل أن تحصل على مساعدات أمريكية إضافية تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار. أما أهم أنشطتها المتعلقة بإسرائيل، حسب الدراسة الأمريكية، فتتضمن متابعة اهتمامات الإدارة الأمريكية بالملف النووي الإيراني ومحاولة التأثير فيه، بحيث تتمكن من تحريض واشنطن على ضرب إيران، كما تولي (ايباك) اهتماماً بضرورة استكمال تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان وتفكيك قوات حزب الله. والأكثر من ذلك يتردد في واشنطن أنه كان لها دورها في أن تغفل إدارة الرئيس بوش عن حدود 67 وقضية اللاجئين الفلسطينيين، لتحقق إسرائيل ما تصبو إليه من توسيع في الاستيطان ورسم حدودها بالطريقة التي ترضيها.جورج سوروس في مواجهة (ايباك)مما لا شك فيه أن نتائج انتخابات الكونغرس التي جرت أواخر العام الماضي، والهزيمة التي حصدها حزب الرئيس بوش الجمهوري أمام الحزب الديمقراطي، قد صدع من مكانة المحافظين الجدد المتحالفين مع (ايباك). الأمر الذي شجع الملياردير اليهودي (جورج سوروس) على محاولة تشكيل (لوبي يهودي) جديد في الولايات المتحدة أواخر تشرين الأول من العام الماضي، ليكون نداً لـ(ايباك). وجاء الإعلان عن هذا اللوبي الجديد والذي لم يعلن عن اسمه في واشنطن. وتكشف طبيعة الشخصيات التي التقت مع سوروس وجماعته، أنها شديدة المعارضة للروابط الوثيقة بين (ايباك) والمحافظين الجدد. كما عقد سوروس اجتماعاً ثانياً في نيويورك أواخر العام الماضي، وقد بدت في هذا الاجتماع ملامح التوجهات العامة لهذا اللوبي الجديد، والتي برزت في الدعم اللا محدود لمراكز الأبحاث ذات الصلة بالحزب الديمقراطي، والدوائر الاجتماعية والثقافية المعارضة لسياسة بوش في الداخل والخارج . ومن الشخصيات التي حضرت الاجتماعين (بيتر لويس) رجل الأعمال اليهودي والمساند للحزب الديمقراطي، والأخوان (إدجار وتشارلز برغمان)، والأول خبير في شؤون الشرق الأوسط وسبق أن ترأس (المؤتمر اليهودي العالمي) والأخوان متبرعان سخيان لإسرائيل، و(بيرادي لي) رئيسة فرع حركة (السلام الآن) الإسرائيلية في الولايات المتحدة، و(دانييل ليفي) مستشار الوزير الإسرائيلي (يوسي بيلين).ويرى المراقبون أن تشكيل لوبي يهودي جديد في الولايات المتحدة يقف في وجه (ايباك) ليس بالأمر السهل فـ(ايباك) ذات تاريخ طويل وقوة متنفذة داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته. كما لا يمكن الحديث عن اختلاف جوهري بين جماعة سوروس و (ايباك) ،فكلاهما يسعيان لمصلحة إسرائيل وإن اختلفا في التوجهات، وكان سوروس قد كتب مقالاً في صحيفة (جون افريك) حمل عنوان (لنتحرر من نفوذ ايباك) وأكد سوروس في مقاله أنه متمسك جداً بمسألة بقاء واستمرار إسرائيل،وأنه لايريد أن «يمنح ولو ذرة طحين إلى أعداء إسرائيل» وحول قوة نفوذ (ايباك) قال سوروس: «كل شخص يجرؤ على التنديد بنفوذ (ايباك) يعرض نفسه للويل والثبور وعظائم الأمور».وهكذا وبعد كل ما تقدم يتضح أن لجنة أو منظمة (ايباك) تساهم بشكل أساسي في تغذية العدوان الإسرائيلي المستمر على الأمة العربية. كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز دعائم العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية وعلى كافة الأصعدة.
المصدر اوراق 99
<$BlogDateHeaderDate$>
وفاة الضحية '157' من المرضى بسبب الحصار الإسرائيلي
<$BlogDateHeaderDate$>
على محطة قطار سقط عن الخريطة
بوش اثبت انه صهيوني اكثر من وزراء اسرائيل
<$BlogDateHeaderDate$>
yاللوبي اليهودي..احتفاء مختلف بإسرائيل
وفاة الرضيع الثالث خلال 24 ساعة جراء الحصار على القطاع
<$BlogDateHeaderDate$>
يومان فصلا بين وفاتهما: حصار غزة يجمع بين الزوجين "حبوش" في القبر!
<$BlogDateHeaderDate$>
المفاهيم الاساسية للمسيحية الصهيونية ..
في تقدير صمود الفلسطينيين
بقلم : بنجامين وايت. كريستيان ساينس مونيتور
بينما تحتفل اسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها, يغتنم الفلسطينيون هذه المناسبة ليتذكروا البعثرة الكارثية التي ارتكبت بحق مجتمعهم في عام .1948 على ان الامر ليس, ببساطة, مجرّد استرجاع الماضي, فهم يواصلون الكفاح من أجل تقرير المصير, والاعتراف بحقوقهم بمقتضى القانون الدولي.
ومع هذا, فإنها غلطة كبيرة ان ينظر الى السنوات الستين الماضية, على انها قصة كارثة غير عصيبة بالنسبة للشعب الفلسطيني, اذ تحققت نجاحات وانجازات مهمة تستحق الذكر ايضا. ولهذا اهميته الكبرى اذا ما اخذنا بعين الاعتبار مدى التدمير الذي لحق بالمجتمع الفلسطيني في عام 1948; فقد دمّرت اسرائيل حوالي 400 قرية فلسطينية, وغدا 85 من فلسطينيي ما اصبح يعرف بإسرائيل مطرودين من بلادهم.
وبالرغم من كل شيء, لم يبق الفلسطينيون احياء يرزقون وحسب, بل نالوا الاعتراف الدولي بدولتهم ايضا, بفضل اصرارهم العنيد. فقد واصلوا الكفاح, ومن دون حلفاء في غالب الاحيان, ليحققوا مكاسب سياسية جوهرية, ورفض الفلسطينيون داخل اسرائيل, وفي المناطق المحتلة, ومناطق الشتات, مطالب اسرائيل بأن "اخرجوا", كما قاموا هيمنتها.
يتجسد هذا الاصرار الفلسطيني في عائلة نصّار المسيحية التي تعرفت اليها منذ سنين. فلهذه الاسرة قطعة ارض جميلة تطلّ على قرية نحالين غرب مدينة بيت لحم. وشهد افرادها بأم أعينهم انتشار المستوطنات اليهودية غير الشرعية على التلال المحيطة بهم. وقد نجوا, حتى الآن, من محاولات جيش الاحتلال الاسرائيلي مصادرة املاكهم.
وسواء أأغلق آل نصّار الطريق على تجاوزات وانتهاكات المستوطنين, اما برفع قضيتهم امام المحاكم, او بالاتصال مع المؤيدين والمؤازرين في العالم, فإنهم حشدوا مصادر الدعم العائلي من جهة, ودعم المجتمع من جهة ثانية. وما يدعو الى الاثارة الحيّة ونفخ الروح, اكثر من غيره, انهم هيأوا ارضهم لاستضافة مخيمات للأطفال, وتبادل الوفود الثقافية, والضيوف الاجانب, مدركين واجبهم بضرورة الكفاح من أجل البقاء في ارضهم. وهذا بحّد ذاته انتصار يرجع صدى الرفض الفلسطيني التاريخي للقبول بقدرهم وحسب, خاصة منذ الستينيات, والتصميم الموازي لذلك على تنظيم المقاومة الجماهيرية. ولعلّ أبرز الانجازات تمثل في اندلاع الانتفاضة الاولى في الثمانينيات, التي بيّنت لإسرائيل ان احتلالها لم يكن من دون ثمن, كما عرضت للعالم الواقع القمعي والاضطهادي للسياسة الاسرائيلية.
ومن الانجازات البارزة, التي تحققت خلال العقود القليلة الماضية, انتعاش المجتمع المدني الفلسطيني. فبتشديد الجاليات تكون قد وفرت قوة حيوية للمجتمع الفلسطيني المحاصر. ويعود الفضل, جزئيا, في هذا المقام, الى هذه الثقافة عميقة الجذور المتعلقة بالمواطنة النشطة الفعالة, التي مكّنت الفلسطينيين من اجراء انتخابات كانت محلّ حسد في العالم العربي, نظرا لشفافيتها وطابعها المهني. وببناء الباحثين والاكاديميين الفلسطينيين على تقليدهم الحيوي في ممارسة الحياة الثقافية والفكرية, ارتقوا الى مراتب عليا في العالم خلال العقود الاخيرة, ليس فقط في ميدان الدفاع عن كفاح شعبهم ونصرته, بل ايضا كرموز مشهورة في مجالات تخصّصهم.
وفي الوقت ذاته, واستناداً الى ثقافتهم الغنية وتراثهم الديني, اضافة الى تجربتهم الخاصة في المنفى والنضال, اسهم الكتاب والشعراء والفنانون ومنتجو ومخرجو الافلام الفلسطينيون كثيرا, ليس فقط في مساعده شعبهم, بل ايضا في العالم كله.
ومن منظور تاريخي, فإن احدى عقبات تحقيق السلام, تمثلت في حقيقة ان اسرائيل أحسّت بأنها قادرة على المضي قدما في سياسة الطرد للفلسطينيين واحتلال اراضيهم من دون اكتراث عالمي كبير بذلك. ولهذا علاقة وثيقة بحقيقة ان الطبعة الصهيونية الممنهجة لما حدث في عام ,1948 قد سارت من دون معارضة في دول الغرب - وداخل اسرائيل ايضا - على مدى سنوات طوال.
ومع هذا, فقد تمكن الفلسطينيون, من خلال عوامل محدّدة, مثل "المؤرخين الاسرائيليين المحدثين", والجهود الدؤوبة للقائمين على الحملات, والتكنولوجيا الحديثة لوسائل الاعلام, التي تمكّن من النشر الواسع "للمعلومات على الارض", من احداث شروخ في واجهة الدعاية الاسرائيلية. وفي غضون ذلك, ازداد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية ازديادا كبيرا, بحيث غدت هذه القضية مسموعة تماما وتفرض نفسها الآن, بالرغم من جميع محاولات طمسها.
ومهما يكن من امر, فما تزال هناك عقبات هائلة ومرعبة. فاسرائيل تنعم بالدعم المستمر ممّا يسمّى المجتمع الدولي, بالرغم من بعض الصفعات الطارئة, فالكثير من النقاش الذي يدور في الغرب ما تزال الفرضيات الصهيونية هي التي تصوغه وتشكّله, كما انه يجري من وجهة نظر اسرائيلية حصرا. والفلسطينيون في هذا النقاش يعاملون كأبناء بلد عليهم "الحصول" على حق تقرير المصير, والكرامة, والأمن, والحرية.
كما ان بعض الفلسطينيين خلقوا, من غير قصد ودراية, عراقيل امام تحقيق مزيد من التقدم, فالطاقة الايجابية للانتفاضة الاولى جرت تقنيتها في المؤسسات البيروقراطية للسلطة الفلسطينية, بينما الانقسامات المريرة غالباً ما وقعت بين حماس وفتح مثلاً. والوحدة السياسية الفلسطينية, والمقاومة الاستراتيجية المبدئية ظلّت من دون تدعيم في غالب الأحيان. والرواسب القديمة, والفساد, وتدخل اطراف ثالثة تبقى عقبات كبرى.
على أن بإمكان الفلسطينيين أن يحققوا مكاسب كذلك من الاتفاق الجماعي على وقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين, اضافة الى ان السياسة الاخلاقية مفيدة لهم ايضا, بل انها حتى تشكل جزءا من عملية تحوّل أعرض نحو استراتيجيات مقاومة أقلّ "نخبوية", تستند الى مشاركة جماهيرية شعبية, شريطة ألاّ تُخلط مع المطالبة المزيفة بالسلبية ودعوة الفلسطينيين الى التسليم والاذعان للهجمات الاسرائيلية.
ستون عاماً فترة زمنية طويلة; وبالتالي فإن الاعتراف بالصمود الفلسطيني هو أفضل اشكالها. ويتمثل هذا الصّمود بكفاح آل نصّار, وأطفالهم, وادواتهم الزراعية, وغرس أشجار الزيتون في ظلال المستوطنات الاسرائيلية, بتصميم وعزّة نفس, عبر حواجز الطرق ونقاط التفتيش. فبالرغم من جميع الفروق, وعلى الضدّ منها, بقي ملايين الفلسطينيين يفلحون الأرض, وينشؤون الأعمال والشركات, والتزاوج وانجاب الاطفال, وندب الموتى. وفي مواجهة الجهود الصارمة الرامية الى تهميش, حتى محو وطنهم ومجتمعهم, واصلوا الحياة بكل معانيها, وهذا هو أفضل تأسيس ممكن لتحقيق انتصارات أعظم, خلال الأعوام الستين التالية
الأساطير الخمس حول "الموالين لإسرائيل"
بقلم : جيرمي بن عامي.واشنطون بوست
منذ ستة عقود تقريباً، قاتل والدي إلى جانب "مناحم بيجين" من أجل إنشاء دولة إسرائيل، ولو كان أحد قد قال له آنذاك إنه سيأتي يوم يتسابق فيه الساسة، في أقوى دولة على ظهر الأرض، على إظهار الولاء لإسرائيل، لكان قد ضحك من قوله. وعلى الرغم من كوني ممن يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة على ما أبدته من صداقة لإسرائيل خلال العقود الستة الماضية، فإنني لا أملك أنا والدولة التي ساعد أبي على إقامتها منذ 60 عاماً، سوى التساؤل عن الجهة التي تتولى تعريف ما معنى أن يكون الشخص موالياً لإسرائيل في الولايات المتحدة هذه الأيام.
البعض يفترض أن الولاء لإسرائيل يعني تأييد كل ما تقوم به دون تفكير، ومعارضة كل ما يقوم به أعداؤها بلا هوادة، مع تبني وجهات نظر "المحافظين الجدد"، والعناصر "اليمينية" المتطرفة في الجاليات اليهودية، والمسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة. وفي مفهوم هذا البعض، فإن أي أحد يتجرأ على انتقاد إسرائيل، أو يناقش أي تصرف تقوم به، يُصنف فوراً كـ" معادٍ للسامية". أما التشجيع غير المشروط للسياسات الإسرائيلية القصيرة النظر مثل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فهو لا يُعتبر دليلاً على الصداقة الحقيقية للدولة العبرية.
طالما ظل الفلسطينيون يائسين، فإن إسرائيل ستبقى دائماً في حرب. وطالما ظلت البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فلا يمكن إنقاذ المدن الإسرائيلية حتى ولو بسور الصين العظيم.
إسرائيل لا تريد أصدقاء حقيقيين، وإنما تريد من يعززون من قوتها، ويمكنونها من التحكم والسيطرة. وإقامة علاقة صداقة صحية مع إسرائيل، يتطلب تحطيم بعض الأساطير المتعلقة بـ" ما الذي يعنيه أن تكون صديقاً لإسرائيل".
الأسطورة الأولى: الأميركيون اليهود يفاضلون بين المرشحين في الانتخابات بناء على موقفهم من إسرائيل. هذه الأسطورة أصبحت قولاً مأثورا في السياسة الأميركية، مما يدفع السياسيين الأميركيين لبذل قصارى جهودهم لاكتساب صفة" الموالاة لإسرائيل" في المقام الأول. وفي الحقيقة أن تلك المقولة ليست سوى خرافة تعمل على ترويجها أقلية صغيرة من اليهود الأميركيين المحافظين من النوع الذي يصوت لصالح المرشح من أجل موضوع أو قضية واحدة يتبناها ذلك المرشح، وليس بناء على مجمل ما يتبناه من قضايا في مجالي السياسة الخارجية والداخلية كما تفعل غالبية الأميركيين.
الأسطورة الثانية: كي تكون قوياً في تأييدك لإسرائيل يجب عليك في ذات الوقت أن تكون قاسياً على الفلسطينيين. إنها مقولة تُضر بإسرائيل أكثر مما تفيدها. ويكفي هنا أن نقرأ ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" وهو إن بقاء إسرائيل يعتمد على توفير مستقبل أكثر أملاً للفلسطينيين يقوم على السيادة السياسية والنمو الاقتصادي.
فطالما ظل الفلسطينيون يائسين، من الحصول على حياة لائقة وكريمة، فإن إسرائيل ستظل دائما في حالة حرب. وطالما ظلت القناة الوحيدة المتاحة لإثبات البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فإن لا شيء يمكن أن ينقذ المدن الإسرائيلية حتى ولو سور الصين العظيم. وبالتالي يمكن القول إن مساعدة الفلسطينيين تعتبر من أكثر الخطوات الموالية لإسرائيل الذي يمكن لأي سياسي أميركي أن يقوم بها.
الأسطورة الثالثة: الموقر "جون هاجي" ورفاقه من الصهاينة المسيحيين يخدمون اليهود. هذا لا يحدث . ثم أن هناك سؤالا هل إسرائيل واليهود في أميركا قد وصلوا إلى هذه الدرجة، التي تجعلهم يتقربون من هذه الطائفة من البشر التي تتبنى أحلاما خلاصية، كفيلة بأن تؤدي بنا جميعاً إلى حتفنا، أو تدفعنا دفعا إلى التحول للمسيحية؟ فـ"هاجي" وهو مؤسس منظمة" المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل" ومعه طائفته، يعتقدون أن إسرائيل يجب ألا تتخلى عن أي قطعة أرض مقابل السلام، لأن الرب قد وعد اليهود في التوراة بالأرض المقدسة بكاملها. والسلام ليس هو ما يدور في أذهان تلك الطائفة وإنما التوسع الدائم. وهذا هو ما يغضب العرب ويجعلهم يسعون إلى الانتقام، وهو ما يمهد الطريق لمعركة "أرمجيدون"، والظهور الثاني للمسيح. وطالما أن الأمر كذلك فإننا يمكن أن نخلص إلى أن "هاجي" وطائفته ليسوا أصدقاء حقيقيين لإسرائيل.
الأسطورة الرابعة، الحديث عن السلام مع أعدائك يظهر ضعفك.
لا يحتاج المرء إلى الحصول على درجة في العلاقات الدولية كي يدرك أن دخول الدول في مفاوضات سلام مع الدول الأخرى التي تحبها هو شيء لا معنى له. فالدول تدخل عادة في مفاوضات من أجل تحقيق السلام مع أعداء لها وليس مع أصدقاء. والإسرائيليون يعرفون ذلك كما أثبت استطلاع الرأي الذي أجرته أخيرا صحيفة "هآرتس" والذي أظهر أن ثلثي الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم يحبذون دخول دولتهم في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حماس، التي تعتبر عدوهم اللدود. أما نحن في واشنطن فنأبى الدخول في مفاوضات مع "حماس" أو سوريا أو حتى إيران لأننا لا نحبهم.
الأسطورة الخامسة، أن جورج بوش هو خير صديق حظيت به إسرائيل في تاريخها. هذا ليس صحيحاً، حيث عمل بوش كحامل راية في الصراع العربي- الإسرائيلي في حين كان يجب عليه أن يضطلع بدور حَكم الساحة- إذا ما استعرنا مصطلحات كرة القدم- وهو الخيار الذي أثر على أمن إسرائيل.
إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة للمحافظة على تفوقها العسكري على أعدائها مجتمعين، كما تحتاجها في ذات الوقت من أجل احتواء الأزمات بينها وبين العرب ومن أجل التوصل من أجل السلام معهم. لذلك فإن الولايات المتحدة لو تخلت عن الدور الذي تقوم به حاليا وهو دور وسيط السلام، واكتفت بدور المشجع لإسرائيل والداعم لها على طول الخط كما فعلت طوال عهد بوش، فإنها تساهم بذلك في تضاؤل فرص إسرائيل في تحقيق أمنها على المدى الطويل من خلال الدبلوماسية.
تلخيص كتاب فلسطين.. سلام.. لا عنصريةبقلم:الرئيس الأمريكي السابق
بقلم:الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر
- كان هم "بيغن" إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط - التعنت الإسرائيلي وراء فشل كل مشاريع "السلام" - السلام قابل للتحقيق ولكن لا سلام بلا عدالة - منذ العام 1967 شعر كارتر أن الإسرائيليين عازمونعلى الاستيطان في الأراضي المحتلة
أثار كتاب الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" ولا يزال ضجة غير مسبوقة في أوساط الرأي العام الأمريكي·· الرسمي منه والشعبي· كتاب "كارتر" بعنوان "فلسطين·· سلام لا عنصرية" يهدد بإشعال جذوة توجه خطير وجاد لما يتعلق بتناول قضية الصراع العربي- الإسرائيلي·
ينطلق "كارتر" في كتابه من صعوبة إن لم يكن استحالة المضي في أي مقترح للسلام في ظل المعطيات والظروف الراهنة، لكنه في الوقت نفسه لا يرى في الأمر يأساً مطلقا، فمشروع السلام العربي- الإسرائيلي مشروع قابل للتنفيذ ولكن ليس دون شروط صارمة يحددها "كارتر" في بداية كتابه، ويرى أن الولايات المتحدة عليها أن تدعم جديا أي مباحثات سلام ويفضل أن يشارك فيها ممثلون من الأمم المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي·
مقدمة السلام كما يراها "كارتر" مبنية على ثلاثة أضلع رئيسية: أولها: أن يقبل الفلسطينيون ودول الجوار بحق إسرائيل في التمتع بحدود مرسومة وآمنة، وثانيها عدم التغاضي عن قتل المدنيين سواء في إسرائيل أو فلسطين أو لبنان أو غيرها، أما الثالث: فهو في حق الفلسطينيين بأن يتمعتوا بالسلام والكرامة فوق أراضيهم التي حددها القانون الدولي·
بالنسبة "لكارتر" فإن السلام قابل للتحقيق لكن وصفة السلام لابد أن تشمل العدالة، كذلك يعتبر "جيمي كارتر" الرئيس الأمريكي السابق، من الملتزمين دينيا وعقائديا، فقد درس الإنجيل منذ الطفولة، وعلّمه لعشرين عاما لذلك فقد ابتهج لدعوة "اسحق رابين" الذي كان آنذاك أحد أبطال حرب 1967 وذلك لزيارة إسرائيل قبل أربعة أشهر من قيام حرب أكتوبر 1973!! وقتها كان "كارتر" حاكماً لولاية جورجيا، وهو في كتابه يقدم سرداً مفصلا لتلك الزيارة لا يخلو من التهكم والسخرية، فالمواقع المقدسة والتي زارها "كارتر" آنذاك تحولت كلها الى ثكنات عسكرية تؤمها الجيوش، وتصدح في أرجائها التعليمات العسكرية بدلاً من التراتيل الدينية، فمن نهر الأردن المقدس، الى الطرقات التي عبرها المسيح الى أرض الجولان، كلها كانت مدججة بالسلاح· يومها لم يكن عدد المستوطنين اليهود يتجاوز 1.500 شخص لكن الانطباع الأول الذي أحسه "كارتر" في تلك الزيارة أن الإسرائيليين عازمون على الاستيطان في أراضي 1967·· وليس لمقايضتها في مقابل السلام وكما كان الادعاء آنذاك·
بالنسبة لكارتر فإن اتفاقية كامب ديفيد وجهوده المبذولة قبل وأثناء وبعد الاتفاقية، تعكس يقينه بضرورة بعث السلام في هذه المنطقة الساخنة، وهو هنا في كتابه يقدم تفاصيل دقيقة عن الاتفاقية التي بدأت خيوطها في مارس 1977، وبعد أسابيع قليلة من تسلمه رئاسة الولايات المتحدة· وكارتر لا يخفي أثناء سرده لتلك التفاصيل معاناته مع حدة وعناد الوفد الإسرائيلي، ولا يستثني من ذلك الوفد إلا "ايزرا وايزمان" الذي كان وقتها وزير دفاع، فهو الوحيد الذي لمس "كارتر" في كلماته صدقا لما يتعلق بالوصول الى اتفاق سلام· أما "مناحيم بيغن" فقد كان من الواضح أن ما كان يهمه من اتفاقية كامب- ديفيد هو الشق المتعلق بمصر فقط·· لأن اتفاقية ثنائية مع مصر، تعني بالنسبة لإسرائيل إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط، أما ما يتعلق بالوعود التي نصت عليها الاتفاقية بشأن الضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين·· فقد كانت قابلة للاختراق بحسب العرف الإسرائيلي·
من هم الفلسطينيون؟
يقدم "كارتر" للقارئ تعريفا دقيقا وتاريخيا للاعبين الأساسيين في دائرة الصراع العربي- الإسرائيلي·· خاصة وأنه يرى بأن تعريف الفلسطينيين والإسرائيليين هو تعريف غير دقيق فبالنسبة للفلسطينيين هنالك أكثر من تعريف·· أحد هذه التعريفات ينص على أنهم الشعب الذي قطن أرض كنعان، ثم أصبح جزءاً من الامبراطورية العثمانية، وذلك قبل أن يخضع لإشراف بريطانيا العظمى من 1922·· والى أن صدر قرار الأمم المتحدة في العام 1947 بتقسيم أرض فلسطين، وليتمتع اليهود، فيما بعد بما يقارب %55 من الأرض!!
الإحصاءات البريطانية للعام 1922 تقول إنه كان يتواجد في فلسطين 84.000 يهودي في مقابل 670.000 عربي·· وأن العدد تغير بعد أن قسمت الأمم المتحدة المنطقة ليصبح 600.000 يهودي في مقابل 1.3 مليون عربي·
وفي المقابل يستعرض "كارتر" تعريف الإسرائيليين والذي تطور عن الحركة الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر·· قبل أن يستقر الإسرائيليون في فلسطين في مايو 1948!!
الصراع، بالطبع لم يكن أبداً قصراً على الفلسطينيين والإسرائيليين·· لذا فإن "كارتر" يستعرض جيران القضية·· وعلى رأسهم "سورية"·· وهو هنا لا يخفي إعجاباً بشخص الرئيس السوري حافظ الأسد بل يصر على أن يقدم للقارئ الأمريكي ما يجهله عن سورية وعن الرئيس حافظ الأسد وذلك من خلال سرد مفصل للقائه بالرئيس لأول مرة، ولم يخل ذلك السرد المفصل من إشارات واضحة للالتزام العربي تجاه قرارات الأمم المتحدة في مقابل استهتار ومخالفة صارخة لها من جانب إسرائيل· ثم يختم "كارتر" روايته عن الرئيس "حافظ الأسد" بإشارة الى أنه أي كارتر لم يتوقف في مساعيه لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل·· حتى بعد خروجه من البيت الأبيض- وأنه في العام 2005 رفع الى البيت الأبيض برنامج زيارة ينوي القيام بها الى سورية·· ليفاجأ برفض الإدارة الأمريكية لتلك الزيارة بناء على موقف سورية تجاه الوضع في العراق· ولم تنجح محاولات كارتر بحسب قوله في إقناع الإدارة الأمريكية بأن بإمكانه التفاوض مع بشار الأسد الذي عرفه منذ أن كان طالباً في الجامعة·· أو أنه من الحماقة قطع جسور التواصل والحوار مع أولئك الذين نختلف معهم في الرأي، لكن استياء كارتر ودهشته من هكذا موقف بلغ أوجه حين عرف فيما بعد أن الحكومة الأمريكية رفضت منح الرئيس السوري "بشار الأسد" فيزا لدخول أراضيها ولحضور اجتماع الأمانة العامة في الأمم المتحدة·
من أربك الوضع العربي؟
يتحول "كارتر" فيما بعد من سورية الى الأردن مستعرضاً الدور الأردني في الصراع، وتكبد الأردن خسارة جسيمة بعد حرب 1967 إثر احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية مما أفقد الأردن ما يقارب نصف سكانه وموارد سياحية ثرية وأيضا عن جهود الملك حسين في السيطرة على الفلسطينيين في المخيمات إبان الستينات الى أن يصل بالأحداث الى المرحلة الفاصلة في العام 1970 والتي شهدت المواجهات الدامية بين قوات الملك حسين·· والكتائب الفدائية·
بالنسبة "لكارتر" فإن مصر كانت هي الحلقة التي اربكت القلادة العربية التي كانت تطوق الصراع العربي- الإسرائيلي·· وهو هنا يسترجع قولاً للرئيس المصري أنور السادات في تعليقه على العزلة العربية المفروضة على مصر بعد كامب ديفيد، بأن أغلب الدول العربية تطمح في أن تحذو حذوه·
أما الجارة لبنان·· فإن "كارتر" يرى أن الأحداث الأخيرة بين لبنان وإسرائيل قد ضاعفت من تغلغل هذه الدولة الصغيرة في دائرة الصراع·
الوضع في المملكة السعودية وكما يراه "كارتر" مختلف·· فهي أولاً ليست جارة مباشرة لإسرائيل إلا أنها وبسبب ثرائها تعتبر لاعباً أساسياً في القرار العربي!! بالنسبة لكثير من الغربيين·· فإن السعودية تبدو معزولة جغرافيا واجتماعياً·
يحكمها بضعة مئات من الأمراء الأثرياء!! لكنها بالنسبة لأمريكا، تعتبر عضوا في غاية الأهمية لما يتعلق باحتواء أي تصعيد خطير في المنطقة، وهو أمر يدفع الولايات المتحدة لأن تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة في المملكة العربية السعودية!!
وجهان لإسرائيل
يعود "كارتر" كما ذكر في كتابه لزيارة الأرض المقدسة·· فلسطين بعد عشرة أعوام من زيارته الأولى، ويسترجع هنا الظروف التي أحاطت بمساعي خليفته "رونالد ريغان" لإحياء مشروع السلام العربي- الإسرائيلي وفقا لاتفاقية "كامب ديفيد"·· مؤكداً إن التعنت الإسرائيلي لم يزل كما هو، إضافة الى حادثتين مهمتين، انعكستا وبشكل مباشر على السلام في المنطقة، الأولى كانت في العام 1986، حين كشف النقاب عن فضيحة الأسلحة الى إيران، أو ما أصبح يسمى "بإيران كونترا" التي ساهم فيها إسرائيليون الى جانب الولايات المتحدة أما الحادثة الثانية، فقد كانت في العام 1987، إثر تصاعد الحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانطلاقة الانتفاضة الأولى!! في زيارته لعام 1983 يزداد بقين كارتر بأن هنالك وجهين لإسرائيل، الوجه الأول الذي يعود الى الثقافة اليهودية القديمة، المتسمة بالأخلاقيات الدينية·· والتي كان "كارتر" قد تعلمها وتلقاها في المدارس الدينية، والوجه الآخر·· هو لإسرائيل ترفض الالتزام بأبسط الحقوق البشرية!! وهذه هي إسرائيل التي اكتشفها "كارتر" في زيارته تلك·· ومن خلال لقائه بفلسطينيين من جميع المشارب أكدوا على حقيقة التعسف الإسرائيلي بحقهم·· المدني والعملي بل وحتى القضائي!!·
بالنسبة "لكارتر" فإن اتفاقيات وجهود السلام إبان حقبة جورج بوش "الأب" وكلينتون·· سواء أوسلو·· أو مدريد·· كانت جميعها·· تتجمد عند التعنت الإسرائيلي·· في مقابل مرونة الأطراف الأخرى في الأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية!!
يخصص "كارتر" فصلا كاملاً لجهود "كلينتون" في إحياء مشروع السلام وفقا لاتفاقية "أوسلو" في ظل ظروف يرى "كارتر" إنها مناسبة·· فالانتخابات الفلسطينية سارت بشكل سلس·· والتصريحات الفلسطينية كلها متفاوتة، لكن الإسرائيليين بقوا على تعنتهم·· حتى مع قدوم حزب العمال بقيادة "إيهود باراك" في العام 1999، كان هنالك إجماع واتفاق إسرائيلي على عدم التمسك بقرارات الأمم المتحدة وبالتحديد، قرارا 242 و 338، ثم ليفجر أرييل شارون الوضع المتفجر أصلاً بذهابه مدججاً بمئات الجنود الى موقع قبة الصخرة المقدسة لدى المسلمين·· معلناً من هناك أن هذا الموقع الإسلامي المقدس سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الى الأبد!! ولتشتعل بذلك جذوة الانتفاضة الثانية!!
يستعرض "كارتر" وبالتفصيل اجتماع القمة العربية في بيروت في ظل تصاعد الانتفاضة الثانية، وهو الاجتماع الذي أعطى فيه العرب وعلى لسان ولي العهد السعودي "الأمير عبدالله" الأمان لإسرائيل·· مع وعود عربية ببناء علاقات مباشرة مع إسرائيل!! وهي الوعود التي أجابت عليها إسرائيل بحملة عسكرية عنيفة قصفت ودمرت ثم طوقت مقر الرئيس الفلسطيني المنتخب "ياسر عرفات" ليأتيها فيما بعد الدعم الأمريكي في يونيو 2002 من خلال إعلان الرئيس بوش "الابن" أن مشروع السلام أصبح يتطلب رئيسا جديداً ولتستمر فيما بعد المماطلات الإسرائيلية التي وصلت أقصاها مع شروط الإسرائيليين التعجيزية لتطبيق "خارطة الطريق" التي كان الفلسطينيون قد وافقوا عليها·· وهو ما يراه "كارتر" استمراراً في النهج الإسرائيلي الرامي لتقويض كل مشروع للسلام!!
كارتر يتحسر
يستعرض "كارتر" في كتابه المهام التي قامت بها مؤسسة كارتر للإشراف على الانتخابات الفلسطينية منذ 1996·· ويتناول العديد من الروايات والأحداث التي تشير الى البطش الإسرائيلي للفلسطينيين والذي وصل الى حد محاولة حجب حقهم الانتخابي وكما حدث مع الناخبين من القدس الشرقية!! ثم يتوقف طويلا عند انتخابات يناير 2006 التي أشرف عليها مركز كارتر بالتعاون مع بعض المراقبين الدوليين·· والتي أفرزت نتجائها عن اكتساح حماس لـ 85% من مقاعد مجلس النواب الفلسطيني·
مع آخر فصل من كتابه يتناول "كارتر" جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل بالكثير من الحسرة والأسف فالإسرائيليون يتصورون أن طوقا من الحديد سيؤمن لهم حماية من الفلسطينيين·· الذين أصبحوا معزولين بلا منافذ جوية أو بحرية مستقلة!! ويرى "كارتر" جاءت من أن جدار الفصل الإسرائيلي يعكس حقيقة المفهوم الإسرائيلي للتعايش السلمي مع الفلسطينيين!! هذا الجدار الذي "يعتقد" الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم فاعليته، بينما أدانت قيامه محكمة العدل الدولية واعتبرته غير شرعي ولا قانوني·
لكن الحسرة التي عبر عنها "كارتر" جاءت من أن هذا الجدار العنصري قد اقتحم قدسية مقدسات كبيت لحم وجبل الزيتون المكان المفضل للمسيح ورفاقه· يختم "جيمي كارتر" كتابه بتلخيص كل مشاريع السلام العربي- الإسرائيلي التي لم يتحقق منها شيء بسبب غياب النوايا الصادقة، وهو يرى هنا أن هنالك معوقين رئيسيين للسلام الدائم في الشرق الأوسط، العائق الأول أن هنالك من الإسرائيليين من يرى أن من حقه احتلال ومصادرة حقوق الفلسطينيين!! أما المعوق الثاني·· فهو في ردود فعل بعض الفلسطينيين الذين يرون في الانتحاريين شهداء لقتلهم إسرائيليين!!
والمخرج من تلك المعضلة كما يراه "كارتر" هو في إحياء مسيرة السلام من خلال مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين·· مع تكثيف الجهود لتطبيق خارطة الطريق!! ولكن في ظل شروط أهمها على الإطلاق أدرك العرب أن إسرائيل أصبحت أمراً واقعاً·· بالإضافة الى إقرار الإسرائيليين بالحقوق الفلسطينية خاصة في ظل العنف الإسرائيلي الذي اغتصب أبسط الحقوق البشرية للفلسطينيين!!
بالإضافة الى ضرورة الحياد الأمريكي بهذا الشأن·· والامتناع عن تجاوز التصرفات الإسرائيلية غير المشروعة خاصة في ظل التعسف الأمريكي في استخدام الفيتو لحجب قرارات تدين إسرائيل·· وحيث استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لهذا الغرض لأكثر من أربعين مرة!!
بعد ر حلة طويلة كهذه·· لا يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" محبطاً أو يائساً من تحقيق السلام في الشرق الأوسط·· طالما بقي هنالك مؤيدون للسلام في كلا الطرفين!! وهو هنا يذكرنا بكلمته التي ألقاها في الكنيست الإسرائيلي في العام 1979 حين قال "إن الشعوب تدعم التسوية، لكن القادة السياسيين هم الذين يعيقون السلام!!"·
عندما يقول التاريخ كلمته سيشهد أن الرئيس الأميريكي السابق جيمي كارتر هو الذي أثبت أن العمل السياسي ليس مهنة بل رسالة لا تنتهي إلا بالموت. فما قام به الرئيس الأمريكي الأسبق من جهود على الصعيد الإنساني والسياسي بعد خروجه من البيت الأبيض أعظم من جهود عشرات الرؤساء مجتمعين· وها هو الآن في الثمانين من عمره وبعد 30 عاما على رحلته الأولى للشرق الأوسط لازال يحمل ملف قضية الشرق الأوسط مفعما بأمل التوصل إلى سلام عادل وشامل للصراع في المنطقة· وبكتابه الجديد << فلسطين: السلام لا .. الفصل العنصري>> استطاع كارتر أن يعيد الروح إلى الحق الفلسطيني ويفضح عدوانية الممارسات الإسرائيلية. ولكن ·· ما الذي سيجنيه جيمي كارتر من وراء الاصطدام باللوبي الصهيوني؟ ومن إثارة جدل واسع حول عنصرية إسرائيل؟· هل هو عمل شجاع لسياسي مخضرم حي الضمير ؟
أم أن ما يفعله هو لقطة من الدراما الحية المليئة بالتشويق والإثارة التي ميزت هذا الصراع الأزلي·؟
أيا كانت الإجابة فلا شك أن كتاب جيمي كارتر نجح في كسر التابوهات السياسية في أمريكا ، وفتح بابا واسعا للجدل حول سياسات إسرائيل التي نادرا ما تكون موضعا للجدل· أما في منطقتنا العربية فلقد تلقف النقاد كتاب كارتر الجديد مهللين بالنصر ووصفه بعضهم بالكتاب الجريء رغم أنه في بعض الأحيان لا يطابق الرؤى الفلسطينية و العربية للصراع العربي الإسرائيلي · فمن يقرأ الكتاب يكتشف أنه لم يقدم الشيء الجديد لقضية الشرق الأوسط، بل هو أقرب إلى سرد تفصيلي للحقائق التاريخية والانطباعات الشخصية والتجارب الإنسانية التي عايشها الرجل طول سنوات احتكاكه بأقطاب الصراع العربي الإسرائيلي· وإن كانت هناك جرأة فهي في عنوان الكتاب الذي هو بمثابة صرخة حق، وفي كون مؤلفه ليس محللا استراتيجيا ولا ناقدا سياسيا ولا صديقا للعرب بل رئيسا أسبق لأمريكا حليفة إسرائيل، وتربطه صداقة شخصية قديمة وحميمة بزعمائها· وتتلخص الأهمية الحقيقية للكتاب كونه قدم للقارئ الأمريكي تقريرا أمينا شاملا يشرح بصدق معاناة الشعب الفلسطيني ويلقي الضوء على السياسات المهينة التي تتبعها سلطات الاحتلال لقمعه· والحقيقة ·· أن البعد الأخلاقي لكارتر والذي ميز حضوره السياسي على الساحة الدولية لعقود من الزمان أفسد جهود كل من تآمروا لمنع الكتاب بل جعله على قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية·
صدر كتاب <<فلسطين: السلام لا ·· الفصل العنصري>> في 14 نوفمبر الماضي عن دار نشر <<سيمون وشستر>>. وجاء في 264 صفحة مقسمة على 16 فصلا، تخللها تسع خرائط مهمة وملاحق لقرارات الأمم المتحدة ومقترحات عربية للسلام· وبالرغم من مرور قرابة الشهرين على صدور الكتاب إلا أن حملة الإساءة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي الأسبق من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لا تزداد إلا ضراوة· حتى أن اللجنة التنفيذية الأمريكية اليهودية، قالت من الآن فصاعدا لن يقدر كارتر على أن يكون وسيطا نزيها· وتسبب الكتاب في حملة هجوم واسعة شنتها صحف أمريكية موالية لإسرائيل في واشنطن شككت في نزاهة مهندس اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وأولت انتقاداته لقادة إسرائيل بعدم الموضوعية والتحيز للعرب!
بدءا من عنوان الكتاب ومرورا بمحتواه المنتقد لإسرائيل وانتهاء بشخصية جيمي كارتر لم يسلم شيء من النقد والتجريح والسخرية، حتى أن صحيفة <<الواشنطن بوست>> التي تتزعم الحملة وصفت مقارنته كارتر جدار الفصل العنصري في إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالمقارنة الغبية وبأن الكتاب مطرقة على رأس إسرائيل. ووصفته جريدة <<لوس انجلوس تايمز>> بأنه هجوم مباشر على إسرائيل، وستكون له عواقب وخيمة. قال <<جاري ديرفنر>> وهو صحافي في جريدة <<جيروسالم بوست>>: لا اقدر على أن أقول أن كارتر يعادي اليهود· اعترف انه صديق لإسرائيل. لكن المشكلة هي انه يريدان أن يكون صديقا للعرب أيضا· ولن تقبل إسرائيل من احد أن يكون صديقا لها وصديقا للعرب في نفس الوقت· صديق إسرائيل الحقيقي هو الذي يعادي العرب!.
كل هذه الجلبة·· وقليل هم الذين يعلمون أن كارتر اضطر إلى تخفيف بعض العبارات، وأجبر على حذف أخرى قبل طبع الكتاب تحت وطأة النقد اللاذع لوسائل الإعلام بعد أن تسربت لهم مسودة الكتاب. ثم أجبر كارتر مرة أخرى على تأجيل موعد النشر بناء على طلب من قيادات الحزب الديمقراطي ـ الذي ينتمي إليه كارتر- لضمان أصوات اليهود في انتخابات الكونجرس. وبعد ساعات من النشر سارعت <<نانسي بيلوسي>> الرئيس الجديد لمجلس النواب الأمريكي بإعلان براءتها من محتوى الكتاب، وأصدر <<هوارد دين>> رئيس الحزب الديمقراطي بيانا يؤكد دعمه لإسرائيل وينفي علاقة الحزب بكتاب كارتر. وحتى <<كينيث شتين>> المدير السابق لمركز كارتر تبرأ من كارتر وقال أن الكتاب مليء بالأخطاء. وكذلك فعل <<دنيس روس>> الموفد الخاص السابق إلى الشرق الأوسط في عهد كلينتون الذي اتهم كارتر بنشر خرائط ليست ملكه. وتنوي جماعات التصدي لحقوق اليهود رفع دعوى قضائية على كارتر تطالبه بالتعويض على إساءة السمعة.. ولا تزال الحملة مستمرة·
تساؤلات·· بلا إجابات
في مقدمة كتابه قال كارتر:<<لقد كانت أحد أهم أهداف حياتي منذ وصولي إلى البيت الأبيض وبعد مغادرتي إياه في عام 1980 أن أساعد على تأمين سلام دائم للإسرائيليين وللآخرين في الشرق الأوسط. وكثيرون هم الذين يشاركونني هذا الحلم وتتضافر جهودهم معي من أجل تحقيق السلام. ومن المفيد دائما أن نفهم الخلفية التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي ونعرف العقبات التي تقف أمامنا وندرك أنه لا بد من أن نصنع شيئا الآن كي يتحقق السلام غدا في المنطقة. << ثم استعرض كارتر أهم الأحداث التاريخية في المنطقة والتي قادت إلى إشكالية صراع تاريخي ذو صبغة دينية بدأ من هجرة خليل الله إبراهيم من أور كنعان عام 1900 قبل الميلاد وانتهاء بتولي <<أيهود أولمرت>> رئاسة الوزراء في إسرائيل في آذار (مارس) 2006 ميلادية مرورا بعشرات الأحداث والشخصيات التي لعبت دورا في الصراع>>.
طرح كارتر علامات استفهام كثيرة تبدو لا نهائية وبلا إجابات عن إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين· فقال: ما هي شروط هذا السلام؟ وما الاحتمالات التي يقدمها المستقبل؟· وما الأرضية المشتركة التي يمكن لأطراف النزاع البناء عليها؟. وهل بات مطلوبا الدخول في أزمات جديدة محتقنة حتى تتدخل الأطراف الدولية؟ وهل يمكن لإسرائيل في ظل قوتها العسكرية الراهنة والدعم الأمريكي الكامل أن تهزم المقاومة العربية؟· لم يجب كارتر على أي من هذه التساؤلات.. إلا أنه نبه الدول الكبرى إلى أن شعوب المنطقة لديها أحزانها وغضبها وطموحاتها، لكن إسرائيل تبقى هي الهم الرئيسي والقبلة التي يتوحد عندها الغضب العربي. وأنه لا يمكن تجاهل احتقان الشارع العربي من تحالف أمريكا مع إسرائيل·
لذلك آن الأوان أن تكون الولايات المتحدة شريكا عادلا في تحقيق السلام للطرفين وليست حكما ضد طرف واحد· فالعالم لازال ينتظر الدعم الحقيقي للسلام من الولايات المتحدة على أن تكون أمريكا طرفا يمكن الوثوق فيه· وطالب كارتر من الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن التساهل إزاء سياسات المصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية لأن ذلك هو سبب تصاعد الإرهاب العالمي الموجه للولايات المتحدة· وحدد كارتر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني طبقا للقانون الدولي· منها حق تقرير المصير وحق التعبير وحق الفرد في معاملة متساوية وعدم الاعتقال دون سند والتحرر من سيطرة القوة العسكرية وحق الأسر الفلسطينية في لم الشمل وحق المواطنين المسالمين العزل في العيش بسلام.
قال كارتر:<<أن المنطقة العربية تعيش ظروفا صعبة للغاية والمناخ السياسي متأزم لدرجة لم يشهدها تاريخ العالم من قبل. ومن هنا تكمن صعوبة التفاوض من أجل السلام. ولكي تستأنف المفاوضات لا بد أن تكون هناك ثلاثة أسس واضحة من وجهة نظره. أولها حق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام ضمن حدود معترف بها من قبل الفلسطينيين ودول الجوار. وثانيها أن تتفق الأطراف على أن قتل المواطنين العزل في إسرائيل وفلسطين ولبنان سواء عن طريق القنابل أو الهجمات الصاروخية أو الاغتيالات أو أية أعمال عنف أخرى هي أمور لا يمكن التسامح بشأنها. أما ثالثها فأن يعيش الفلسطينيون في سلام وكرامة على أراضيهم وفقا لما نص عليه القانون الدولي وأن تكون التعديلات المقترحة في التسوية السلمية بناء على التفاوض الإيجابي مع إسرائيل. وأضاف كارتر:<<لا بد للعرب أن يعترفوا بحقيقة أن إسرائيل أصبحت دولة لها وجود، كما على الإسرائيليين أن يقبلوا بوجود دولة فلسطينية. وأن معادلة السلام العادل على هذه البقعة الصغيرة والمميزة من العالم لابد أن تتحقق ضمن القوانين الدولية وتدعمها سياسة الولايات المتحدة وتباركها إرادة غالبية الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني>>.
اعترافات كارتر··
كتاب كارتر <<فلسطين ·· السلام لا الفصل العنصري>> مليء بالاعترافات التي وردت على لسان كارتر بعضها يكشف مشاعره تجاه القضية أو تجاه شخصيات رئيسية. فعندما كان كارتر حاكما لولاية جورجيا التقى برابين والذي وجه إليه دعوة عام 1973 لزيارة إسرائيل. وكان كارتر حريصا على زيارة الأرض المقدسة خاصة فهو مسيحي متدين تلقى دروسا دينية في الكنيسة طوال عمره ثم أصبح معلما للإنجيل على مدى عشرين عاما.
(ايبـاك) رأس حربة اللوبي الصهيونيلقد أصبح (اللوبي الصهيوني) وعلى رأسه(ايباك)، شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل. وليس غريباً أن يقول أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي: «نحمد الله أن لدينا ايباك أعظم مؤيد وصديق عندنا في العالم بأسره».ولعله من المفيد بداية الإشارة إلى الجدل القائم حول حقيقة (اللوبي الصهيوني)، وهل يسيطر فعلاً على السياسة الأمريكية، أم أن النخب السياسية والاقتصادية الأمريكية هي من يوجه بوصلة عمل هذا اللوبي.وبهذا الصدد فإن وجهة نظر المفكر الأمريكي اليهودي (نعوم تشومسكي) هي أن (اللوبي الصهيوني) لا يبلور السياسة الأمريكية، بل يجسد مصلحة أصحاب رأس المال والنفوذ في الولايات المتحدة، الذين يقفون وراء السياسة الامبريالية الأمريكية ويستغلون إسرائيل لتحقيق أهدافهم.أما المفكر الإسرائيلي (يوري أفنيري) فيعلق على من يقول بسيطرة (اللوبي الصهيوني) على السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل، وبين من يقول بأن اللوبي وإسرائيل في خدمة أصحاب رأس المال والنفوذ الأمريكيين، ويتساءل: «هل الكلب يلوح بالذيل، أم الذيل يلوح بالكلب؟» وانتهى إلى القول بأن «التكافل الأمريكي – الإسرائيلي هو ظاهرة مميزة ومعقدة جداً، حيث لا يمكننا وصفها بأنها غير مجرد مؤامرة. إن الكلب يلوح بالذيل، وإن الذيل يلوح بالكلب، أي أن كلاً منهما يلوح بالآخر!».ما هي لجنة (ايباك)لقد استفادت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بتشكيل مجموعة ضغط تحقق أهداف وغايات الحركة الصهيونية، بالاستناد إلى القانون الأميركي الصادر عام 1946، الذي أعطى الحق للجماعات المختلفة في تشكيل مجموعة ضغط تضمن مصالحها. واعتماداً على القانون المذكور استطاعت الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (ايباك) aibac عام 1951، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها (لوبي صهيوني). ويعتبر (سي كنن) الذي سجل اسمه في سجلات وزارة العدل الأمريكية مؤسسها، وفي الوقت ذاته يعتبر وكيلاً لدولة أجنبية. وتتألف لجنة (ايباك) من رئيس ومدير تنفيذي. ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي ، ومنظمة (بناي بريث) اليهودية، في دعم لجنة (ايباك)، لخدمة إسرائيل، وذلك من خلال دعم (اللوبي الصهيوني) وزحف نفوذه في الكونغرس والبيت الأبيض، ومراكز القرار الأخرى في الولايات المتحدة. وتبلغ ميزانية (ايباك) السنوية 50 مليون دولار. وتعقد مؤتمراً سنوياً يتسابق في حضوره كبار السياسيين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. ويبلغ عدد أعضاء (ايباك) حوالي مائة ألف عضو منتشرين في الولايات الأمريكية كافة . وتركز (ايباك) نشاطها على أعضاء الكونغرس، وتجري أكثر من 2000 مقابلة سنوية معهم، لحثهم على اتخاذ قرارات لصالح إسرائيل . فقد أنتجت تلك المقابلات عام 2005 أكثر من 100 قانون مؤيد لإسرائيل. وتحرص (ايباك) على أن يحضر ممثل عنها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف صغيراً كان أم كبيراً. أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائماً عضو من الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس ويطالع سجله بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع بزيارات من (ايباك). ولدى لوبي (ايباك) قدرة تنظيمية وبحثية وتمويلية تتمتع بقوة هائلة داخل الكونغرس، منعت في السابق من إصدار قرارات تضر بإسرائيل، حيث نجح أعضاء (ايباك) في ربط أنفسهم بأجندة المحافظين الجدد بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001، كما لـ(ايباك) قوة تنظيمية كبيرة في مراكز الأبحاث والقرار، عدا عن دعمها المالي الكبير لمرشحين تراهم الأفضل في تأييد إسرائيل داخل المؤسسات الأمريكية المختلفة. وأنشأت (ايباك) مركز أبحاث (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) عام 1985، بهدف إعداد ونشر أبحاث عن منطقة الشرق الأوسط وفق وجهة النظر الإسرائيلية ويتم رفعها لأصحاب القرار. وتصدر (ايباك) مجلة بعنوان (تقرير الشرق الأدنى) كل أسبوعين، وهي مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.إستراتيجية (ايباك) في دعم وحماية إسرائيللقد وضعت لجنة (ايباك) إستراتيجية تنطلق منها في دعم وحماية إسرائيل، وعدم الاكتراث حتى بالمصالح الأمريكية، فالولاء لإسرائيل يتقدم كثيراً على الولاء للولايات المتحدة.يقول طوبي شوفيتز المتحدث باسم لجنة (ايباك): «نحن منظمة أمريكية أو لوبي إذا شئت يعمل لمساعدة إسرائيل ومناصرتها وتأييدها». وأبرز أهدافنا كما يقول شوفيتز:
1- تعليم المواطن الأمريكي العادي كيف يهتم بإسرائيل، ويؤمن بقضيتها، إذ أن مساندة إسرائيل مسألة متوارثة في الولايات المتحدة وعلى مستوى شعبي.
2- منذ ولاية هاري ترومان نحن منظمة لا نتمتع بتسهيلات ضرائبية ولا نحقق منافع شخصية.
3- هدفنا تنمية الصداقة بين إسرائيل وأمريكا.
4- نحن ناشطون داخل الكونغرس وداخل المؤسسات ومراكز العلم والاقتصاد.
5- مؤيدونا متواجدون داخل الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري.
6- منا من يؤيد حكومات الليكود في إسرائيل، وبعضنا يؤيد حكومات العمل.
7- إننا متفقون على مناصرة إسرائيل.
8- نحن لا نقترب أو نبتعد عن إسرائيل لأن حكومة هذا الحزب في السلطة أو خارجها.
وطورت (ايباك) أهدافها في الولايات المتحدة إلى:
1- تنسيق الأهداف والاستراتيجيات والتكتيك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
2- تخزين معدات عسكرية وذخيرة ووقود أمريكي في إسرائيل لاستخدامه خلال أزمات المنطقة.
3- استخدام ميناء حيفا لتقديم التسهيلات للأسطول السادس الأمريكي.
4- استخدام القواعد الجوية الإسرائيلية والمطارات والإمكانيات الأرضية.
5- بناء محطات إستراتيجية جوية في إسرائيل للاستخدام الأمريكي.
6- تمرير السلاح الأمريكي والمعدات عبر إسرائيل.
7- توفير الحماية الإسرائيلية للخطوط البحرية الأمريكية والمصرية.
8- تعاون أمريكي- إسرائيلي عسكري لإعادة توازن القوى في لبنان.
9- مناورات عسكرية أمريكية- إسرائيلية مشتركة.
ورغم تلقي (ايباك) صفعة قوية عام 2004 بعد إدانة (لورانس فرنكلين) محلل الشؤون الإيرانية في وزارة الدفاع الأمريكية بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، عن طريق (ايباك)، التي استبقت الإدانة وقامت بطرد موظفين يعملان لديها، لهما علاقة بعملية التجسس، إلا أن مكانتها مازالت على حالها من القوة والتأثير داخل مركز صنع القرار الأمريكي.ويشير (حسن صابر) في صحيفة (الوطن) السعودية نقلاً عن الباحثة الأمريكية (كارول سيلفرمان) تأكيدها في دراسة أعدتها جامعة فرجينيا الأمريكية، إلى أن (ايباك) تتمتع بقدرة فائقة في التأثير على لجان الكونغرس، وأنها نجحت في أن ينظر الأمريكيون إلى سياستهم تجاه الشرق الأوسط على أنها ذات أبعاد داخلية. ويحرص مندوبوها على حضور جلسات الكونغرس عندما تدور المناقشات حول إسرائيل وقضايا الشرق الأوسط.وبفضل (ايباك) وبقية أركان اللوبي اليهودي الأمريكي استطاعت إسرائيل أن تحصل على مساعدات أمريكية إضافية تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار. أما أهم أنشطتها المتعلقة بإسرائيل، حسب الدراسة الأمريكية، فتتضمن متابعة اهتمامات الإدارة الأمريكية بالملف النووي الإيراني ومحاولة التأثير فيه، بحيث تتمكن من تحريض واشنطن على ضرب إيران، كما تولي (ايباك) اهتماماً بضرورة استكمال تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان وتفكيك قوات حزب الله. والأكثر من ذلك يتردد في واشنطن أنه كان لها دورها في أن تغفل إدارة الرئيس بوش عن حدود 67 وقضية اللاجئين الفلسطينيين، لتحقق إسرائيل ما تصبو إليه من توسيع في الاستيطان ورسم حدودها بالطريقة التي ترضيها.جورج سوروس في مواجهة (ايباك)مما لا شك فيه أن نتائج انتخابات الكونغرس التي جرت أواخر العام الماضي، والهزيمة التي حصدها حزب الرئيس بوش الجمهوري أمام الحزب الديمقراطي، قد صدع من مكانة المحافظين الجدد المتحالفين مع (ايباك). الأمر الذي شجع الملياردير اليهودي (جورج سوروس) على محاولة تشكيل (لوبي يهودي) جديد في الولايات المتحدة أواخر تشرين الأول من العام الماضي، ليكون نداً لـ(ايباك). وجاء الإعلان عن هذا اللوبي الجديد والذي لم يعلن عن اسمه في واشنطن. وتكشف طبيعة الشخصيات التي التقت مع سوروس وجماعته، أنها شديدة المعارضة للروابط الوثيقة بين (ايباك) والمحافظين الجدد. كما عقد سوروس اجتماعاً ثانياً في نيويورك أواخر العام الماضي، وقد بدت في هذا الاجتماع ملامح التوجهات العامة لهذا اللوبي الجديد، والتي برزت في الدعم اللا محدود لمراكز الأبحاث ذات الصلة بالحزب الديمقراطي، والدوائر الاجتماعية والثقافية المعارضة لسياسة بوش في الداخل والخارج . ومن الشخصيات التي حضرت الاجتماعين (بيتر لويس) رجل الأعمال اليهودي والمساند للحزب الديمقراطي، والأخوان (إدجار وتشارلز برغمان)، والأول خبير في شؤون الشرق الأوسط وسبق أن ترأس (المؤتمر اليهودي العالمي) والأخوان متبرعان سخيان لإسرائيل، و(بيرادي لي) رئيسة فرع حركة (السلام الآن) الإسرائيلية في الولايات المتحدة، و(دانييل ليفي) مستشار الوزير الإسرائيلي (يوسي بيلين).ويرى المراقبون أن تشكيل لوبي يهودي جديد في الولايات المتحدة يقف في وجه (ايباك) ليس بالأمر السهل فـ(ايباك) ذات تاريخ طويل وقوة متنفذة داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته. كما لا يمكن الحديث عن اختلاف جوهري بين جماعة سوروس و (ايباك) ،فكلاهما يسعيان لمصلحة إسرائيل وإن اختلفا في التوجهات، وكان سوروس قد كتب مقالاً في صحيفة (جون افريك) حمل عنوان (لنتحرر من نفوذ ايباك) وأكد سوروس في مقاله أنه متمسك جداً بمسألة بقاء واستمرار إسرائيل،وأنه لايريد أن «يمنح ولو ذرة طحين إلى أعداء إسرائيل» وحول قوة نفوذ (ايباك) قال سوروس: «كل شخص يجرؤ على التنديد بنفوذ (ايباك) يعرض نفسه للويل والثبور وعظائم الأمور».وهكذا وبعد كل ما تقدم يتضح أن لجنة أو منظمة (ايباك) تساهم بشكل أساسي في تغذية العدوان الإسرائيلي المستمر على الأمة العربية. كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز دعائم العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية وعلى كافة الأصعدة.
المصدر اوراق 99
<$BlogDateHeaderDate$>
وفاة الضحية '157' من المرضى بسبب الحصار الإسرائيلي
<$BlogDateHeaderDate$>
على محطة قطار سقط عن الخريطة
بوش اثبت انه صهيوني اكثر من وزراء اسرائيل
<$BlogDateHeaderDate$>
yاللوبي اليهودي..احتفاء مختلف بإسرائيل
<$BlogDateHeaderDate$>
المفاهيم الاساسية للمسيحية الصهيونية ..
في تقدير صمود الفلسطينيين
بقلم : بنجامين وايت. كريستيان ساينس مونيتور بينما تحتفل اسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها, يغتنم الفلسطينيون هذه المناسبة ليتذكروا البعثرة الكارثية التي ارتكبت بحق مجتمعهم في عام .1948 على ان الامر ليس, ببساطة, مجرّد استرجاع الماضي, فهم يواصلون الكفاح من أجل تقرير المصير, والاعتراف بحقوقهم بمقتضى القانون الدولي. ومع هذا, فإنها غلطة كبيرة ان ينظر الى السنوات الستين الماضية, على انها قصة كارثة غير عصيبة بالنسبة للشعب الفلسطيني, اذ تحققت نجاحات وانجازات مهمة تستحق الذكر ايضا. ولهذا اهميته الكبرى اذا ما اخذنا بعين الاعتبار مدى التدمير الذي لحق بالمجتمع الفلسطيني في عام 1948; فقد دمّرت اسرائيل حوالي 400 قرية فلسطينية, وغدا 85 من فلسطينيي ما اصبح يعرف بإسرائيل مطرودين من بلادهم. وبالرغم من كل شيء, لم يبق الفلسطينيون احياء يرزقون وحسب, بل نالوا الاعتراف الدولي بدولتهم ايضا, بفضل اصرارهم العنيد. فقد واصلوا الكفاح, ومن دون حلفاء في غالب الاحيان, ليحققوا مكاسب سياسية جوهرية, ورفض الفلسطينيون داخل اسرائيل, وفي المناطق المحتلة, ومناطق الشتات, مطالب اسرائيل بأن "اخرجوا", كما قاموا هيمنتها. يتجسد هذا الاصرار الفلسطيني في عائلة نصّار المسيحية التي تعرفت اليها منذ سنين. فلهذه الاسرة قطعة ارض جميلة تطلّ على قرية نحالين غرب مدينة بيت لحم. وشهد افرادها بأم أعينهم انتشار المستوطنات اليهودية غير الشرعية على التلال المحيطة بهم. وقد نجوا, حتى الآن, من محاولات جيش الاحتلال الاسرائيلي مصادرة املاكهم. وسواء أأغلق آل نصّار الطريق على تجاوزات وانتهاكات المستوطنين, اما برفع قضيتهم امام المحاكم, او بالاتصال مع المؤيدين والمؤازرين في العالم, فإنهم حشدوا مصادر الدعم العائلي من جهة, ودعم المجتمع من جهة ثانية. وما يدعو الى الاثارة الحيّة ونفخ الروح, اكثر من غيره, انهم هيأوا ارضهم لاستضافة مخيمات للأطفال, وتبادل الوفود الثقافية, والضيوف الاجانب, مدركين واجبهم بضرورة الكفاح من أجل البقاء في ارضهم. وهذا بحّد ذاته انتصار يرجع صدى الرفض الفلسطيني التاريخي للقبول بقدرهم وحسب, خاصة منذ الستينيات, والتصميم الموازي لذلك على تنظيم المقاومة الجماهيرية. ولعلّ أبرز الانجازات تمثل في اندلاع الانتفاضة الاولى في الثمانينيات, التي بيّنت لإسرائيل ان احتلالها لم يكن من دون ثمن, كما عرضت للعالم الواقع القمعي والاضطهادي للسياسة الاسرائيلية. ومن الانجازات البارزة, التي تحققت خلال العقود القليلة الماضية, انتعاش المجتمع المدني الفلسطيني. فبتشديد الجاليات تكون قد وفرت قوة حيوية للمجتمع الفلسطيني المحاصر. ويعود الفضل, جزئيا, في هذا المقام, الى هذه الثقافة عميقة الجذور المتعلقة بالمواطنة النشطة الفعالة, التي مكّنت الفلسطينيين من اجراء انتخابات كانت محلّ حسد في العالم العربي, نظرا لشفافيتها وطابعها المهني. وببناء الباحثين والاكاديميين الفلسطينيين على تقليدهم الحيوي في ممارسة الحياة الثقافية والفكرية, ارتقوا الى مراتب عليا في العالم خلال العقود الاخيرة, ليس فقط في ميدان الدفاع عن كفاح شعبهم ونصرته, بل ايضا كرموز مشهورة في مجالات تخصّصهم. وفي الوقت ذاته, واستناداً الى ثقافتهم الغنية وتراثهم الديني, اضافة الى تجربتهم الخاصة في المنفى والنضال, اسهم الكتاب والشعراء والفنانون ومنتجو ومخرجو الافلام الفلسطينيون كثيرا, ليس فقط في مساعده شعبهم, بل ايضا في العالم كله. ومن منظور تاريخي, فإن احدى عقبات تحقيق السلام, تمثلت في حقيقة ان اسرائيل أحسّت بأنها قادرة على المضي قدما في سياسة الطرد للفلسطينيين واحتلال اراضيهم من دون اكتراث عالمي كبير بذلك. ولهذا علاقة وثيقة بحقيقة ان الطبعة الصهيونية الممنهجة لما حدث في عام ,1948 قد سارت من دون معارضة في دول الغرب - وداخل اسرائيل ايضا - على مدى سنوات طوال. ومع هذا, فقد تمكن الفلسطينيون, من خلال عوامل محدّدة, مثل "المؤرخين الاسرائيليين المحدثين", والجهود الدؤوبة للقائمين على الحملات, والتكنولوجيا الحديثة لوسائل الاعلام, التي تمكّن من النشر الواسع "للمعلومات على الارض", من احداث شروخ في واجهة الدعاية الاسرائيلية. وفي غضون ذلك, ازداد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية ازديادا كبيرا, بحيث غدت هذه القضية مسموعة تماما وتفرض نفسها الآن, بالرغم من جميع محاولات طمسها. ومهما يكن من امر, فما تزال هناك عقبات هائلة ومرعبة. فاسرائيل تنعم بالدعم المستمر ممّا يسمّى المجتمع الدولي, بالرغم من بعض الصفعات الطارئة, فالكثير من النقاش الذي يدور في الغرب ما تزال الفرضيات الصهيونية هي التي تصوغه وتشكّله, كما انه يجري من وجهة نظر اسرائيلية حصرا. والفلسطينيون في هذا النقاش يعاملون كأبناء بلد عليهم "الحصول" على حق تقرير المصير, والكرامة, والأمن, والحرية. كما ان بعض الفلسطينيين خلقوا, من غير قصد ودراية, عراقيل امام تحقيق مزيد من التقدم, فالطاقة الايجابية للانتفاضة الاولى جرت تقنيتها في المؤسسات البيروقراطية للسلطة الفلسطينية, بينما الانقسامات المريرة غالباً ما وقعت بين حماس وفتح مثلاً. والوحدة السياسية الفلسطينية, والمقاومة الاستراتيجية المبدئية ظلّت من دون تدعيم في غالب الأحيان. والرواسب القديمة, والفساد, وتدخل اطراف ثالثة تبقى عقبات كبرى. على أن بإمكان الفلسطينيين أن يحققوا مكاسب كذلك من الاتفاق الجماعي على وقف الهجمات على المدنيين الاسرائيليين, اضافة الى ان السياسة الاخلاقية مفيدة لهم ايضا, بل انها حتى تشكل جزءا من عملية تحوّل أعرض نحو استراتيجيات مقاومة أقلّ "نخبوية", تستند الى مشاركة جماهيرية شعبية, شريطة ألاّ تُخلط مع المطالبة المزيفة بالسلبية ودعوة الفلسطينيين الى التسليم والاذعان للهجمات الاسرائيلية. ستون عاماً فترة زمنية طويلة; وبالتالي فإن الاعتراف بالصمود الفلسطيني هو أفضل اشكالها. ويتمثل هذا الصّمود بكفاح آل نصّار, وأطفالهم, وادواتهم الزراعية, وغرس أشجار الزيتون في ظلال المستوطنات الاسرائيلية, بتصميم وعزّة نفس, عبر حواجز الطرق ونقاط التفتيش. فبالرغم من جميع الفروق, وعلى الضدّ منها, بقي ملايين الفلسطينيين يفلحون الأرض, وينشؤون الأعمال والشركات, والتزاوج وانجاب الاطفال, وندب الموتى. وفي مواجهة الجهود الصارمة الرامية الى تهميش, حتى محو وطنهم ومجتمعهم, واصلوا الحياة بكل معانيها, وهذا هو أفضل تأسيس ممكن لتحقيق انتصارات أعظم, خلال الأعوام الستين التالية |
الأساطير الخمس حول "الموالين لإسرائيل"
بقلم : جيرمي بن عامي.واشنطون بوست منذ ستة عقود تقريباً، قاتل والدي إلى جانب "مناحم بيجين" من أجل إنشاء دولة إسرائيل، ولو كان أحد قد قال له آنذاك إنه سيأتي يوم يتسابق فيه الساسة، في أقوى دولة على ظهر الأرض، على إظهار الولاء لإسرائيل، لكان قد ضحك من قوله. وعلى الرغم من كوني ممن يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة على ما أبدته من صداقة لإسرائيل خلال العقود الستة الماضية، فإنني لا أملك أنا والدولة التي ساعد أبي على إقامتها منذ 60 عاماً، سوى التساؤل عن الجهة التي تتولى تعريف ما معنى أن يكون الشخص موالياً لإسرائيل في الولايات المتحدة هذه الأيام. البعض يفترض أن الولاء لإسرائيل يعني تأييد كل ما تقوم به دون تفكير، ومعارضة كل ما يقوم به أعداؤها بلا هوادة، مع تبني وجهات نظر "المحافظين الجدد"، والعناصر "اليمينية" المتطرفة في الجاليات اليهودية، والمسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة. وفي مفهوم هذا البعض، فإن أي أحد يتجرأ على انتقاد إسرائيل، أو يناقش أي تصرف تقوم به، يُصنف فوراً كـ" معادٍ للسامية". أما التشجيع غير المشروط للسياسات الإسرائيلية القصيرة النظر مثل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فهو لا يُعتبر دليلاً على الصداقة الحقيقية للدولة العبرية. طالما ظل الفلسطينيون يائسين، فإن إسرائيل ستبقى دائماً في حرب. وطالما ظلت البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فلا يمكن إنقاذ المدن الإسرائيلية حتى ولو بسور الصين العظيم. إسرائيل لا تريد أصدقاء حقيقيين، وإنما تريد من يعززون من قوتها، ويمكنونها من التحكم والسيطرة. وإقامة علاقة صداقة صحية مع إسرائيل، يتطلب تحطيم بعض الأساطير المتعلقة بـ" ما الذي يعنيه أن تكون صديقاً لإسرائيل". الأسطورة الأولى: الأميركيون اليهود يفاضلون بين المرشحين في الانتخابات بناء على موقفهم من إسرائيل. هذه الأسطورة أصبحت قولاً مأثورا في السياسة الأميركية، مما يدفع السياسيين الأميركيين لبذل قصارى جهودهم لاكتساب صفة" الموالاة لإسرائيل" في المقام الأول. وفي الحقيقة أن تلك المقولة ليست سوى خرافة تعمل على ترويجها أقلية صغيرة من اليهود الأميركيين المحافظين من النوع الذي يصوت لصالح المرشح من أجل موضوع أو قضية واحدة يتبناها ذلك المرشح، وليس بناء على مجمل ما يتبناه من قضايا في مجالي السياسة الخارجية والداخلية كما تفعل غالبية الأميركيين. الأسطورة الثانية: كي تكون قوياً في تأييدك لإسرائيل يجب عليك في ذات الوقت أن تكون قاسياً على الفلسطينيين. إنها مقولة تُضر بإسرائيل أكثر مما تفيدها. ويكفي هنا أن نقرأ ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" وهو إن بقاء إسرائيل يعتمد على توفير مستقبل أكثر أملاً للفلسطينيين يقوم على السيادة السياسية والنمو الاقتصادي. فطالما ظل الفلسطينيون يائسين، من الحصول على حياة لائقة وكريمة، فإن إسرائيل ستظل دائما في حالة حرب. وطالما ظلت القناة الوحيدة المتاحة لإثبات البراعة الفلسطينية هي تطوير صواريخ "القسام"، فإن لا شيء يمكن أن ينقذ المدن الإسرائيلية حتى ولو سور الصين العظيم. وبالتالي يمكن القول إن مساعدة الفلسطينيين تعتبر من أكثر الخطوات الموالية لإسرائيل الذي يمكن لأي سياسي أميركي أن يقوم بها. الأسطورة الثالثة: الموقر "جون هاجي" ورفاقه من الصهاينة المسيحيين يخدمون اليهود. هذا لا يحدث . ثم أن هناك سؤالا هل إسرائيل واليهود في أميركا قد وصلوا إلى هذه الدرجة، التي تجعلهم يتقربون من هذه الطائفة من البشر التي تتبنى أحلاما خلاصية، كفيلة بأن تؤدي بنا جميعاً إلى حتفنا، أو تدفعنا دفعا إلى التحول للمسيحية؟ فـ"هاجي" وهو مؤسس منظمة" المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل" ومعه طائفته، يعتقدون أن إسرائيل يجب ألا تتخلى عن أي قطعة أرض مقابل السلام، لأن الرب قد وعد اليهود في التوراة بالأرض المقدسة بكاملها. والسلام ليس هو ما يدور في أذهان تلك الطائفة وإنما التوسع الدائم. وهذا هو ما يغضب العرب ويجعلهم يسعون إلى الانتقام، وهو ما يمهد الطريق لمعركة "أرمجيدون"، والظهور الثاني للمسيح. وطالما أن الأمر كذلك فإننا يمكن أن نخلص إلى أن "هاجي" وطائفته ليسوا أصدقاء حقيقيين لإسرائيل. الأسطورة الرابعة، الحديث عن السلام مع أعدائك يظهر ضعفك. لا يحتاج المرء إلى الحصول على درجة في العلاقات الدولية كي يدرك أن دخول الدول في مفاوضات سلام مع الدول الأخرى التي تحبها هو شيء لا معنى له. فالدول تدخل عادة في مفاوضات من أجل تحقيق السلام مع أعداء لها وليس مع أصدقاء. والإسرائيليون يعرفون ذلك كما أثبت استطلاع الرأي الذي أجرته أخيرا صحيفة "هآرتس" والذي أظهر أن ثلثي الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم يحبذون دخول دولتهم في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حماس، التي تعتبر عدوهم اللدود. أما نحن في واشنطن فنأبى الدخول في مفاوضات مع "حماس" أو سوريا أو حتى إيران لأننا لا نحبهم. الأسطورة الخامسة، أن جورج بوش هو خير صديق حظيت به إسرائيل في تاريخها. هذا ليس صحيحاً، حيث عمل بوش كحامل راية في الصراع العربي- الإسرائيلي في حين كان يجب عليه أن يضطلع بدور حَكم الساحة- إذا ما استعرنا مصطلحات كرة القدم- وهو الخيار الذي أثر على أمن إسرائيل. إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة للمحافظة على تفوقها العسكري على أعدائها مجتمعين، كما تحتاجها في ذات الوقت من أجل احتواء الأزمات بينها وبين العرب ومن أجل التوصل من أجل السلام معهم. لذلك فإن الولايات المتحدة لو تخلت عن الدور الذي تقوم به حاليا وهو دور وسيط السلام، واكتفت بدور المشجع لإسرائيل والداعم لها على طول الخط كما فعلت طوال عهد بوش، فإنها تساهم بذلك في تضاؤل فرص إسرائيل في تحقيق أمنها على المدى الطويل من خلال الدبلوماسية. |
تلخيص كتاب فلسطين.. سلام.. لا عنصريةبقلم:الرئيس الأمريكي السابق
بقلم:الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر - كان هم "بيغن" إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط - التعنت الإسرائيلي وراء فشل كل مشاريع "السلام" - السلام قابل للتحقيق ولكن لا سلام بلا عدالة - منذ العام 1967 شعر كارتر أن الإسرائيليين عازمونعلى الاستيطان في الأراضي المحتلة أثار كتاب الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" ولا يزال ضجة غير مسبوقة في أوساط الرأي العام الأمريكي·· الرسمي منه والشعبي· كتاب "كارتر" بعنوان "فلسطين·· سلام لا عنصرية" يهدد بإشعال جذوة توجه خطير وجاد لما يتعلق بتناول قضية الصراع العربي- الإسرائيلي· ينطلق "كارتر" في كتابه من صعوبة إن لم يكن استحالة المضي في أي مقترح للسلام في ظل المعطيات والظروف الراهنة، لكنه في الوقت نفسه لا يرى في الأمر يأساً مطلقا، فمشروع السلام العربي- الإسرائيلي مشروع قابل للتنفيذ ولكن ليس دون شروط صارمة يحددها "كارتر" في بداية كتابه، ويرى أن الولايات المتحدة عليها أن تدعم جديا أي مباحثات سلام ويفضل أن يشارك فيها ممثلون من الأمم المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي· مقدمة السلام كما يراها "كارتر" مبنية على ثلاثة أضلع رئيسية: أولها: أن يقبل الفلسطينيون ودول الجوار بحق إسرائيل في التمتع بحدود مرسومة وآمنة، وثانيها عدم التغاضي عن قتل المدنيين سواء في إسرائيل أو فلسطين أو لبنان أو غيرها، أما الثالث: فهو في حق الفلسطينيين بأن يتمعتوا بالسلام والكرامة فوق أراضيهم التي حددها القانون الدولي· بالنسبة "لكارتر" فإن السلام قابل للتحقيق لكن وصفة السلام لابد أن تشمل العدالة، كذلك يعتبر "جيمي كارتر" الرئيس الأمريكي السابق، من الملتزمين دينيا وعقائديا، فقد درس الإنجيل منذ الطفولة، وعلّمه لعشرين عاما لذلك فقد ابتهج لدعوة "اسحق رابين" الذي كان آنذاك أحد أبطال حرب 1967 وذلك لزيارة إسرائيل قبل أربعة أشهر من قيام حرب أكتوبر 1973!! وقتها كان "كارتر" حاكماً لولاية جورجيا، وهو في كتابه يقدم سرداً مفصلا لتلك الزيارة لا يخلو من التهكم والسخرية، فالمواقع المقدسة والتي زارها "كارتر" آنذاك تحولت كلها الى ثكنات عسكرية تؤمها الجيوش، وتصدح في أرجائها التعليمات العسكرية بدلاً من التراتيل الدينية، فمن نهر الأردن المقدس، الى الطرقات التي عبرها المسيح الى أرض الجولان، كلها كانت مدججة بالسلاح· يومها لم يكن عدد المستوطنين اليهود يتجاوز 1.500 شخص لكن الانطباع الأول الذي أحسه "كارتر" في تلك الزيارة أن الإسرائيليين عازمون على الاستيطان في أراضي 1967·· وليس لمقايضتها في مقابل السلام وكما كان الادعاء آنذاك· بالنسبة لكارتر فإن اتفاقية كامب ديفيد وجهوده المبذولة قبل وأثناء وبعد الاتفاقية، تعكس يقينه بضرورة بعث السلام في هذه المنطقة الساخنة، وهو هنا في كتابه يقدم تفاصيل دقيقة عن الاتفاقية التي بدأت خيوطها في مارس 1977، وبعد أسابيع قليلة من تسلمه رئاسة الولايات المتحدة· وكارتر لا يخفي أثناء سرده لتلك التفاصيل معاناته مع حدة وعناد الوفد الإسرائيلي، ولا يستثني من ذلك الوفد إلا "ايزرا وايزمان" الذي كان وقتها وزير دفاع، فهو الوحيد الذي لمس "كارتر" في كلماته صدقا لما يتعلق بالوصول الى اتفاق سلام· أما "مناحيم بيغن" فقد كان من الواضح أن ما كان يهمه من اتفاقية كامب- ديفيد هو الشق المتعلق بمصر فقط·· لأن اتفاقية ثنائية مع مصر، تعني بالنسبة لإسرائيل إخراج مصر من المعادلة العسكرية في الشرق الأوسط، أما ما يتعلق بالوعود التي نصت عليها الاتفاقية بشأن الضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين·· فقد كانت قابلة للاختراق بحسب العرف الإسرائيلي· من هم الفلسطينيون؟ يقدم "كارتر" للقارئ تعريفا دقيقا وتاريخيا للاعبين الأساسيين في دائرة الصراع العربي- الإسرائيلي·· خاصة وأنه يرى بأن تعريف الفلسطينيين والإسرائيليين هو تعريف غير دقيق فبالنسبة للفلسطينيين هنالك أكثر من تعريف·· أحد هذه التعريفات ينص على أنهم الشعب الذي قطن أرض كنعان، ثم أصبح جزءاً من الامبراطورية العثمانية، وذلك قبل أن يخضع لإشراف بريطانيا العظمى من 1922·· والى أن صدر قرار الأمم المتحدة في العام 1947 بتقسيم أرض فلسطين، وليتمتع اليهود، فيما بعد بما يقارب %55 من الأرض!! الإحصاءات البريطانية للعام 1922 تقول إنه كان يتواجد في فلسطين 84.000 يهودي في مقابل 670.000 عربي·· وأن العدد تغير بعد أن قسمت الأمم المتحدة المنطقة ليصبح 600.000 يهودي في مقابل 1.3 مليون عربي· وفي المقابل يستعرض "كارتر" تعريف الإسرائيليين والذي تطور عن الحركة الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر·· قبل أن يستقر الإسرائيليون في فلسطين في مايو 1948!! الصراع، بالطبع لم يكن أبداً قصراً على الفلسطينيين والإسرائيليين·· لذا فإن "كارتر" يستعرض جيران القضية·· وعلى رأسهم "سورية"·· وهو هنا لا يخفي إعجاباً بشخص الرئيس السوري حافظ الأسد بل يصر على أن يقدم للقارئ الأمريكي ما يجهله عن سورية وعن الرئيس حافظ الأسد وذلك من خلال سرد مفصل للقائه بالرئيس لأول مرة، ولم يخل ذلك السرد المفصل من إشارات واضحة للالتزام العربي تجاه قرارات الأمم المتحدة في مقابل استهتار ومخالفة صارخة لها من جانب إسرائيل· ثم يختم "كارتر" روايته عن الرئيس "حافظ الأسد" بإشارة الى أنه أي كارتر لم يتوقف في مساعيه لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل·· حتى بعد خروجه من البيت الأبيض- وأنه في العام 2005 رفع الى البيت الأبيض برنامج زيارة ينوي القيام بها الى سورية·· ليفاجأ برفض الإدارة الأمريكية لتلك الزيارة بناء على موقف سورية تجاه الوضع في العراق· ولم تنجح محاولات كارتر بحسب قوله في إقناع الإدارة الأمريكية بأن بإمكانه التفاوض مع بشار الأسد الذي عرفه منذ أن كان طالباً في الجامعة·· أو أنه من الحماقة قطع جسور التواصل والحوار مع أولئك الذين نختلف معهم في الرأي، لكن استياء كارتر ودهشته من هكذا موقف بلغ أوجه حين عرف فيما بعد أن الحكومة الأمريكية رفضت منح الرئيس السوري "بشار الأسد" فيزا لدخول أراضيها ولحضور اجتماع الأمانة العامة في الأمم المتحدة· من أربك الوضع العربي؟ يتحول "كارتر" فيما بعد من سورية الى الأردن مستعرضاً الدور الأردني في الصراع، وتكبد الأردن خسارة جسيمة بعد حرب 1967 إثر احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية مما أفقد الأردن ما يقارب نصف سكانه وموارد سياحية ثرية وأيضا عن جهود الملك حسين في السيطرة على الفلسطينيين في المخيمات إبان الستينات الى أن يصل بالأحداث الى المرحلة الفاصلة في العام 1970 والتي شهدت المواجهات الدامية بين قوات الملك حسين·· والكتائب الفدائية· بالنسبة "لكارتر" فإن مصر كانت هي الحلقة التي اربكت القلادة العربية التي كانت تطوق الصراع العربي- الإسرائيلي·· وهو هنا يسترجع قولاً للرئيس المصري أنور السادات في تعليقه على العزلة العربية المفروضة على مصر بعد كامب ديفيد، بأن أغلب الدول العربية تطمح في أن تحذو حذوه· أما الجارة لبنان·· فإن "كارتر" يرى أن الأحداث الأخيرة بين لبنان وإسرائيل قد ضاعفت من تغلغل هذه الدولة الصغيرة في دائرة الصراع· الوضع في المملكة السعودية وكما يراه "كارتر" مختلف·· فهي أولاً ليست جارة مباشرة لإسرائيل إلا أنها وبسبب ثرائها تعتبر لاعباً أساسياً في القرار العربي!! بالنسبة لكثير من الغربيين·· فإن السعودية تبدو معزولة جغرافيا واجتماعياً· يحكمها بضعة مئات من الأمراء الأثرياء!! لكنها بالنسبة لأمريكا، تعتبر عضوا في غاية الأهمية لما يتعلق باحتواء أي تصعيد خطير في المنطقة، وهو أمر يدفع الولايات المتحدة لأن تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة في المملكة العربية السعودية!! وجهان لإسرائيل يعود "كارتر" كما ذكر في كتابه لزيارة الأرض المقدسة·· فلسطين بعد عشرة أعوام من زيارته الأولى، ويسترجع هنا الظروف التي أحاطت بمساعي خليفته "رونالد ريغان" لإحياء مشروع السلام العربي- الإسرائيلي وفقا لاتفاقية "كامب ديفيد"·· مؤكداً إن التعنت الإسرائيلي لم يزل كما هو، إضافة الى حادثتين مهمتين، انعكستا وبشكل مباشر على السلام في المنطقة، الأولى كانت في العام 1986، حين كشف النقاب عن فضيحة الأسلحة الى إيران، أو ما أصبح يسمى "بإيران كونترا" التي ساهم فيها إسرائيليون الى جانب الولايات المتحدة أما الحادثة الثانية، فقد كانت في العام 1987، إثر تصاعد الحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانطلاقة الانتفاضة الأولى!! في زيارته لعام 1983 يزداد بقين كارتر بأن هنالك وجهين لإسرائيل، الوجه الأول الذي يعود الى الثقافة اليهودية القديمة، المتسمة بالأخلاقيات الدينية·· والتي كان "كارتر" قد تعلمها وتلقاها في المدارس الدينية، والوجه الآخر·· هو لإسرائيل ترفض الالتزام بأبسط الحقوق البشرية!! وهذه هي إسرائيل التي اكتشفها "كارتر" في زيارته تلك·· ومن خلال لقائه بفلسطينيين من جميع المشارب أكدوا على حقيقة التعسف الإسرائيلي بحقهم·· المدني والعملي بل وحتى القضائي!!· بالنسبة "لكارتر" فإن اتفاقيات وجهود السلام إبان حقبة جورج بوش "الأب" وكلينتون·· سواء أوسلو·· أو مدريد·· كانت جميعها·· تتجمد عند التعنت الإسرائيلي·· في مقابل مرونة الأطراف الأخرى في الأردن وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية!! يخصص "كارتر" فصلا كاملاً لجهود "كلينتون" في إحياء مشروع السلام وفقا لاتفاقية "أوسلو" في ظل ظروف يرى "كارتر" إنها مناسبة·· فالانتخابات الفلسطينية سارت بشكل سلس·· والتصريحات الفلسطينية كلها متفاوتة، لكن الإسرائيليين بقوا على تعنتهم·· حتى مع قدوم حزب العمال بقيادة "إيهود باراك" في العام 1999، كان هنالك إجماع واتفاق إسرائيلي على عدم التمسك بقرارات الأمم المتحدة وبالتحديد، قرارا 242 و 338، ثم ليفجر أرييل شارون الوضع المتفجر أصلاً بذهابه مدججاً بمئات الجنود الى موقع قبة الصخرة المقدسة لدى المسلمين·· معلناً من هناك أن هذا الموقع الإسلامي المقدس سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الى الأبد!! ولتشتعل بذلك جذوة الانتفاضة الثانية!! يستعرض "كارتر" وبالتفصيل اجتماع القمة العربية في بيروت في ظل تصاعد الانتفاضة الثانية، وهو الاجتماع الذي أعطى فيه العرب وعلى لسان ولي العهد السعودي "الأمير عبدالله" الأمان لإسرائيل·· مع وعود عربية ببناء علاقات مباشرة مع إسرائيل!! وهي الوعود التي أجابت عليها إسرائيل بحملة عسكرية عنيفة قصفت ودمرت ثم طوقت مقر الرئيس الفلسطيني المنتخب "ياسر عرفات" ليأتيها فيما بعد الدعم الأمريكي في يونيو 2002 من خلال إعلان الرئيس بوش "الابن" أن مشروع السلام أصبح يتطلب رئيسا جديداً ولتستمر فيما بعد المماطلات الإسرائيلية التي وصلت أقصاها مع شروط الإسرائيليين التعجيزية لتطبيق "خارطة الطريق" التي كان الفلسطينيون قد وافقوا عليها·· وهو ما يراه "كارتر" استمراراً في النهج الإسرائيلي الرامي لتقويض كل مشروع للسلام!! كارتر يتحسر يستعرض "كارتر" في كتابه المهام التي قامت بها مؤسسة كارتر للإشراف على الانتخابات الفلسطينية منذ 1996·· ويتناول العديد من الروايات والأحداث التي تشير الى البطش الإسرائيلي للفلسطينيين والذي وصل الى حد محاولة حجب حقهم الانتخابي وكما حدث مع الناخبين من القدس الشرقية!! ثم يتوقف طويلا عند انتخابات يناير 2006 التي أشرف عليها مركز كارتر بالتعاون مع بعض المراقبين الدوليين·· والتي أفرزت نتجائها عن اكتساح حماس لـ 85% من مقاعد مجلس النواب الفلسطيني· مع آخر فصل من كتابه يتناول "كارتر" جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل بالكثير من الحسرة والأسف فالإسرائيليون يتصورون أن طوقا من الحديد سيؤمن لهم حماية من الفلسطينيين·· الذين أصبحوا معزولين بلا منافذ جوية أو بحرية مستقلة!! ويرى "كارتر" جاءت من أن جدار الفصل الإسرائيلي يعكس حقيقة المفهوم الإسرائيلي للتعايش السلمي مع الفلسطينيين!! هذا الجدار الذي "يعتقد" الرئيس الأمريكي جورج بوش بعدم فاعليته، بينما أدانت قيامه محكمة العدل الدولية واعتبرته غير شرعي ولا قانوني· لكن الحسرة التي عبر عنها "كارتر" جاءت من أن هذا الجدار العنصري قد اقتحم قدسية مقدسات كبيت لحم وجبل الزيتون المكان المفضل للمسيح ورفاقه· يختم "جيمي كارتر" كتابه بتلخيص كل مشاريع السلام العربي- الإسرائيلي التي لم يتحقق منها شيء بسبب غياب النوايا الصادقة، وهو يرى هنا أن هنالك معوقين رئيسيين للسلام الدائم في الشرق الأوسط، العائق الأول أن هنالك من الإسرائيليين من يرى أن من حقه احتلال ومصادرة حقوق الفلسطينيين!! أما المعوق الثاني·· فهو في ردود فعل بعض الفلسطينيين الذين يرون في الانتحاريين شهداء لقتلهم إسرائيليين!! والمخرج من تلك المعضلة كما يراه "كارتر" هو في إحياء مسيرة السلام من خلال مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين·· مع تكثيف الجهود لتطبيق خارطة الطريق!! ولكن في ظل شروط أهمها على الإطلاق أدرك العرب أن إسرائيل أصبحت أمراً واقعاً·· بالإضافة الى إقرار الإسرائيليين بالحقوق الفلسطينية خاصة في ظل العنف الإسرائيلي الذي اغتصب أبسط الحقوق البشرية للفلسطينيين!! بالإضافة الى ضرورة الحياد الأمريكي بهذا الشأن·· والامتناع عن تجاوز التصرفات الإسرائيلية غير المشروعة خاصة في ظل التعسف الأمريكي في استخدام الفيتو لحجب قرارات تدين إسرائيل·· وحيث استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لهذا الغرض لأكثر من أربعين مرة!! بعد ر حلة طويلة كهذه·· لا يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" محبطاً أو يائساً من تحقيق السلام في الشرق الأوسط·· طالما بقي هنالك مؤيدون للسلام في كلا الطرفين!! وهو هنا يذكرنا بكلمته التي ألقاها في الكنيست الإسرائيلي في العام 1979 حين قال "إن الشعوب تدعم التسوية، لكن القادة السياسيين هم الذين يعيقون السلام!!"· عندما يقول التاريخ كلمته سيشهد أن الرئيس الأميريكي السابق جيمي كارتر هو الذي أثبت أن العمل السياسي ليس مهنة بل رسالة لا تنتهي إلا بالموت. فما قام به الرئيس الأمريكي الأسبق من جهود على الصعيد الإنساني والسياسي بعد خروجه من البيت الأبيض أعظم من جهود عشرات الرؤساء مجتمعين· وها هو الآن في الثمانين من عمره وبعد 30 عاما على رحلته الأولى للشرق الأوسط لازال يحمل ملف قضية الشرق الأوسط مفعما بأمل التوصل إلى سلام عادل وشامل للصراع في المنطقة· وبكتابه الجديد << فلسطين: السلام لا .. الفصل العنصري>> استطاع كارتر أن يعيد الروح إلى الحق الفلسطيني ويفضح عدوانية الممارسات الإسرائيلية. ولكن ·· ما الذي سيجنيه جيمي كارتر من وراء الاصطدام باللوبي الصهيوني؟ ومن إثارة جدل واسع حول عنصرية إسرائيل؟· هل هو عمل شجاع لسياسي مخضرم حي الضمير ؟ أم أن ما يفعله هو لقطة من الدراما الحية المليئة بالتشويق والإثارة التي ميزت هذا الصراع الأزلي·؟ أيا كانت الإجابة فلا شك أن كتاب جيمي كارتر نجح في كسر التابوهات السياسية في أمريكا ، وفتح بابا واسعا للجدل حول سياسات إسرائيل التي نادرا ما تكون موضعا للجدل· أما في منطقتنا العربية فلقد تلقف النقاد كتاب كارتر الجديد مهللين بالنصر ووصفه بعضهم بالكتاب الجريء رغم أنه في بعض الأحيان لا يطابق الرؤى الفلسطينية و العربية للصراع العربي الإسرائيلي · فمن يقرأ الكتاب يكتشف أنه لم يقدم الشيء الجديد لقضية الشرق الأوسط، بل هو أقرب إلى سرد تفصيلي للحقائق التاريخية والانطباعات الشخصية والتجارب الإنسانية التي عايشها الرجل طول سنوات احتكاكه بأقطاب الصراع العربي الإسرائيلي· وإن كانت هناك جرأة فهي في عنوان الكتاب الذي هو بمثابة صرخة حق، وفي كون مؤلفه ليس محللا استراتيجيا ولا ناقدا سياسيا ولا صديقا للعرب بل رئيسا أسبق لأمريكا حليفة إسرائيل، وتربطه صداقة شخصية قديمة وحميمة بزعمائها· وتتلخص الأهمية الحقيقية للكتاب كونه قدم للقارئ الأمريكي تقريرا أمينا شاملا يشرح بصدق معاناة الشعب الفلسطيني ويلقي الضوء على السياسات المهينة التي تتبعها سلطات الاحتلال لقمعه· والحقيقة ·· أن البعد الأخلاقي لكارتر والذي ميز حضوره السياسي على الساحة الدولية لعقود من الزمان أفسد جهود كل من تآمروا لمنع الكتاب بل جعله على قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية· صدر كتاب <<فلسطين: السلام لا ·· الفصل العنصري>> في 14 نوفمبر الماضي عن دار نشر <<سيمون وشستر>>. وجاء في 264 صفحة مقسمة على 16 فصلا، تخللها تسع خرائط مهمة وملاحق لقرارات الأمم المتحدة ومقترحات عربية للسلام· وبالرغم من مرور قرابة الشهرين على صدور الكتاب إلا أن حملة الإساءة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي الأسبق من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لا تزداد إلا ضراوة· حتى أن اللجنة التنفيذية الأمريكية اليهودية، قالت من الآن فصاعدا لن يقدر كارتر على أن يكون وسيطا نزيها· وتسبب الكتاب في حملة هجوم واسعة شنتها صحف أمريكية موالية لإسرائيل في واشنطن شككت في نزاهة مهندس اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وأولت انتقاداته لقادة إسرائيل بعدم الموضوعية والتحيز للعرب! بدءا من عنوان الكتاب ومرورا بمحتواه المنتقد لإسرائيل وانتهاء بشخصية جيمي كارتر لم يسلم شيء من النقد والتجريح والسخرية، حتى أن صحيفة <<الواشنطن بوست>> التي تتزعم الحملة وصفت مقارنته كارتر جدار الفصل العنصري في إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالمقارنة الغبية وبأن الكتاب مطرقة على رأس إسرائيل. ووصفته جريدة <<لوس انجلوس تايمز>> بأنه هجوم مباشر على إسرائيل، وستكون له عواقب وخيمة. قال <<جاري ديرفنر>> وهو صحافي في جريدة <<جيروسالم بوست>>: لا اقدر على أن أقول أن كارتر يعادي اليهود· اعترف انه صديق لإسرائيل. لكن المشكلة هي انه يريدان أن يكون صديقا للعرب أيضا· ولن تقبل إسرائيل من احد أن يكون صديقا لها وصديقا للعرب في نفس الوقت· صديق إسرائيل الحقيقي هو الذي يعادي العرب!. كل هذه الجلبة·· وقليل هم الذين يعلمون أن كارتر اضطر إلى تخفيف بعض العبارات، وأجبر على حذف أخرى قبل طبع الكتاب تحت وطأة النقد اللاذع لوسائل الإعلام بعد أن تسربت لهم مسودة الكتاب. ثم أجبر كارتر مرة أخرى على تأجيل موعد النشر بناء على طلب من قيادات الحزب الديمقراطي ـ الذي ينتمي إليه كارتر- لضمان أصوات اليهود في انتخابات الكونجرس. وبعد ساعات من النشر سارعت <<نانسي بيلوسي>> الرئيس الجديد لمجلس النواب الأمريكي بإعلان براءتها من محتوى الكتاب، وأصدر <<هوارد دين>> رئيس الحزب الديمقراطي بيانا يؤكد دعمه لإسرائيل وينفي علاقة الحزب بكتاب كارتر. وحتى <<كينيث شتين>> المدير السابق لمركز كارتر تبرأ من كارتر وقال أن الكتاب مليء بالأخطاء. وكذلك فعل <<دنيس روس>> الموفد الخاص السابق إلى الشرق الأوسط في عهد كلينتون الذي اتهم كارتر بنشر خرائط ليست ملكه. وتنوي جماعات التصدي لحقوق اليهود رفع دعوى قضائية على كارتر تطالبه بالتعويض على إساءة السمعة.. ولا تزال الحملة مستمرة· تساؤلات·· بلا إجابات في مقدمة كتابه قال كارتر:<<لقد كانت أحد أهم أهداف حياتي منذ وصولي إلى البيت الأبيض وبعد مغادرتي إياه في عام 1980 أن أساعد على تأمين سلام دائم للإسرائيليين وللآخرين في الشرق الأوسط. وكثيرون هم الذين يشاركونني هذا الحلم وتتضافر جهودهم معي من أجل تحقيق السلام. ومن المفيد دائما أن نفهم الخلفية التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي ونعرف العقبات التي تقف أمامنا وندرك أنه لا بد من أن نصنع شيئا الآن كي يتحقق السلام غدا في المنطقة. << ثم استعرض كارتر أهم الأحداث التاريخية في المنطقة والتي قادت إلى إشكالية صراع تاريخي ذو صبغة دينية بدأ من هجرة خليل الله إبراهيم من أور كنعان عام 1900 قبل الميلاد وانتهاء بتولي <<أيهود أولمرت>> رئاسة الوزراء في إسرائيل في آذار (مارس) 2006 ميلادية مرورا بعشرات الأحداث والشخصيات التي لعبت دورا في الصراع>>. طرح كارتر علامات استفهام كثيرة تبدو لا نهائية وبلا إجابات عن إمكانية تحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين· فقال: ما هي شروط هذا السلام؟ وما الاحتمالات التي يقدمها المستقبل؟· وما الأرضية المشتركة التي يمكن لأطراف النزاع البناء عليها؟. وهل بات مطلوبا الدخول في أزمات جديدة محتقنة حتى تتدخل الأطراف الدولية؟ وهل يمكن لإسرائيل في ظل قوتها العسكرية الراهنة والدعم الأمريكي الكامل أن تهزم المقاومة العربية؟· لم يجب كارتر على أي من هذه التساؤلات.. إلا أنه نبه الدول الكبرى إلى أن شعوب المنطقة لديها أحزانها وغضبها وطموحاتها، لكن إسرائيل تبقى هي الهم الرئيسي والقبلة التي يتوحد عندها الغضب العربي. وأنه لا يمكن تجاهل احتقان الشارع العربي من تحالف أمريكا مع إسرائيل· لذلك آن الأوان أن تكون الولايات المتحدة شريكا عادلا في تحقيق السلام للطرفين وليست حكما ضد طرف واحد· فالعالم لازال ينتظر الدعم الحقيقي للسلام من الولايات المتحدة على أن تكون أمريكا طرفا يمكن الوثوق فيه· وطالب كارتر من الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن التساهل إزاء سياسات المصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية لأن ذلك هو سبب تصاعد الإرهاب العالمي الموجه للولايات المتحدة· وحدد كارتر الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني طبقا للقانون الدولي· منها حق تقرير المصير وحق التعبير وحق الفرد في معاملة متساوية وعدم الاعتقال دون سند والتحرر من سيطرة القوة العسكرية وحق الأسر الفلسطينية في لم الشمل وحق المواطنين المسالمين العزل في العيش بسلام. قال كارتر:<<أن المنطقة العربية تعيش ظروفا صعبة للغاية والمناخ السياسي متأزم لدرجة لم يشهدها تاريخ العالم من قبل. ومن هنا تكمن صعوبة التفاوض من أجل السلام. ولكي تستأنف المفاوضات لا بد أن تكون هناك ثلاثة أسس واضحة من وجهة نظره. أولها حق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام ضمن حدود معترف بها من قبل الفلسطينيين ودول الجوار. وثانيها أن تتفق الأطراف على أن قتل المواطنين العزل في إسرائيل وفلسطين ولبنان سواء عن طريق القنابل أو الهجمات الصاروخية أو الاغتيالات أو أية أعمال عنف أخرى هي أمور لا يمكن التسامح بشأنها. أما ثالثها فأن يعيش الفلسطينيون في سلام وكرامة على أراضيهم وفقا لما نص عليه القانون الدولي وأن تكون التعديلات المقترحة في التسوية السلمية بناء على التفاوض الإيجابي مع إسرائيل. وأضاف كارتر:<<لا بد للعرب أن يعترفوا بحقيقة أن إسرائيل أصبحت دولة لها وجود، كما على الإسرائيليين أن يقبلوا بوجود دولة فلسطينية. وأن معادلة السلام العادل على هذه البقعة الصغيرة والمميزة من العالم لابد أن تتحقق ضمن القوانين الدولية وتدعمها سياسة الولايات المتحدة وتباركها إرادة غالبية الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني>>. اعترافات كارتر·· كتاب كارتر <<فلسطين ·· السلام لا الفصل العنصري>> مليء بالاعترافات التي وردت على لسان كارتر بعضها يكشف مشاعره تجاه القضية أو تجاه شخصيات رئيسية. فعندما كان كارتر حاكما لولاية جورجيا التقى برابين والذي وجه إليه دعوة عام 1973 لزيارة إسرائيل. وكان كارتر حريصا على زيارة الأرض المقدسة خاصة فهو مسيحي متدين تلقى دروسا دينية في الكنيسة طوال عمره ثم أصبح معلما للإنجيل على مدى عشرين عاما. |
(ايبـاك) رأس حربة اللوبي الصهيوني لقد أصبح (اللوبي الصهيوني) وعلى رأسه(ايباك)، شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل. وليس غريباً أن يقول أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي: «نحمد الله أن لدينا ايباك أعظم مؤيد وصديق عندنا في العالم بأسره».ولعله من المفيد بداية الإشارة إلى الجدل القائم حول حقيقة (اللوبي الصهيوني)، وهل يسيطر فعلاً على السياسة الأمريكية، أم أن النخب السياسية والاقتصادية الأمريكية هي من يوجه بوصلة عمل هذا اللوبي.وبهذا الصدد فإن وجهة نظر المفكر الأمريكي اليهودي (نعوم تشومسكي) هي أن (اللوبي الصهيوني) لا يبلور السياسة الأمريكية، بل يجسد مصلحة أصحاب رأس المال والنفوذ في الولايات المتحدة، الذين يقفون وراء السياسة الامبريالية الأمريكية ويستغلون إسرائيل لتحقيق أهدافهم.أما المفكر الإسرائيلي (يوري أفنيري) فيعلق على من يقول بسيطرة (اللوبي الصهيوني) على السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل، وبين من يقول بأن اللوبي وإسرائيل في خدمة أصحاب رأس المال والنفوذ الأمريكيين، ويتساءل: «هل الكلب يلوح بالذيل، أم الذيل يلوح بالكلب؟» وانتهى إلى القول بأن «التكافل الأمريكي – الإسرائيلي هو ظاهرة مميزة ومعقدة جداً، حيث لا يمكننا وصفها بأنها غير مجرد مؤامرة. إن الكلب يلوح بالذيل، وإن الذيل يلوح بالكلب، أي أن كلاً منهما يلوح بالآخر!».ما هي لجنة (ايباك)لقد استفادت الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بتشكيل مجموعة ضغط تحقق أهداف وغايات الحركة الصهيونية، بالاستناد إلى القانون الأميركي الصادر عام 1946، الذي أعطى الحق للجماعات المختلفة في تشكيل مجموعة ضغط تضمن مصالحها. واعتماداً على القانون المذكور استطاعت الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية (ايباك) aibac عام 1951، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها (لوبي صهيوني). ويعتبر (سي كنن) الذي سجل اسمه في سجلات وزارة العدل الأمريكية مؤسسها، وفي الوقت ذاته يعتبر وكيلاً لدولة أجنبية. وتتألف لجنة (ايباك) من رئيس ومدير تنفيذي. ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي ، ومنظمة (بناي بريث) اليهودية، في دعم لجنة (ايباك)، لخدمة إسرائيل، وذلك من خلال دعم (اللوبي الصهيوني) وزحف نفوذه في الكونغرس والبيت الأبيض، ومراكز القرار الأخرى في الولايات المتحدة. وتبلغ ميزانية (ايباك) السنوية 50 مليون دولار. وتعقد مؤتمراً سنوياً يتسابق في حضوره كبار السياسيين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. ويبلغ عدد أعضاء (ايباك) حوالي مائة ألف عضو منتشرين في الولايات الأمريكية كافة . وتركز (ايباك) نشاطها على أعضاء الكونغرس، وتجري أكثر من 2000 مقابلة سنوية معهم، لحثهم على اتخاذ قرارات لصالح إسرائيل . فقد أنتجت تلك المقابلات عام 2005 أكثر من 100 قانون مؤيد لإسرائيل. وتحرص (ايباك) على أن يحضر ممثل عنها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف صغيراً كان أم كبيراً. أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائماً عضو من الجماعات المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس ويطالع سجله بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع بزيارات من (ايباك). ولدى لوبي (ايباك) قدرة تنظيمية وبحثية وتمويلية تتمتع بقوة هائلة داخل الكونغرس، منعت في السابق من إصدار قرارات تضر بإسرائيل، حيث نجح أعضاء (ايباك) في ربط أنفسهم بأجندة المحافظين الجدد بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001، كما لـ(ايباك) قوة تنظيمية كبيرة في مراكز الأبحاث والقرار، عدا عن دعمها المالي الكبير لمرشحين تراهم الأفضل في تأييد إسرائيل داخل المؤسسات الأمريكية المختلفة. وأنشأت (ايباك) مركز أبحاث (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) عام 1985، بهدف إعداد ونشر أبحاث عن منطقة الشرق الأوسط وفق وجهة النظر الإسرائيلية ويتم رفعها لأصحاب القرار. وتصدر (ايباك) مجلة بعنوان (تقرير الشرق الأدنى) كل أسبوعين، وهي مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.إستراتيجية (ايباك) في دعم وحماية إسرائيللقد وضعت لجنة (ايباك) إستراتيجية تنطلق منها في دعم وحماية إسرائيل، وعدم الاكتراث حتى بالمصالح الأمريكية، فالولاء لإسرائيل يتقدم كثيراً على الولاء للولايات المتحدة.يقول طوبي شوفيتز المتحدث باسم لجنة (ايباك): «نحن منظمة أمريكية أو لوبي إذا شئت يعمل لمساعدة إسرائيل ومناصرتها وتأييدها». وأبرز أهدافنا كما يقول شوفيتز: 1- تعليم المواطن الأمريكي العادي كيف يهتم بإسرائيل، ويؤمن بقضيتها، إذ أن مساندة إسرائيل مسألة متوارثة في الولايات المتحدة وعلى مستوى شعبي. 2- منذ ولاية هاري ترومان نحن منظمة لا نتمتع بتسهيلات ضرائبية ولا نحقق منافع شخصية. 3- هدفنا تنمية الصداقة بين إسرائيل وأمريكا. 4- نحن ناشطون داخل الكونغرس وداخل المؤسسات ومراكز العلم والاقتصاد. 5- مؤيدونا متواجدون داخل الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري. 6- منا من يؤيد حكومات الليكود في إسرائيل، وبعضنا يؤيد حكومات العمل. 7- إننا متفقون على مناصرة إسرائيل. 8- نحن لا نقترب أو نبتعد عن إسرائيل لأن حكومة هذا الحزب في السلطة أو خارجها. وطورت (ايباك) أهدافها في الولايات المتحدة إلى: 1- تنسيق الأهداف والاستراتيجيات والتكتيك بين الولايات المتحدة وإسرائيل. 2- تخزين معدات عسكرية وذخيرة ووقود أمريكي في إسرائيل لاستخدامه خلال أزمات المنطقة. 3- استخدام ميناء حيفا لتقديم التسهيلات للأسطول السادس الأمريكي. 4- استخدام القواعد الجوية الإسرائيلية والمطارات والإمكانيات الأرضية. 5- بناء محطات إستراتيجية جوية في إسرائيل للاستخدام الأمريكي. 6- تمرير السلاح الأمريكي والمعدات عبر إسرائيل. 7- توفير الحماية الإسرائيلية للخطوط البحرية الأمريكية والمصرية. 8- تعاون أمريكي- إسرائيلي عسكري لإعادة توازن القوى في لبنان. 9- مناورات عسكرية أمريكية- إسرائيلية مشتركة. ورغم تلقي (ايباك) صفعة قوية عام 2004 بعد إدانة (لورانس فرنكلين) محلل الشؤون الإيرانية في وزارة الدفاع الأمريكية بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، عن طريق (ايباك)، التي استبقت الإدانة وقامت بطرد موظفين يعملان لديها، لهما علاقة بعملية التجسس، إلا أن مكانتها مازالت على حالها من القوة والتأثير داخل مركز صنع القرار الأمريكي.ويشير (حسن صابر) في صحيفة (الوطن) السعودية نقلاً عن الباحثة الأمريكية (كارول سيلفرمان) تأكيدها في دراسة أعدتها جامعة فرجينيا الأمريكية، إلى أن (ايباك) تتمتع بقدرة فائقة في التأثير على لجان الكونغرس، وأنها نجحت في أن ينظر الأمريكيون إلى سياستهم تجاه الشرق الأوسط على أنها ذات أبعاد داخلية. ويحرص مندوبوها على حضور جلسات الكونغرس عندما تدور المناقشات حول إسرائيل وقضايا الشرق الأوسط.وبفضل (ايباك) وبقية أركان اللوبي اليهودي الأمريكي استطاعت إسرائيل أن تحصل على مساعدات أمريكية إضافية تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار. أما أهم أنشطتها المتعلقة بإسرائيل، حسب الدراسة الأمريكية، فتتضمن متابعة اهتمامات الإدارة الأمريكية بالملف النووي الإيراني ومحاولة التأثير فيه، بحيث تتمكن من تحريض واشنطن على ضرب إيران، كما تولي (ايباك) اهتماماً بضرورة استكمال تنفيذ القرار 1559 الخاص بلبنان وتفكيك قوات حزب الله. والأكثر من ذلك يتردد في واشنطن أنه كان لها دورها في أن تغفل إدارة الرئيس بوش عن حدود 67 وقضية اللاجئين الفلسطينيين، لتحقق إسرائيل ما تصبو إليه من توسيع في الاستيطان ورسم حدودها بالطريقة التي ترضيها.جورج سوروس في مواجهة (ايباك)مما لا شك فيه أن نتائج انتخابات الكونغرس التي جرت أواخر العام الماضي، والهزيمة التي حصدها حزب الرئيس بوش الجمهوري أمام الحزب الديمقراطي، قد صدع من مكانة المحافظين الجدد المتحالفين مع (ايباك). الأمر الذي شجع الملياردير اليهودي (جورج سوروس) على محاولة تشكيل (لوبي يهودي) جديد في الولايات المتحدة أواخر تشرين الأول من العام الماضي، ليكون نداً لـ(ايباك). وجاء الإعلان عن هذا اللوبي الجديد والذي لم يعلن عن اسمه في واشنطن. وتكشف طبيعة الشخصيات التي التقت مع سوروس وجماعته، أنها شديدة المعارضة للروابط الوثيقة بين (ايباك) والمحافظين الجدد. كما عقد سوروس اجتماعاً ثانياً في نيويورك أواخر العام الماضي، وقد بدت في هذا الاجتماع ملامح التوجهات العامة لهذا اللوبي الجديد، والتي برزت في الدعم اللا محدود لمراكز الأبحاث ذات الصلة بالحزب الديمقراطي، والدوائر الاجتماعية والثقافية المعارضة لسياسة بوش في الداخل والخارج . ومن الشخصيات التي حضرت الاجتماعين (بيتر لويس) رجل الأعمال اليهودي والمساند للحزب الديمقراطي، والأخوان (إدجار وتشارلز برغمان)، والأول خبير في شؤون الشرق الأوسط وسبق أن ترأس (المؤتمر اليهودي العالمي) والأخوان متبرعان سخيان لإسرائيل، و(بيرادي لي) رئيسة فرع حركة (السلام الآن) الإسرائيلية في الولايات المتحدة، و(دانييل ليفي) مستشار الوزير الإسرائيلي (يوسي بيلين).ويرى المراقبون أن تشكيل لوبي يهودي جديد في الولايات المتحدة يقف في وجه (ايباك) ليس بالأمر السهل فـ(ايباك) ذات تاريخ طويل وقوة متنفذة داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته. كما لا يمكن الحديث عن اختلاف جوهري بين جماعة سوروس و (ايباك) ،فكلاهما يسعيان لمصلحة إسرائيل وإن اختلفا في التوجهات، وكان سوروس قد كتب مقالاً في صحيفة (جون افريك) حمل عنوان (لنتحرر من نفوذ ايباك) وأكد سوروس في مقاله أنه متمسك جداً بمسألة بقاء واستمرار إسرائيل،وأنه لايريد أن «يمنح ولو ذرة طحين إلى أعداء إسرائيل» وحول قوة نفوذ (ايباك) قال سوروس: «كل شخص يجرؤ على التنديد بنفوذ (ايباك) يعرض نفسه للويل والثبور وعظائم الأمور».وهكذا وبعد كل ما تقدم يتضح أن لجنة أو منظمة (ايباك) تساهم بشكل أساسي في تغذية العدوان الإسرائيلي المستمر على الأمة العربية. كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز دعائم العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية وعلى كافة الأصعدة. المصدر اوراق 99 |
<$BlogDateHeaderDate$>
وفاة الضحية '157' من المرضى بسبب الحصار الإسرائيلي
<$BlogDateHeaderDate$>
على محطة قطار سقط عن الخريطة
بوش اثبت انه صهيوني اكثر من وزراء اسرائيل
بوش اثبت انه صهيوني اكثر من وزراء اسرائيل